آخر الأخبار
لماذا يخاف البعض من استعادة الأحزاب دورها؟
من خلال الجدل القائم حول إشهار تكتل الاحزاب السياسية، يبرز سؤال مهم لماذا يهاب البعض تكتل قوى سياسية في بلد فيه احتقان سياسي؟، غياب الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان وتغليب الاستبداد والضغوط الاقتصادية والاجتماعية وتردي الوضع التنموي والمعيشي، سبب انهيارا واضحا في مؤسسات الدولة والقوانين والتشريعات، وأفقد البلد السيادة والشعب الإرادة ، وصارت التدخلات السياسية هي مصدر السلطة.
الاحتقان السياسي من مظاهر العنف، لا يفتح أي مجال للتنفس السلمي، عنف يخون ويجرم ويكفر كل صوت معارض ورأى مخالف وحق مكفول، عنف بقبضة أمنية توصد كل سبل الوسائل السلمية والتكتلات الحزبية.
قد نتفق مع القول إنها أحزاب أكل الدهر منها وشرب، وبعضها كان من ضمن المشكلة ذاتها، ولكنها اليوم في وضع مختلف، تعرضت للتفكيك، وجردتها الحرب من قيود الفارس الهمام والقائد الاوحد، والنفوذ القبلي والسلالي والعسكري ، هي اليوم بحاجة لتستعيد دورها وتعيد إصلاح مسار العملية السياسية.
في الوقت الذي نشكو من احتقان سياسي عطل حياتنا وسد أفق التحول والتغيير، وأذاقنا مرارة العيش ، وتنهار أمام أعيننا الخدمات والعملة والتعليم والاقتصاد والسياسة، ونكاد نموت جوعا وحاجة.
وعندما تبدأ القوى السياسية تلملم شتاتها وتعيد ترتيب أوراقها ، لتتجاوز الاحتقان السياسي، وتفتح نوافذ للتنفس السياسي والفكري، تبرز أصوات ترفض أي محاولة لفتح منافذ تنفس سياسي حقيقي يعيد تصحيح مسار التحول والتغيير.
هذا الأصوات لا تريد للقوى السياسية أن تعيد تنشيط العملية السياسية، لأنها ستعيد للنظم والقوانين دورها، والدستور كضابط لإيقاع الحياة والعلاقات بين الناس، مع الاحتفاظ بحق كل القوى وكل القضايا على الساحة، إنهاء الفوضى والشطط والتهور والعنف، والتهديد والوعيد ، وجمله من الاتهامات والتخوين، وتوزيع صكوك الوطنية لذوي القربى والقرية، والانتهاكات والسجون السرية، وكشف قضايا المخفيين قسرا ، وفتح مجال لشراكة حقيقية ، يتطلب تشكيل جبهة عريضة، تبدأ من استعادة دور الأحزاب أعمدة العملية السياسية، لتحدث استقرارا سياسيا يدفع لتنمية اقتصادية حقيقية، وينهي الاحتكار الرأسمالي الذي يتشكل على أسس مناطقية وجهوية داعمة لاحتكار السلطة والثروة.
لماذا يخاف البعض من استعادة الاحزاب لدورها، خوفا من انتهاء دور الجهوية المناطقية والطائفية والمذهبية، دور السلالات والقبيلة التي همت لتعيد لنا مشاريع المستعمر الذي رفضها شعبنا منذ الأزل وقدم من أجل تحرير الوطن منها التضحيات الجسام في ثورة سبتمبر وأكتوبر ، وحقق النظام الجمهوري.
الجمهورية التي قدم الجنوب قبل الشمال من أجل إعلانها دماء زكية، فالأحزاب إذا حضرت حضر معها المشاريع السياسية، وسيعلن كلا منهم مشروعه الحقيقي، من مع الجمهورية ومن يريد أن يعيدنا لما قبل الجمهورية ، والشعب سيحكم والصندوق هو الحكم.
بصراحة أقولها لقد شعرت بالغثاء من الشعارات التي رددها البعض والكلمات البذيئة التي أطلقها البعض، ويبقى لماذا نسمح لمثل هؤلاء ليمثلوا قضية عادلة وشعب راقي وثقافة سامية ومجتمع متحضر، ممن مدفوعون هؤلاء لكي يقدموننا بهذا القبح.
*المقال خاص بالمهرية نت *