آخر الأخبار

أكتوبر بين فكر الثورة والفتنة 

الأحد, 13 أكتوبر, 2024

61 عاما على إشعال فتيل الثورة أكتوبر، الثورة التي قرّر فيها الثوار بمختلف مشارفهم السياسية والفكرية، على طرد المستعمر وفرض استقلال عدن التي كانت محمية بريطانية، نحو استقلال الجنوب اليمني، وتوحيد السلطنات والمشيخات في اطار دولة وطنية حرة ابية.
مهما اختلفنا سيبقى المناضل راجح بن غالب لبوزة اول شهيد للثورة ومشعل فتيلها ، الثورة التي تخلقت فكرتها في عدن، حيث المخاض السياسي والفكري، في فكر رائد التنوير العدني محمد علي لقمان، وصحيفة فتاة الجزيرة والقلم العدني والايام ، وصدرت عدد من الصحف والمجلات، منذ ان عرفت عدن الطباعة، وادخلت بريطانية اول مطبعة عام 1853م لتغطية احتياجاتها.

عدن مأوى النعمان والزبيري وكل المعارضين السياسيين واصحاب الفكر والكلمة، و تأسيس الاتحاد العمالي في 3 مارس 1956م ، و كان نواة الحركة الوطنية، حيث تخلق حزب الشعب، وكان المحرك للاحتجاجات العمالية، التي تحولت لاحتجاجات سياسية تطالب باستقلال عدن، والحفاظ على موروثها العربي والاسلامي، رفض التغيرات الديمغرافية التي كان المستعمر يحدثها، الدفاع عن الهوية العدنية العربية ، ولغتها السامية، ومن حينها ما زالت عدن لليوم تطالب بحق ابنائها بالوظيفة وادارة شؤون مدينتهم، وفي خضم هذا المخاض تشكلت الجمعية العدنية، عدن الوعي الديمقراطي والحقوقي، والمجلس التشريعي الذي تصدى للمستعمر وسياساته الخبيثة لتأسيس كيان تحت الوصاية البريطانية، ليكن مثيل الكيانات الطارئة التي زرعها المستعمر في المنطقة، وما زال الزحف على المجلس التشريعي 1962م  لرفض انضمام عدن لمشروع المستعمر( الجنوب العربي )ماثلا امامنا .

هذه عدن ومجتمعها المتنوع والمتعايش الراقي والواعي، برز منه نخبة من الثوار، فجروا قنبلة المطار في 10 ديسمبر 1963م بقيادة خليفة عبدالله خليفة ، لاستهداف المندوب السامي وعملائه في مطار عدن وهم ذاهبون للتوقيع على وثيقة ( الجنوب العربي) الكيان الذي اراد زراعته المستعمر تحت وصايته.

عدن حيث ترمومتر حرارة الروح الوطنية والعربية مرتفع جدا، لحد ان صور جمال عبد الناس و قادة الامه العربية والاسلامية ترفع في الشوارع والبيوت والمقاهي، وما زالت لليوم المقاهي العتيقة في عدن تزين جدرانها صورة قادة سبتمبر واكتوبر والقادة العرب.

هذه المدينة الثائرة التي جمعت الجبهة القومية وجبهة التحرير والرابطة وحزب الشعب وعدد من المنتديات والجمعيات والاتحاد العمالي، استطاع هذا التنوع الفكري و العرقي ان يتعايش، وكانوا يقاتلون جنبا لجنب، وتشكلت جبهة التحرير من المستعمر من كل هذا التنوع ، الذي اخاف المستعمر، وارسل ادواته لإثارة فتنة فجرت حرب اهلية ابان الاستقلال، تم فيها تصفية المناضلين والاحرار، بدأت هذه التصفية من عدن، بتصفية جبهة التحرير وكوادر عدن المهنية والعلمية ، بهدف افراغ عدن من كوادرها وتدمير مقوماتها السياسية والاقتصادية والاجتماعي، واستمرت عملية التصفية في اطار الجبهة القومية ثم الحزب الاشتراكي، على شكل وجبات عنف وحروب ما زالت اثارها ماثلة اليوم ، ما لم تكن هذه التصفية ما زالت تعمل للخلاص من كل فكر وطني وقومي وكل تواق للاستقلال والسيادة ، ورفض الوصاية والتبعية.

كل هذا كان مخططا لتسليم عدن لمن لا يعرف اهميتها وقيمتها التنموية للنهضة اليمنية والعربية، والهدف تحييد عدن من أي منافسة حقيقية، عدن المركز التجاري والاقتصادي الهام ، ثاني ميناء عالمي، اليوم تعيش اوضاع مزرية وجوع ومجاعة وعنف وتجهيل وفقر ، لم يبقى من عدن غير صراخ اوجاع الماضي، وغارقون في تلك الفتنة التي زرعت وما زال دابرها يمتد ويتشعب، وتائهون عن الحق والعقلانية وحب عدن ، بسبب جهل وتخلف وقلة وعي لم يستوعب الدروس والعبر، ولله في خلقه شئون.