آخر الأخبار
الروح الثائرة في مليونية عشال
بعد أن اصبحت قضية عشال رأي عام، استطاعت فرز قوى الحرية والتغيير التي وجدت في القضية فرصة لتغيير حقيقي يصلح مسار التحول، والقوى التي تمكنت من السلطة، وهي اليوم تتخندق بها وترفض أي تغيير قد يطولها، وأي إصلاح مسار قد ينحيها، وأي محاسبة قد تدينها، وهي اليوم تقف موقف الرافض لمطالب مليونية عشال التي تدعو لفتح ملفات المخفين قسرًا والسجون السرية، وإصلاح مسار أدوات العمل السياسي والأمني والعسكري، التي أثبتت فشلها وتمادت في انتهاكاتها، وشكّلت منظومة فساد أراضي وإيرادات وجبايات، وأصبحت حجر عثرة في طريق التحوّل السياسي واستعادة الدولة المنشودة.
قضية عشال هي الفرصة السانحة لإحداث تغيير حقيقي على واقع بائس، وعشر سنوات من العبث و زمن مهدور مثخن بالمصالح والفشل الذريع في تقديم نموذج حقيقي يقودنا لمستقبل أفضل.
ليس عيبًا أن نخطئ ولكن العيب أن نستمر بالخطاء، وبهذا العيب لن نصنع التاريخ، بل ندمر كل منجزات الثورة وانتصاراتها الموثقة، بل نقتل الروح الثائرة بالجماهير، الروح التي تصدت لصلف دكتاتورية النظام وفساده وانتهاكاته وبطشه، هي نفس الروح التي تتصدى اليوم لصلف دكتاتورية القوى المسيطرة وفسادها وانتهاكاتها وبطشها، هي الروح التي تراقب وتنقض في الوقت المناسب إذا ما وجدت أن المسار انحرف، وأن القيادة تذهب بها لمسالخ الأعداء.
ما علينا إلا أن نستدعي تلك الروح الثائرة القابعة في وجدان شعبنا، إرادة الناس التي فوضت وهي وحدها القادرة على سحب التفويض، الجماهير التي تشكل اليوم مليونية عشال ما زالت لليوم تتحمل صلف القيادة في الانتقالي، الذي أنتج حصاد الهشيم في كل جوانب الحياة، وجعل عدن وأبين ولحج ساحة للأزمات يأخذ بعضها برقاب بعض، تسبب في انسداد سياسي كونه يستخدم القوة في فرض ذاته ويقصي ما لا يعجبه ويختار من المعجبين والطائعين له، انسدادا أفقدنا سلطة الدولة، لتتشكل سلطات متعددة الولاءات والانتماءات وارتباطاته بالخارج، ولكل منها قواه العسكرية والأمنية، وكلا له سجونه وقوانينه وطريقة تعامله مع الآخر، فصار الاختطاف واقعًا والمداهمات حقائق ماثلة، والسجون وما يحدث فيها يندي له الجبين، وقضية عشال كشفت الكثير من المتوقع وغير المتوقع.
هذا الواقع لا يمكن السكوت عنه، ولا يمكن أن تتحول القضية الجنوبية لقيد يطوق رقابنا لنستسلم لمثل هذه القوى البشعة، التي تعتبر أي خروج عن طوعها هو خروج عن القضية الجنوبية، هي نفس العقلية التي تريد أن تحكم بالحديد والنار وعلينا الخضوع لها تحت عناوين مختلفة، إذا سقط الانتقالي من البديل، شعار يعيد لنا خطاب النظام السابق عفاش، وصدق عفاش عندما قال خبز يدي والعجين.
أيها الشعب الثائر، عليكم مقاومة من وسع مساحة فقركم وبؤسكم وجعل أولادكم جنودًا تحت سلطته، ومن يرفض فالبطالة مكانه والفقر والجوع مصيره، أيها المطحونين من حدة الفشل يومًا بعد يوم حتى شارف الوضع للانهيار التام، أيها الفاقدون لحقوقكم ومستحقاتكم هبو لاسترجاعها من أفواه اللصوص والفاسدين.
لم تكن قضية عشال والمخفين قسرًا والسجون السرية والانتهاكات إلا نتائج للهشاشة الأمنية وتعدد الأجهزة وتراخي بعضها وانتشار السلاح والمظاهر المسلحة خارج القانون، إضافة إلى ما تشهد المناطق من أزمة وطنية حادة.
استعادة الروح الثائرة التي حطّمت جبروت نظام عفاش وحدها القادرة على إخراجنا مما نحن فيه، بقيادة حكيمة وعقل راجح، ومصداقية ولا قبول للوصاية والتبعية للخارج، شعب ثائر يرفض كل التدخلات والسيناريوهات ويطالب بتسليم القتلة والمجرمين الذين يحتمون في دول الجوار.
ستبقى قضية عشال والمخفيين قسرًا قضية وطن وكل مواطن شريف وثائر وطني حر.
*المقال خاص بموقع المهرية نت