آخر الأخبار

حينما يتحول الوطن إلى حلبة صراع مزمن!

الجمعة, 09 أغسطس, 2024

نحن في بلد يمتلك من المقومات البشرية والمادية ما تجعله في صدارة العالم المتطور، فأرضنا تختزن ثروات وموقعنا استراتيجي هام.


المشكلة التي نعاني منها هي السلطة، لم نصل بعد لوعي يحررنا من صراع الهويات الصغيرة(مناطقية، طائفية، حزبية، عقائدية) على السلطة، صراع ينتج لنا سلطات تنحاز لهويتها الصغيرة، على حساب الهوية الوطنية.. هذا الانحياز يسيد علينا أدواته التي ترى الوطن مجرد حلبة صراع مع الآخر ، من سيطر على هذه الحلبة امتلك السلطة، وصار من حقه الثروة، ليتحول الوطن لغنيمة يعبث بها كما يشاء.


ما نحن فيه اليوم هو نتاج لمخاض صراع بين تلك الهويات الصغيرة، التي حولت الهوية الوطنية لمجرد مقدس في معبد للعبادة، تحرسه الهوية الصغيرة، هي التي تحدد من يحق له عبادة ذلك الصنم من لا يحق له ذلك، ويحتدم الصراع بين حارس المعبد والمحرومين ومن نعمة العبادة.


لا نحتاج أن نستعرض مراحل الصراع الدامي على السلطة في الجنوب والشمال، لكننا سنجد أن المشترك فيهما هو حول السلطة والثروة.



لا نقلل من إنجازاتنا التي تفوقنا فيها عن محيطنا، من حيث إرساء نظام جمهوري دستوري، وهامش ديمقراطي محترم، وتعدد سياسي وحرية في الممارسة السياسية، كان لدينا سلطة ومعارضة، ومع مرور الوقت اكتشف الناس أن كل ذلك لم ينتج لهم تداول حقيقي للسلطة، الضامن الحقيقي لتوزيع عادل للثروة.


ولا معنى للحديث عن الوطنية والديمقراطية والتعدد السياسي، ما لم يكن ذلك ضامنا لمبدأ التداول السلمي للسلطة، ليس على مستوى الوطن ولكن على مستويات الأحزاب والمنظمات والاتحادات والمؤسسات، حتى لا تتحول الوظيفة لملكية خاصة ويصعب فيها محاسبة وتغيير القائمين عليها.


ما لم تنضبط السلطة بإرادة الجماهير تتحول لقيد ثقيل على حرية تلك الجماهير، خاصة إذا ما وجدت حماية من الهوية الصغيرة والجهوية، تتحول لسوط مستبد وظالم وباغي على الآخرين ، يريد أن يخضعهم لسلطته، ومن هنا فإن موضوع التداول السلمي للسلطة يشكل هدفا جماهيريا للحد من تعسفها واستبدالها.


وتبرز أهمية ذلك المبدأ في كونه يمثل الركن الأساسي في النظم الديمقراطية التي تعني بحقوق الإنسان وتصون كرامته فهو يمثل النمط المدني للسلطة ضد النمط العسكري أو الدكتاتوري المستبد.


مع الأسف إشكاليتنا هو أن القوانين والدساتير تعالج هذه المساءلة ، وفي التطبيق يتحايل عليها من يتربع السلطة، ليضمن بقاؤه أكبر فترة زمنية، فيها يمارس العبث والتحايل، والنتيجة أن السلطة تتحول ملاذ للمنتفين الذين يعيشون على حساب الناس وهم يعانون من نتائج الفشل والفساد. ومع الأسف، السلطة المستبدة هي التي تنتج لنا الفساد والإرهاب ، وهي نفسها تتشدق بمحاربة الفساد والإرهاب ، وتشكل لذلك أدواتها التي تحمي الفاسدين وتمارس الإرهاب بأنواعه، والسبب أن إرادة الجماهير مصادرة.


الضمان الوحيد للتداول السلمي للسلطة هي إرادة الجماهير، التي يكفل لها الدستور والقوانين والتشريعات والبرتوكولات الدولية، الحق في التعبير عن رفضها لممارسات السلطة المستبدة والمتجبرة، رفضها لاستحواذ فئة على السلطة والثروة ، لتحرم الآخرين حق المشاركة والتداول السلمي للسلطة.



الأنظمة المستبدة هي الأنظمة التي يرعبها تحركات الجماهير، أول ما تقوم به هو قمع أي تحرك جماهيري، تعتقد أنها ترهب الناس لتحافظ على سلطتها، والجماهير صبورة وتتحمل ولكنها إذا انتفضت تتحول لبركان ثائر، يزلزل كل طاغوت ومستبد، وإذا الشعب يوما أراد الحياة .. فلابد أن يستجيب القدر.  


*المقال خاص بالمهرية نت*

هل يدرك ابن زايد خطورة مؤامراته؟
الإثنين, 02 سبتمبر, 2024
بالاستقلالية تتحرر الأرض
الاربعاء, 21 أغسطس, 2024
الناقد لواقع التجبر
الاربعاء, 14 أغسطس, 2024