آخر الأخبار
عدن المنكوبة فسادا
عدن المدينة المنكوبة فسادا، فساد سياسي على كافة المستويات والقطاعات، فساد استهدف الثورة والتغيير والتحول المنشود، استهدف أحلامنا وتطلعاتنا في مستقبل وضاء، استهدف قناعاتنا وقيمنا وأخلاقياتنا ومبادئنا، فساد انتهك عذرية الثورة قبل أن تحقق أهدافها، واستهدف كل عقل ثوري تحرري، فسادا باع وطن مقابل التسليح والتمكين، فساد عسكر المذهب والقبيلة، وشكل مليشيات جهوية مناطقية تنتهك حقوق المواطنة والشراكة والتوافق على وطن يستوعب الجميع.
عدن منكوبة في صراع بين عاصمة مؤقته وعاصمة أبدية ، صراع جعلها تعيش في ظلام دامس، وفقر مدقع، وجوع ومخافة، صراع تقوده أصنام الفساد السياسي، التي تحولت لهوامير، امتهنت خطاب الوهم المشبع بالنفاق والتزلف والتغرير، في مسرحيات هزلية لا نحتاج فيها غير قائد همام ورعاع يصفقون له، وكم كلب حراسة يضبطون المشهد، ولا يسمحون للعقل أن يخرج عن السيناريو.
نكبة مدينة في صميم روحها الأخاذ في تعايش نسيجها المتنوع، في أهم مقومات النهضة وهي الشراكة السياسية، في ضرب أدوات التنمية السياسية(الأحزاب) لتتصدر المشهد جهوات مناطقية مذهبية، تضيق حلقاتها لسلالية قروية، تتوحش لتدمر مقومات المدينة الثقافية والسياسية والاقتصادية، توحش الاستبداد واختيار أدواته من أسوأ البشر، ممن تعفنت نفوسهم فسادا، وازدادوا جشعا في البسط والسطو والنهب والانتهاكات، والصور أقبح من أن توصف بالكلمات والجمل، بروائح تزكم الأنوف، فزاغت بسببها الأبصار ، وبلغت القلوب الحناجر.
كهرباء عدن الثقب الأسود الذي يستنزف المال، ولا ينتج كهرباء ، ولا ماء، ولا حياة كريمة، ولا عقل اقتصادي يستطيع أن يضع حلا للمعادلة ونتائجها السلبية، وانعكاساتها على البلد وعلى عدن والناس الطيبين فيها، ثقب أسود بقلوب سوداء، تحاول أن تعكر صفوا بياض قلوب المجتمع المدني، وتحتكر كل شيء، والمال هو عصب الحياة، وعندما يتشكل ذلك الكم من المصارف والبنوك والمولات من لا شيء، لاحتكارات تتحكم بالصرف والعملة، بالراتب وترصد حياة الناس البسيطة في حسابات مالية واستخباراتية مرتبطة ببطائق الكترونية وابعد من الإلكترونية.
عدن اليوم المستباحة حقوق ومواطنة، تعيش رعب الانفجار القادم، وخطاب التهديد والوعيد، عدن الفوضى التي قضت على الدولة ومؤسساتها، وما زالت تستهدف ما تبقى من عبق تلك الدولة، استهداف البريد العام بعد أن استهدفت الاتصالات العامة، واستهدفت السيادة، وصار كل ما يتعلق بالدولة بيد لا دولة.
كل كشوفات وهياكل موظفي الدولة العسكرية والأمنية والمدنية بيد مصارف وبنوك خاصة، تلك الهياكل التي كان ذات يوم تسريبها يعتبر خيانة وطنية، واليوم صارت الخيانة واقع، والخائن يصدر قرارته دون خجل وحيا.
قرارات باعت وطنا وباعت المواطن، الذي يقف اليوم في طابور طويل مجهد مرهق ليحصل على فتات راتب لا يفي متطلبات كم يوم، وينتظر إعانة أو معونة من منظمات نصفها يذهب لجيوب الهوامير، ما يؤكد أن المتعففين يموتون في بيوتهم دون ضجيج ولا عزاء، بعضهم لا يجد قيمة الكفن والقبر، وسلام الله على فاعل الخير، و ما تبقى للناس غير الخير والتكافل الاجتماعي للطيبين والخيرين.
وأخيرا نقول تلك الهوامير خذوا السلطة والكراسي واتركوا للبسطاء وطن وكرامة وعزة وشرف، قبل أن ينتفض الناس وتذوقون طعم المهانة التي أذقتموها لهم، ولو دامت لغيرك ما وصلت إليك ، ودولة الظلم ساعة ودولة الحق حتى قيام الساعة والظلم ظلمات يوم القيامة.
*المقال خاص بالمهرية نت *