آخر الأخبار

أعوام تمضي وأوجاع تتسع!

الاربعاء, 27 ديسمبر, 2023

أوشك عام 2023 أن ينتهي، أيام قليلة ويلف هذا العام صفحاته مودعا لنا، تاركا في وجوهنا علامات التقدم بالعمر، وفي أجسادنا وخزات؛ بل طعنات من طعنات الزمن الذي يمر على الإنسان وهو يعيش في وجع مستمر لا يتركه كما تتركه الأعوام.

على عجالة من أمره مر هذا العام على الرغم من الأحداث المأساوية التي شهدها الإنسان اليمني فيه؛ فلم يكن عام خير وسلام عليهم، رغم أخبار السلام التي طفحت بها وسائل الإعلام؛ بل كان عام ثقيل متعب، أيامه مليئة بالعناء والخوف والفقر والجوع والحرمان، والتخبط في الحياة بحثا عن الحياة دون جدوى.

ينقضي هذا العام وسيأتي آخر بعده لينقضي؛ ولكن الحقيقة أنه خلال هذه الأعوام يدفع الإنسان اليمني ثمنا غاليا لكل يوم مر فيه، ثمنا غاليا لكل ساعة من الزمن قضاها ويقضيها
وهو يصارع تقلبات الحياة، ويحاول أن يخفف عن نفسه وأهله القليل من العناء والمرارة ولكنه لم يجد لذلك سبيل؛ فكلما مر يوم، يأتي يوم آخر بحاجة لمزيد من البذل والإرهاق والعناء، بحاجة إلى مزيد من الجري وراء كسرة من الخبز الجاف وقليل من الماء؛ لتستمر الحياة وتبقى الأرواح وسط الأجساد.

الأحداث المأساوية التي شهدها الواقع اليمني خلال هذا العام لا حصر لها، ولعل الوضع الاقتصادي المنهار، والتذبذب المستمر لسعر العملة المحلية هو أبرز ما عانى ويعاني منه المواطنون اليمنيون الذين طالما حلموا بغد جميل، غد تكون فيه الحياة يسيرة ومقومات الحياة من مأكل ومشرب متوفرة لديهم، لكنه- للأسف الشديد- كان عاما موجعا ، مليئا بالجوع والفقر والمرارة؛ بسبب انهيار العملة المحلية في الجنوب، تلك التي لم تعد لها قيمة وإن توفرت، وبسبب عدم توفر هذه العملة في جيوب المواطنين ولا في أيديهم في الشمال؛ ليحاولوا أن يستخدموها بحذر وتدبير.

كلما مر عام، يتفاءل اليمنيون بالعام القادم؛ لعله يأتي لهم بشيء ذي قيمة، يرفع من مكانة الإنسان ويخفف عنه الأوجاع التي راكمتها عليه سنين الحرب، يعلقون آمالا كبيرة على العام المقبل؛ لعل خيرا يأتيهم من بين ثناياه؛ لكنهم يتفاجؤون بأوجاع جديدة تخرج لهم من رحم السياسة ومن أفواه تجار الحروب؛ لتزيد الأوجاع اتساعا وتختفي بوادر الأمل في أدراج الإهمال، ويستمر الصراع وما يخلفه من مرارة كبيرة يدفع ثمنها الإنسان اليمني الأعزل.

عام مضى ولكن الأوجاع لم تمض؛ إنها مستمرة في حياة الإنسان اليمني، ترافقه كما ترافقه أنفاسه، تلاحقه من مكان لآخر كشبح يحاول أن يفتك بصاحبه، لن تنتهي هذه الأوجاع إطلاقا، ما دام الساسة لا يعرفون إلا أنفسهم وذويهم، ولا يهتمون إلا بذواتهم وأهلهم، ويتركون ما دون ذلك إلى اللا مبالاة، لن تنتهي أوجاع الإنسان اليمني، ما دام تجار الحروب وصانعو القرار ينظرون للجانب اليمني بعين الطمع ومحاولات الاستحواذ على الممتلكات والسيطرة على مؤسسات الدولة ومميزاتها، فكل ما يحدث يلخص في أنها أعوام تمضي، وأوجاع تتسع.

المقال خاص بالمهرية نت
 

المزيد من إفتخار عبده