آخر الأخبار
دموعٌ من خلف الشاشات!
نلاحق أخبار غزة من قناة إلى أخرى، ومن موقع لآخر، نبحث بين الحروف التي سُطرت عن بصيص أمل يخبرنا أن الأمور بخير وأن غزة عادت للحياة من جديد، توقفنا صور الأطفال الذين يرتجفون من الخوف، والذين يبكون لفقد والديهم، والذين هم قتلى محملون على الأكتاف، والذين يخرجون من تحت الأنقاض مفزوعين لا يقدرون على النطق ببنت شفه، نبكي كثيرًا وكأننا نعيش وسط المشهد وكأننا نحن من فقدنا ونحن من عشنا ذلك الرعب والألم، وكأننا نحن الذين أصبحنا بلا سكن ولا مأوى، نتألم وكأن جروحًا مفتوحة وضعت في أجسادنا للتو.
ما نزال نتابع على الرغم مما أصاب قلوبنا من عجز وأعيننا من قلق وخوف، يشدنا الشريط الأحمر الذي يسطر أسفل الشاشة، كلمة" عاجل" توقفنا عندما نراها، نسأل أنفسنا: ما الجديد في الأمر يا ترى؟، ما الذي لم يفعله الاحتلال الصهيوني الغاشم بعد، ما هو الجرح الجديد الذي تم فتحه الآن، بالتعاون مع المخذلين من العرب؟.
لا نتفائل بهذه الكلمة" عاجل" في الكثير من الأوقات؛ لأننا نعرف حجم الخذلان الذي يتعرض له أبناء غزة، ندري بحجم المؤامرات التي تحاك ضد الأبرياء والعزل من النساء والأطفال هناك، عرفنا خلال هذين الشهرين الماضيين كم خذلهم الصديق قبل العدو؛ ولذا أصبحنا نخاف من الجديد ومن العاجل أيضًا.
نتابع أخبار جنود غزة البواسل والشجعان الذين يسطرون أروع الملاحم والبطولات ويلقنون العدو دروسًا مفادها أن المحتل لا يدوم وإن سانده العالم أجمع، وأن صاحب الأرض قوي وصاحب الحق لا يهزم على الإطلاق، ومع كل ضربة يضربها القسامي نكبر فرحًا، ونسعد كلما سددوا هدفًا، ترفرف قلوبنا وكأن كل تلك الأوجاع قد انتهت ولم تعد في الوجود، عندما نرى العدو يأن ويتخبط إثر الخسارات التي أصابته في جنوده وعتاده نفرح كثيرًا وتذرف أعيننا دموع النصر والفرحة.
في الوقت ذاته يستوقفنا فيدو قصير لطفل يتحدث عن معاناة أهل غزة من الجوع، كيف يقتصدون بالأكل الذي يحصلون عليه، كيف يقضون نصف نهار على نصف رغيف، هنا يصيبنا الحزن العظيم، نشعر بالذنب الكبير، نشعر أننا إذا ما ابتسمنا فنحن نخذلهم وإذا ما أكلنا أو شربنا نحن نخذلهم أيضًا وأن بقاءنا هو خذلان لهم.
نسأل أنفسنا مرات ومرات: ماذا لو كنا حكامًا؟ هل كنا سنتركهم كما فعل حكام العرب؟ ثم نغرق في ملذاتنا كما يفعلون الآن متناسين ما يحدث لإخوانهم في الأرض المقدسة؟ نسأل أنفسنا هل يا ترى يتابع حكام العرب أحداث غزة أم أنهم في غياب تام عما يحدث هناك؟.
يا أبناء غزة: نعلم جيدًا أن الدموع لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا ترد مصابًا ولا تشفي جرحًا، لكنا نذرفها ونخبر الإله ونبرأ له مما فعل السفهاء منا من خذلان تجاهكم، نسأل الله أن يجعل بنصره لكم وأن يهلك عدوكم ويخزي القوم الظالين.
* المقال خاص بالمهرية نت