آخر الأخبار
سلام وموت وأحلام
راقب اليمنيون جهود السلام بأمل كبير وسعادة لا توصف، كيف لا وهم الذين ذاقوا الويلات الكبيرة وعصفت بهم الحرب والأزمات المتتالية وكان حالهم إزاء هذه الجهود كسجين وجد ثقبًا يُدخل له النور ويتطلع من خلاله لعالم الحرية وحياة العز والكرامة، سعدوا كثيرًا بتلك الجهود وكانوا يتطلعون من خلالها إلى الخروج من دوامة الصراع والوصول إلى سلام حقيقي دائم ينسيهم معاناة سنوات الحرب المشؤمة.
عزز سعادتهم تلك أن الفترة القريبة الماضية شهدت تطورات سريعة، لا سيما ما حدث في ملف الأسرى والمختطفين من إفراج لعدد كبير منهم، كل ذلك كان من شأنه أن بعث روح الأمل في نفوس اليمنيين، وشد الانتباه ولفت الأنظار تجاه نبذ الاقتتال والعنف والصراع، ليبدأ الناس في صنع أحلامهم التي كانت الحرب عائقا أمام تحقيقها- وإن كان صنع الأحلام في مخيلاتهم فقط-.
لكن هذا الأمر طال، وطال كثيرًا حتى أن الذي كان يبدو سهلًا يسيرًا غدا صعبًا وبعيد المنال، وفودٌ سعودية زارت صنعاء وأخرى عمانية، المبعوث الأممي هو الآخر كانت له تحركات في صنعاء وعدن ظنها الشعب أنها تبشر بالخير، وآخر هذه الجهود الوفد العماني الجديد الذي زار صنعاء وغادرها وسط جهود حثيثة من قبل سلطنة عمان من أجل حل أزمة اليمن ، والحال لا تزال كما هي، وكأن كل ما تم سابقًا لا معنى له، وبالفعل هو لا معنى له لدى الشعب المتعب، فالشعوب عادةً لا تؤمن إلا بما تجده وتلسمه في أرض الواقع وتعيشه قولًا وفعلا وكل ما حدث ويحدث اليوم من مباحثات لم تؤت ثمارها الكبيرة لهذا الشعب الذي ما زال يتجرع الأمرين ويكابد الحياة القاسية التي فرضها عليه تجار الحروب وبائعو الأوطان.
اليوم الوضع المعيشي الذي يعيشه الإنسان اليمني يمضي بعجالة نحو الأسوأ والأوجع، غلاء فاحش في أسعار المواد الغذائية، تصعيد عسكري من قبل الحوثيين في الكثير من الجبهات، ضحايا الألغام المزروعة وضحايا قناصة الحوثيين ما تزال تتكاثر فكل يوم يمر تتصدر قائمة الأخبار العديد من الضحايا المنقسمين بين موت وإصابات بليغة.
أخبار تتداول على مواقع الأخبار والإعلام بشكل عام عن سلام سيحدث في اليمن، وفي أرض الواقع يحدث أن السلام لا وجود له، لا وجود هنا إلا للموت المستمر الذي يلتهم خيرة أبناء الجمتمع، لا وجود إلا للجوع الذي ينهش أجساد المعدومين، لا وجود إلا للخراب والتدهور الذي يتوسط المؤسسات ويطغى على قلوب السياسيين.
لم يعد الشعب يصدق أن سيكون هناك سلام في اليمن؛ فالتجارب السياسية الماضية التي أصيبت بالفشل تلو الآخر قد جعلت اليأس يسيطر على قلوب الييميين؛ حتى أن السؤال الذي كان يشغل أذهانهم، هل ستحل الأزمة اليمنية ويتحقق السلام الدائم في اليمن؟، لم يشغل أذهانهم بعدما طال انتظارهم ثم لم يجدوا غير السراب.
* المقال خاص بالمهرية نت*