آخر الأخبار
أرجوكم.. لا تقتلوا العمل الإنساني في اليمن!
يمر عامٌ ويأتي آخر، والأوضاع المأساوية في اليمن تزداد قساوتها على الإنسان اليمني، الأمر الذي أوصل الناس إلى حافة المجاعة؛ بل إلى المجاعة ذاتها، جوعٌ يحيط بالإنسان هنا من ناحية ومن الناحية الأخرى تحيط به الأمراض والأوبئة فتتركه صريعًا يتلوى، إذا ما حاول أن يؤثر الأكل على الدولاء يزداد عناءً نتيجة المرض، وإذا ما حاول أن يلتفت للصحة ففي هذا الوقت لن يستطع أن يوفر ثمن العلاج ولا قوت يومه.
كان هناك بصيص أمل وثقب صغير يتنفس منه اليمنيون ويتطلعون من خلاله للأمل المخفي وراء دخان البارود وستائر الحرمان، إنه العمل الإنساني الذي يعيش عليه غالبية أبناء اليمن، الذين تقطعت بهم السبل وأضنكتهم الحرب الدائرة في البلاد، الحرب التي لم تهدأ نيرانها ولا مظالمها، جاءت بالموت والبطالة وأهلكت الناس إثر اشتداد الفقر.
العمل الإنساني في اليمن هو بلسم لآلاف اليمنيين، الذين يظلون ينتظرون قدومه من شهر لآخر، فقد اعتمدت الكثير من الأسر اليمنية على مساعدات هذا العمل بعدما فقدت معيلها أو فقد المعيل مصادر الدخل التي كان يغيث أسرته من خلالها.
كيس من الدقيق والقليل من الزيت وحبات معدودة من الفاصوليا، هذا الأمر قد يكون قليلًا ولا فائدة مرجوة منه بالنسبة للأغنياء الذين استفادوا من الحرب في ملئ جيوبهم وزيادة أردصدتهم البنكية، لكنه في الوقت ذاته يعني الكثير لذلك المواطن المغلوب على أمره، الذي أحرمته الحرب حقه في الحياة الكريمة وأصبح دخله الوحيد هو حصوله على المساعدات الإنسانية.
إن إعاقة العمل الإنساني لأي سبب من الأسباب وتحت أي ذريعة من الذرائع أمر ممقوتٌ دينيًا وعرفيًا وأخلاقيًا؛ بل إنه قتل للإنسان، قتل للأبوة والأمومة والطفولة، إغلاق لمنافذ الأمل التي يعيش عليها الملايين من الناس هنا داخل هذا البلد الذي طحنته الحرب والأزمات، تمامًا كما تفعل الرحى بالحبوب.
أوجعنا جدا مقتل أحد موظفي برنامج الأغذية العالمي، شعرنا بالحزن العميق عندما سمعنا نبأ، اغتيال أحد الرموز الانسانية مؤيد حميدي، رئيس مكتب برنامج الأغذية العالمي.
إن فقدان اليمن لأحد موظفي المساعدة الإنسانية ليس بالأمر السهل إطلاقًا ، خصوصًا وأن هذا الفقدان جاء عن طريق الاغتيال، وهذا ما سيجعل الملف الإنساني يزداد تعبًا وعناء، ولنا أن نتخيل مدى الألم والصعوبة التي ستحل بالمواطنين إثر خسارة كهذه.
حادث مؤلم جدا ومؤسف في الوقت ذاته، أن يتعرض للاغتيال الشخص الذي ترك بلده الآمن وجاء لينقذ الإنسانية من الموت جوعًا، هذا الوجع أكبر من أن يوصف، إنه جريمة لا تغتفر وضرر محدق ستنعكس دواعيه على المظلومين، الأبرياء الذين سيتضررون من إعاقة العمل الإنساني داخل البلد.
أرجوكم لا تقتلوا العمل الإنساني في اليمن! فهو شريان حياة الملايين من الأبرياء، والأمل الكبير لهم بعد الله، دعوا المواطن يستفيد ويبقى على قيد الحياة، لا تشعبوا نزواتكم بما يعود بالضرر على أمة متعبة.
المقال خاص بالمهرية نت