آخر الأخبار
حصارُ تعز.. ثلاثة آلاف يوم من الوجع وتغاضي العالم!
ثلاثة آلاف يوم والحصار ما يزال يخنق مدينة تعز وأبناءها، على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي والعالم الذي قابل هذه الجريمة النكراء بأذنٍ من طين وأخرى من عجين، لم يستمع إلى أنين الموجوعين داخل هذه المدينة، الذين تقطعت أوصالهم وحرموا من أبسط الأمور الحياتية كالزيارة للأهل والأقارب، وباتوا لا تصلهم أساسيات الحياة إلا بعد شق الأنفس، الأمر الذي جعل المدينة مرميةً في زاوية النسيان، يكابد أهلها الكثير من المعاناة في سبيل البقاء على قيد الحياة.
منذ انقلاب الحوثيين على الشرعية، ومدينة تعز تعاني من الحرمان المرير؛ إذ تكالب عليها الحصار من جهة والقصف من الجهة الأخرى بالإضافة إلى حرمان أهلها من مساعدات الدعم الإنساني التي تقدم للمتضررين من الحرب ولا تعرف المدينة وأهلها عن الكثير منها إلا أرقامًا تعلنها المنظمات الدولية والإقليمية تتصدر عناوين الأخبار في الصحف والمجلات والقنوات التلفزيونية، فيما المواطن هنا يكابد مرارة الحرمان، ويظل يجري جاهدًا وراء الحصول على كسرة خبز يابس ورشفة ماء، والكثيرون لا يحصلون عليها.
وجعُ هذه المدينة أكبر من أن يوصف وأوجع من الحديث عنه في سطورٍ أو مؤلفات، فلم تكتفِ مليشيا الحوثي في حصار المدينة بإغلاقها للمنافذ ولكنها بين فينة وأخرى تواصل زهقها للكثير من أرواح الأبرياء والعزل في هذه المدينة بأسلحتها الثقيلة والخفيفة التي تداهمهم على حين غفلة من أمرهم فتودي بحياة الكثير منهم وتترك البعض الآخر جرحى يتلوون ألمًا ومرارة، وكأن هذه المليشيات موكلة بمهمة إبادة الإنسان التعزي، الإنسان الواعي المثقف صاحب الفكر السديد والنظرة الثاقبة، الذي أصبح وجوده يشكل خطرًا كبيرًا على حياتها ويعمل على هدم مشروعها السلالي العدائي حتى وإن كان محاصرًا.
يعلم المجتمع الدولي جيدًا بهذا الجرح التعزي النازف، يعلم بالجروح الغائرة التي تتوسط جسد هذه المدينة وبالضحايا الذين يسقطون جرحى وشهداء في كل يوم من المواطنين العزل، الذين يحق لهم العيش في سلام كبقية أبناء المجتمعات ما داموا لم ينخرطوا في حرب ولم يشاركوا في نزاع، لكن المجتمع الدولي يدير ظهره عن هذه القضية الإنسانية من الدرجة الأولى، ويعزف عن أن يخوض غمار تجربة لإنهاء معاناة مدينة بأكملها، وفي الوقت ذاته يولي اهتمامه أمورًا أخرى أقرب وصف يليق بها هو أنها تافهة ولا قيمة لها.
ليس لهذا الحصار الخانق المفروض على تعز من هدفٍ سوى منع الإنسان التعزي من أن يعيش حياته متمتعًا بحقوقه المشروعة في الحياة والتي هي حقٌ لكل البشر ومنعها يعد جريمة في حق الإنسانية جمعاء، ولكن المجتمع الدولي إلى الآن ما يزال ينظر لهذا الحصار بالعين العمياء ويستمع لأنين الموجوعين بالأذن الصماء، في الوقت الذي تُجْبَر فيه الشرعية على تقديم التنازلات تلو التنازلات مقابل وضع حلول لإنهاء الحرب، الحلول التي ما تزال حتى الآن في علم الغيب ولم يظهر منها أمرٌ جديٌ على أرض الواقع.
*المقال خاص بالمهرية نت*