آخر الأخبار
شبابٌ يقاطعون حفلات الزفاف التي يطلق فيها الرصاص!
إطلاق الرصاص في الأعراس من الأمور التي يتباهى بها البعض ويتضرر منها البعض الآخر، وإن ضررها لأكبر من نفعها بكثير، فرب رصاصة طائشة ضرب بها أحد الحاضرين للعرس- ليعبر عن سعادته به- أودت بحياة من كان يستحق أن يعيش سنينًا طويلة، وتركت بعدها جرحًا مفتوحًا يصعب تضميده.
يتباهى اليمنيون- منذ القدم- بإطلاق الرصاص الحي في الأعراس، ويعدون ذلك ثقافة مجتمعية محببة، ومن الأمور الجميلة التي تشير إلى أن العرس الفلاني كان جميلًا ورائعًا حسب ما تم رمي الرصاص فيه، فقد جعلوا إطلاق الرصاص معيارًا للحكم على جمال العرس أو قباحته، وهذا الأمر- بلا شك- ينبئ عن جهلٍ يتوسط من يؤمنون بهذه الثقافة؛ إذْ إن إطلاق الرصاص لا يضيف لأجواء العرس إلا مزيدًا من القلق والتوتر، ليس لمن هم في المكان فقط؛ بل للمنطقة المجاورة كلها، وإن أضرار ذلك كثيرة، وكثيرةٌ هي القصص التي تحَوَّلَ العرسُ فيها إلى مأتم نتيجة هذا التباهي وقلة الوعي.
أن تتم مقاطعة حفلات الزفاف التي تطلق فيها الرصاص، من قبل الكثير من الشباب فهذا من الأمور الجميلة والبوادر الطيبة التي ستنقذ حياة الكثير، وفي الوقت ذاته تظهر مدى الوعي المجتمعي الذي يتحلى به هؤلاء الفتية الذين فضلوا السلام على الخوف والهدوء على الإزعاج الذي لا فائدة منه، وهذا ما حدث في بني أحمد بمديرية سامع - ريف تعز- إذْ قام مجموعة من الشباب بإصدار قرار يفضي بمقاطعة حفلات الزفاف التي يتم فيها إطلاق الرصاص سواء كان من أهل العرس أم من الحاضرين، كما أكدوا على التجار في المنطقة بضرورة عدم توفير وبيع الرصاص للمقبلين على شرائها من أصحاب الحفلات، ووضحوا للشباب المقاتلين في الجبهات بألا يكون حضورهم للحفلات مشروطًا بإطلاقهم الرصاص لأجل ألا يكون حضورهم حضور قلق وهمٍّ ومصدر لمشكلة هم في غنى عنها.
هذا القرار- بلاشك- ذو أهمية بالغة، يوحي بمدى الوعي الذي يتحلى به شباب سامع، فقد وصلوا لقناعة تامة أن هذا الأمر لا يأتي إلا بالمصائب، وبالتالي فقد وأدركوا المخاطر الناتجة عن ذلك وعملوا لتفاديها، والأمر ليس بالعسير، لكنه يحتاج إلى قوة وفهم وإدراك ثم إلى عمل ومتابعة من أجل أن يعم هذا القرار ريف تعز كله واليمن أجمع.
ما أجمل أن تعلو ثقافة الوعي المجتمعي والقيم النبيلة على العادات السيئة التي لا تعمل على إزهاق الأرواح وحسب؛ بل تعمل- إلى جانب ذلك- على إهدار المال الكثير الذي يجعل صاحب العرس يخرج منه بكم هائل من الهموم الثقيلة، والديون المتراكمة عليه، فلو لم يقع حادث موت أو إصابة بالغة بالعرس ناتج عن إطلاق الرصاص ، فمن الطبيعي أن تحدث غرامة مالية يدفعها أصحاب الحفلات فقط من أجل إحداث الكثير من الضوضاء خصوصًا في هذا الواقع الذي أصبح السلاح فيه بمتناول الجميع سواء ممن يحسنون استخدامه أو من غيرهم... نأمل كثيرًا أن ينتشر هذا الوعي السليم في اليمن أجمع.
المقال خاص بالمهرية نت