آخر الأخبار

العلاقات وخطايا المواقف 

السبت, 13 يونيو, 2020

برز الجدل حول ما يسمى قانون الزكاة والخمس الصادر من قبل الحوثيين،..جدل المصدومين بالحدث بتناثر أطنان من الأفكار المدنية التي ترفض الحدث، في بعضها كان مراهناً عن الجماعة كحالة ثورية، تلبي قناعاته ومزاجه، وتحقق له رغباته بالانتقام من الخصوم، في موقف تكتيكي مخزٍ للقيم والمبادئ وأخلاقيات الثورة والتغيير والتحول المنشود لدولة ضامنة للمواطنة والمساواة والحقوق والعدالة، خزي وعار، نقطف ثمارها اليوم.
 
وكيف ينصدم العقل والمنطق من جماعة سلالية طائفية  ترى أن الله اصطفاها عن البشر؟، وتتجاهل كتابه وهو يخاطب الرسول عليه الصلاة والسلام (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ ) وقال في كتابة ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)، أي إسلام يعتنق هولاء؟!..هل إسلامنا دين المحبة والمساواة والتسامح، أم لهم دين آخر نجهل نصوصه؟..وكيف يجهل مسلم تربى وورث الدين بعناية أجداده وأسلافه؟.
 
القانون حصيلة لخطيئة كبرى شارك فيها عدد منا، خطيئة لم نرَ غير اليسير من مصائبها، وما خفي كان أعظم، خطيئة تمس كرامة الأمة، وتنتزع حريتنا وتفقدنا عزتنا والمواطنة، وسنفقد وطننا لنكن مجرد عبيد وشقاه للسيد وأتباعه، خطيئة ساهم فيها بعض الرفاق وزملاء النضال الأممي والوطني، وبعض الأخوة.
 
هل نتملك اليوم من الشجاعة لننتقد الذات ونقيم المواقف والاختيارات؟!..لنصحح الاعوجاج، ويستقيم الاصطفاف الوطني، ليصحح الخطيئة ومسار التحول الثوري، لنعود لجادة الصواب، ومخرجات حوار وطني، ومسودة دستور، نحقق فيها ما نصبوا إليه من استقرار سياسي واجتماعي وتوافق لوطن يستوعب الجميع بكل أطيافهم وأفكارهم وأعراقهم دون حساسية، متجاوزين الماضي وتراكماته وثاراته، اصطفافاً في مواجهة المشاريع الصغيرة التي تفتت وتشرذم وطن وتنهك أمة.
 
نحن مجتمع يكرر أخطائه، مغرم بالتفاهات، ويصفق للتافهين، والشواهد كثيرة، يصحوا متأخراً، بعد أن يجد نفسه ضحية مواقف واختيارات مخزية، ولنا في المنعطفات التاريخية عبر، في الجنوب والشمال، وكأنه مجتمع عصي على التغيير، بحكم العصبية والجهل نتعلق بالشعارات، ولانهتم بالثقافات والقيم والمبادئ والأخلاقيات وهي تنهار أمامنا على الأرض، يكفي شعاراً ولافته ومنصة، وميكرفون وهتاف، وطبل ومزمار وصراخ، والنهاية خذلان وقهر كلما مر زمن، وتقهقرت  التطلعات والطموح والآمال.

مأساتنا في الوعي، وعي يدرك أن مشكلتنا ليست في تنوعنا ولا اختلافاتنا بل فينا، وفقداننا لمستوى من الوعي  يتقبل هذا التنوع وهذا الاختلاف، ليجعل منه ثراءً ثقافياً وفكرياً وسياسياً يصنع نهضة وتقدماً ليلحق بتطورات العصر والمرحلة.

وعي يدرك أن الخلل فيك لا في غيرك، في تقديم نفسك للآخر بصورة أكثر رقياً وتحضراً، لتكن المبادر الايجابي في صنع العلاقات وبناء جسور للثقة والطمأنينة للآخرين، بفكر جديد ومختلف يزرع روح التفاؤل في تغيير حقيقي للعلاقات ليتغير الواقع لما هو أفضل.

تصحيح العلاقات، يحافظ على التنوع ويدعم إيجابية الاختلاف ليساهم في اصطفاف وطني وإنساني ضد كل المشاريع الصغيرة الطائفية والمناطقية، ضد الكراهية والعنصرية، للخلاص من الخصومة الفاجرة والصراعات المدمرة والحروب العبثية، والله الموفق.

المقال خاص بموقع (المهرية نت)