آخر الأخبار
عدن ما بين السلبية والإيجابية
الشارع العدني اليوم بائس جداً، لكل فرد وعائلة حكاية حزن وألم، وفي كل مرحلة صراع كانت عدن هي الضحية.
والمطلوب أن تتجاوز عدن دور الضحية، وحالة البؤس، ولن يحدث ذلك، بمزيد من بث روح السلبية في خطابنا حول همّ عدن، وهموم أبنائها.
ما أمسّنا اليوم في عدن للروح الإيجابية، المستبشرة والمحبّة والمُوقنة بالنجاح، هي التي تحقق النصر والتقدم والسعادة، وتذلل العقبات، وبها يسود التعاون.
بالعقلية الإيجابية ستنهض عدن من كبوتها، وتتجاوز قهر السنين، وبؤس عنف المراحل، من خلال بث روح المحبة بين أبنائها، ليشكلوا قوة تعي ما معنى أن يوحدوا صفوفهم، ويتجاوزوا الماضي بكل عثراته ومصائبه، للتعافي من أمراضه، ويستعيد المجتمع العدني صحته، ويتعافى من كل الأمراض التي أصابته وأقعدته، في قوقعة الشكى والبكاء، ليشكل قوة ضغط في مواجهة التحديات، مجتمع قادر أن يقلب طاولة المماحكة على رؤوس أصحابها، ويستطيع أن يشكل رأي عام مؤثر وفاعل في كل قضية صغيرة وكبيرة، من خلال ترشيد الخطاب، الذي يجعل الآخر يقبل صاغراً بطرح المنطق والعقلانية.
لا نحتاج اليوم للخطاب المتشنج والمتعصب، وخطاب التخوين والتشكيك ببعضنا، خطاب فيه من المزايدة على بعض، وتقليل من جهود بعض، وتدمير معنويات بعض، وإثارة النزعات والنزاعات، خطاب الدعوة للعنف وكراهية الآخر، والتنمر على بعض، خطاب يفقد القضية عدالتها، ليجعل منها قضية ثأر واستئثار.
ما تحتاجه عدن اليوم أكثر من أي وقت مضى، أن يتوافق أبناؤها على كلمة سواء، يوحدوا صوتهم في مواجهة الأصوات التي تضر بعدن، أرض وإنسان وهوية المكان وإرث وتاريخ الزمان، يبقى السؤال ما هو المعيق؟!
المعيق أنه كلما برزت أفكار تدعو للتوحد، تبرز سلبية المكونات المثخنة بالصراعات والتفكك والتشظي، في تنافس عقيم من هو السبّاق، وعلى الجميع أن يتبعوه، في مسيرة ظلت تعيد ترديد مآسي عدن، دون أن تضمد جراحها، سلبية أفقد المجتمع العدني روح الإيجابية، والمبادرات والأفكار التي ترتقي بالمجتمع، وتنهض به لفرض واقع أفضل.
أطلقت فكرة ائتلاف أبناء عدن، وظلت تلك الفكرة تقاوم، في مخاض عسير بين مكونات وشخصيات، وكلما حاولنا أن نجدد من روح الفكرة، وننقلها من حالة الصراع والتشظي، لحالة التوافق والتآخي والتسامح، من أيادٍ مثخنة بالفراق، لأيادٍي طبقة أرقى فكراً وثقافة وعلما، شخصيات اجتماعية وأكاديمية، نصطدم بنفس الواقع، الذي يواجه كل فكرة بالشكوك والظنون، وكل ورقة عمل تحمل أفكار ورؤى، بورقة شكوى واتهام.
سيظل المخاض عسير، بين من يريد لعدن ائتلاف شعبي جماهيري يوحد صفوف أبنائها، ويجمعهم على كلمة سوى، وروح واحدة تدافع عن الحق السياسي والاجتماعي والاقتصادي لهذه المدينة، وتحمي إرثها وتاريخها وثقافتها من الاندثار، وتحفظ حقوقها المدنية، كمدينة كونية، ونسيج متنوع، وثقافة متعددة، وتعايش كل هذا التنوع والتعدد، وبين القابعون في دور الضحية يشكون ويبكون.
هموا يا أبناء عدن من كبوتكم، وارتقوا بقضيتكم، وانهضوا بمجتمعكم، ووحدوا صفوفكم على الحق، وشكلوا رأي عام قوي، يجعل من صوتك مزلزل للطغاة والمستبدين والمستأثرين والعابثين بعدن، واتركوا ماضي عفن، الغوص فيه يزيد من حالة العفن، هموا لتغيير هذا الواقع لتكونوا رقماً مهماً ومؤثراً يصنع تغييراً لعدن والوطن، والله معكم ما دمتم مع الله ومع قضيتكم الحقة.