آخر الأخبار

هل غلبتنا العصبية ؟! 

السبت, 06 يونيو, 2020


ما نحن فيه , هو غفلة  زمن لم ندرك ما كنا بحاجته وقتها , فلو أدركنا حاجاتنا , ماكنا اليوم مخذولون من انفسنا , مقهورون من واقعنا الذي صنعناه بأيدينا , كنا بأمس الحاجة للثورة ,وهي بأمس الحاجة لتسامحنا مع ماضينا وتصالحنا مع انفسنا , وقد عرفنا مكامن الاخطاء والثغرات و كنا قادرين بحب على  تجنب تكرارها , كنا بحاجة ان نستخدم عقولنا اكثر من عواطفنا ,وان نصطف مع وطن اكثر من اصطفافنا للنزعات الاصولية والاثنية والعرقية  وأدلجتها , كنا بحاجة لوعي يدرك خطورة الصراعات والتناحر كمصدر للمهالك , لنتجنب جلد بعض وقهر بعض , والتقليل من قدرات بعضنا بعض , هل نحن مجتمع يحتضر ؟! , ام لازال لديه روح , تتسأل لماذا سقطنا هذا السقوط المخزي ؟ ولم نرتقي في سلوكياتنا وثقافتنا وافكارنا لنكن في مستوى وحجم تحديات الثورة وقيمها ومبادئها , سقوط لقاع اسي من العصبيات القذرة , مشحونون كراهية واحقاد وضغائن , مأسورين لماضي عشش  في اذهاننا وافكارنا ,يدفع بنا للعنف والانتقام , جعل من بعضنا عنصريون بأرواح  جفت انسانية .

 
كل مجتمع يحتضر هو ضحية  التهور والشطط والعواطف والحماس الغير واعي , فيتربع لقيادته  الفشل والنفاق والطمع والجشع , فتشترى  ضمائرهم  ببخس الاثمان , فتقدم الامة لقمة صائغة  للقوى الطامعة في ارضها وما وهبه الله من موقع استراتيجي , ومنافذ وسواحل غنية بالخيرات , وارض حبلى بالثروات , وتاريخ وحضارة عريقة , لتنجو عليها ان تنهض من الموت السريري , وتستعيد الحياة بتساؤل   لماذا ابتلعت الطعم ؟ , ولم تفرق بين القشة التي استنجدت بها , والعصاء التي تجمع القطيع لحضيرة , او حلبة صراع , فيها تتم التصفية , والبقاء لمن يمتلك العنف ودعم قوى العنف , العنف بحد ذاته متاهة من الاتهام والشيطنة والتكفير والتخوين والتكبر, وقذف بعض بكل الرذائل , والانقسام لتعصبات الرعاة , كقطيع لا يحتاج لغير كلب وراعي , في معركة تبادل الادوار بين القتيل والقاتل , الكل شهداء والله اعلم , والحقيقة تنزف دما وتنتهك الاعراض , وتموت الضمائر , ويبقى السؤال متى ستنجو ؟! لن ننجو دون رشد , وندرك ان الله حق , وان الوطن للجميع , وان التعايش بحب وتسامح سمة من سمات الانسانية , وان العنف والتناحر هي سمة من سمات الغاب الحيواني .

 
هل نمتلك الشجاعة والارادة , لنعترف بمراحل الصراعات الدموية , ونقيم وننتقد تاريخنا الدموي , الاسباب والدوافع والنتائج الوخيمة , وما ذقناه من مرارة , ونوقف استمرار نذيق بعضنا بأس بعض, ونسقيهم من نفس الكاس العلقم , دون ان ندرك  ان البر لا يبلى والذنب لا ينسى والدين لا يموت , وانه مهما فعلت فكما تدين تدان , لو ادركنا بوعي حجم تلك المعاني لأرشدتنا من الغفلة ونجونا من البلادة , لنعرف عدونا الحقيقي , لكنا احياء نعيش بسلام ونتعايش بوئام , عصيين  عن الفتن , والارتهان والتبعية , حافظين السيادة مصانين الكرامة بهامات عالية .

 
للأسف ان لو من عمل الشيطان , فقد مسنا الشيطان بكله , اليوم تتكرر لمسامعنا مسميات حقيرة , جعلت من اصحابها مسخرة بيننا , فلم يعد لديهم كرامة ليهتموا بمن حولهم , وهم يكررون الاتهامات لكل من يعارض آرائهم أطروحاتهم بغباء التكرار , و من الطبيعي ان نختلف في الرؤى والمشاريع , والغير طبيعي ان نعنف بعض ونشيطن بعض لأننا مختلفون ونقذف بعض بالاتهامات , فالاختلاف اثراء للواقع ,نتقاذف بالحجج , وحجة الحق تغلب , تخرس الباطل والنفاق والاشاعات التي يستخدمها اليوم المغرضون كسلاح .

 
فهل نصحو لننجو ونرتقي لمستوى تحديات المرحلة ونتنازل لبعضنا البعض , ونرسخ دولة المواطنة والنظام والقانون , بعقد اجتماعي ينظم العلاقات ويحسم الخلافات , خيرا لنا من ما نحن فيه من مظالم وقهر وتعسف وتراكمات تضر ولا تنفع  , ونهايتها مهالك للجميع والله الساتر على الامة .

المقال خاص يموقع "المهرية نت"