آخر الأخبار

تضافر الجهود العمانية يفتح الآمال في اليمن

الاربعاء, 04 يناير, 2023

يستقبل اليمنيون العام 2023 بجروحٍ مثخنة من الحرب التي خلفتها تسع سنوات من الصراع والدمار الذي طال كل اليمن، وخلّف تداعيات مرة، وواقعاً مؤلماً، جعل من السلام حلماً بعيد المنال، ومن التفاؤل بانتهاء الحرب ضرباً من الوهم والخيال.

لكن ثمة بوادر ومتغيرات تنعش الآمال من جديد، بانتهاء هذا الواقع الملبد بالتمزق والشتات في اليمن.

فالوساطات التي قادتها وتقودها سلطنة عمان ضمن جهودها في إحلال السلام باليمن، والتي تكثفت خلال العام المنصرم، تشكل بدايات إيجابية لمباحثات تتعلق بوقف الحرب، وتبادل الرؤى بين أطراف الصراع، وتقريب وجهات النظر.

ليس الأمر جديداً في دور سلطنة عمان المعروف بإطفاء الحرائق المشتعلة في المنطقة، فموقفها الحيادي، ومكانتها الدولية والعربية أهلتها للعب دور الوسيط المقبول من جميع الأطراف اليمنية والإقليمية، فوضعت ثقلها في الملف اليمني، وفتحت أبوابها للحلول والمبادرات، في الوقت الذي سخّر الكثير طاقتهم ووجهوا نيرانهم إلى جسد اليمن الجريح.

استقبلت السلطنة الوفود من كل طرف، وحولت مسقط وكافة مدنها عاصمة نشطة، وقبلة للسلام، واستضافت البعثات الأممية والأوروبية والأمريكية، وفتحت أبوابها للفرقاء اليمنيين على اختلاف توجهاتهم السياسية، والذين وجدوا في السلطنة واحة للتلاقي والتقارب، والانفتاح على العالم، وهو الشيء الذي افتقدوه في بلادهم التي مزقتها الحرب والاقتتال.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل أرسلت السلطنة أبنائها في مهمة الوساطة وتيسير المفاوضات، ونقل الرسائل إلى صنعاء المرة تلو الأخرى، لتقترن تلك الزيارات المتكررة بالسلام والأمل في أذهان اليمنيين، كلما هبطت طائرة عمانية في صنعاء أو غادرت، وباتت عمان الدولة الوحيدة التي تحلق في السماء اليمنية حاملة بذور الحل، وميسرة عوامله وأسبابه.

كل هذا جعل سلطنة عمان البلد الأكثر حضوراً وفاعلية في الملف اليمني، وأكثر الأطراف ثقة ومسؤولية، ونجم عن ذلك العديد من النجاحات المتحققة، لعل أبرزها الهدن الإنسانية المتكررة، التي مثلت في مجملها مدخلاً لحل الصراع في اليمن، ومرتكزاً لعملية سلام يمكن البناء عليها لترك البندقية وتقديم التنازلات.

تلك التحركات الدبلوماسية والسياسية لمسقط في اليمن، تزامنت مع جهود أخرى لها في المجال الإغاثي والإنساني داخل اليمن، والذي تمتلك منه السلطنة رصيداً باذخاً في العطاء منذ عقود، عبر قوافلها الإغاثية ومشاريعها الإنسانية والتنموية، التي تقدمها دوماً بعيدا عن المنّ والأذى، متجردة من الأجندة المشبوهة، منطلقة من روابط الجوار، وقيم التكافل والأخوة، وأسفر هذا كله عن صورة مشرقة يحتفظ بها اليمني للسلطنة وشعبها وقيادتها، ويثمنها تثميناً عالياً، ولن ينساها.

هذه المسارات المتناغمة لسلطنة عمان في اليمن تضافرت مع بعضها، وشكلت نموذجاً يعول عليه في تحقيق السلام، وعززت حالة التفاؤل في أوساط اليمنيين الطامحين لرؤية بلادهم خاليا من الحرب، متمنين أن يكون هذا العام الأخير لحقبة سوداء مظلمة من الصراع وتداعياته المريرة.

المزيد من عامر الدميني