آخر الأخبار
ما بين النضال والتخريب
نحتاج في ظل التدهور القائم لمسار الثورة في بلدنا اليمن , ونخص هنا الشطر الجنوبي , ان نعرف مفهوم النضال , ونفرق بين الصراع السلبي الذي يحدث تدميرا للبنية الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية , والذي يعد تخريبا متعمد لا علاقة له بالنضال والشعار الذي يرفعه المناضلين باستعادة الدولة والحرية والمواطنة والعدالة .
وبين نضال ايجابي يلهم المناضلين ويوجههم لما فيه خير للامة والوطن , بحيث يرعى ويحفظ الانجازات القائمة ويطور منها , ويهتم في تصحيح التشوهات والاعوجاج , بحيث يضع الرجل المناسب في المكان المناسب بالتخصيص بدور ايجابي وفاعل , أي يختار ادوات بناء وتعمير وتصحيح , بعيدا عن الهدم .
يبرز السؤال هنا عن أي نضال تتحدث المكونات الطارئة التي اوجدتها الحرب وصبغت سلوكياتها وثقافتها , ونحن لا نشهد غير تدمير وتخريب , وهناك فرق بين مكون سياسي , اوجدته المعاناة والماسي ليصنع تغيرا ويصحح الواقع , ويحفظ كل ما يصل ليدية , ويصلح حال كل ما يسيطر عليه ليقدم مثال طيب يعبر عن تطلعات وطموح المناضلين والنضال , وبين مكون راس ماله العنف الغير منضبط , وقوى منفلته قيم واخلاقيات النضال , اذا وقع بيدها معسكر وسيطرت على مؤسسة تدمرهما , وتنهب محتوياتهما , وتعرضهما للبيع في اسواق الحراج , ويمكن ان تقدمهما بمقابل للأعداء غير مكترثة بالعواقب والنتائج الكارثية .
استمعت للخطاب الاخير للأخ والرفيق رمز محروس محافظ محافظة سقطرى , وهو يشرح ما يحدث داخل سقطرى , من صراع عبثي لقوى تستخدم العنف لتثير صراعات مسلحة تحت شعارات وطنية , وتتضح حقيقة هذه الشعارات عندما تسيطر تلك القوى بطريقة ما , شراء ذمم المسئولين عنها , ليصنعوا تمرد , لهدف تسليم المعسكرات , او الدفع بحشود جماهيرية لاقتحام مؤسسات الدولة, وهي سيناريو مدفوعة الثمن لمخطط الامارات , والنتيجة تدمير تلك المعسكرات والمؤسسات ونهب محتوياتها , وتعرض تلك المحتويات للبيع بكل وقاحه امام مرى ومسمع قيادات تلك المكونات .
لم يكن هذا الخطاب مفاجئا ولا صادما لنا , فقد شهدناه في عدن , شهدناه في معسكر بير احمد , وترسانة الاسلحة للجيش اليمني القديم , من دبابات ومدافع ومصفحات , صارت أَثَراً بَعْدَ عَيْنٍ , مجرد ما ان نشرت مقاطع لتلك الترسانة , تحرك المغرضون لدفع ثمنها لبعض دعاة النضال , ولم نعد نراء أي قطعة منها في ساحات المعارك غير دبابة يتيمة في جولة كالتكس , ارهقت الشباب اكثر مما افادتهم , وتكرر المشهد في الحروب ضد الشرعية في عدن , ونهب المعسكرات , والمتاجرة بها , والمشتري هو العدو , ونهب مؤسسات الدولة من اجهزة الكترونية واثاث , وتحطيم الباقي واحراق الوثائق , حتى ان القضاء ومجلس الوزراء ذهبوا للبحث عن معلومات و وثائق مدونة في كمبيوترات في أسواق الحراج .
يكفي هذا ليعطي صورة عن النضال والمناضلين , عن عبثية تلك الصراعات وسلبياتها القاتلة , عن المكونات الطارئة التي تنفذها , وعن الهدف المراد , وعن الدعم والمخطط , والعلاقة بيم ما حدث في الشمال ويحدث في الجنوب , والهدف هو المؤسسات الوطنية , واستغلال الحماس الغير واعي , والمتضررين من الدولة , لدفعهم لأثارة نزعات وصراعات سلبية مدمرة , لأحدث اختلال وظيفي ومؤسسي , لضرب فكرة الدولة , لوضع اعاقات امام ترسيخها كواقع .
الفارق الرئيسي بين الدولة , والمجتمعات البدائية , هو الانضباط القانوني والدستوري , الذي ينظم ايقاع الحياة والعلاقات , ويضبط النضال والاحتجاجات , لتخدم الصالح العام والامة , بحيث لا تتحول لمصدر استرزاق او تخريب وتدمير لخدمة اعداء الامة والوطن , ليتحول المناضل لمرتزق ومخرب .
المقال خاص بموقع "المهرية نت"