آخر الأخبار

في ظل الفوضى والأوبئة.. من حق عدن أن تغضب

الجمعة, 15 مايو, 2020

 
المواطن في عدن صار ضحية لغوغاء السياسيين، لا عقل يرشدهم ولا بصيره تحدد اختياراتهم , العصبية منبع كل أفكارهم تحد من الاتفاق على أتفه الأمور والضحية الناس هناك.
 
من حق الناس في عدن أن تعرف من الاختصاصين حقيقة الوباء الذي يفتك بالمدينة ، فغاب الاختصاصيون وترك المجال لمن يهرف بما لا يعرف،  ويفتي من لا يفقه , وعلى هدى الفشل نسير ننتج خيبات ونكبات.
 
ويأتي من يروج لنا بمستقبل الإدارة الذاتية في وسط من الهرج والمرج , والمتطلعون للمستقبل يبحثون عن الإدارة كمبدأ وقيمة , وهدف وغاية , وللإدارة الذاتية كأي إدارة يتضح نبلها من بشاعاتها , إجراءات تنفيذيه على أرض الواقع , ومن حقنا أن نسأل عن أي إدارة ذاتية يتحدث المتحدثون , فكل مشروع حق أو باطل , يتطلع لإدارة المناطق التي تحت سلطته ذاتيا ,بما يتوافق والهدف المراد , فالفساد يتطلع للاستئثار بالسلطة وحماية ذاته , وقوى العنف والإرهاب كذلك , وجميعهما يرفعان شعارات تختفي خلفها النوايا الحقيقية.
 
تبرز هذه النوايا عندما تتشبث تلك القوى على كل ما تسيطر عليه من أرض وقوة وثروة , وتفرض أمرا واقعا يخصها , مفرغ من الشراكة الحقيقية لشركاء الوطن ,وتبدأ تمارس ظلمها على الآخرين , وكل ما كانت تنهى عنه , تمارسه من مصدر قوة , وتلغي حق الآخرين وحقوقهم , وتمارس قوة الضغط عليهم للاستسلام للواقع.
 
القوة التي لا تنضبط بدولة الحق ونظام وقانون هذه الدولة , هي قوة منفلته , تفرض قانون قوتها , لا تعترف بالنظم والقوانين , وحق الناس في التعبير والتكتلات السياسية والفكرية وحقوقهم السياسية والاجتماعية وكرامتهم وحريتهم , تسيطر عليها عصبية ما , كانت طائفية أو مناطقية او أيدلوجية , فيها الآخر متهم حتى يثبت ولاؤه , فتبرز ثقافة وتشكيلات معبر عن الهدف , حيث العقيدة للفرد والقبيلة والسلالة , والشعارات مجرد مطية , لتعرف الهدف عليك بالبحث عن عقيدة القوة وهويتها , والقوة الأكثر تدريبا واهتماما ورعاية , فلا خير بمن يأتي بما أتى به المتسلطون والجبابرة الأولون , حينما شكلوا قوات عسكرية ضاربة من عصبتهم , قوة تتغلب فيها الولاء للأفراد أو بالأصح للأصنام والعصبيات الضيقة .. قوة ضاربة لاجتثاث الآخر , والتسلط على رقاب الآخرين بطشا وطيشا .. قوة تفتقد للتركيبة الوطنية , حيث ثقة القائد بالانتماء للعصبة أكثر من الانتماء للوطن , ومشروع الدولة , هذه القوة هي مجرد مخالب للاستبداد , مصيرها مصير غيرها من قوة الاستبداد التي تهاوت على رؤوس أصحابها .  
 
الحق لا يقبل الكيل بمكاييل الأمزجة العصبية , له تشريعاته وقوانينه العادلة , وقيمه وأخلاقياته , حيث ينصف المظلوم ويدين الظالم , عن أي حق يتحدث من يخفي استدلالات وملفات جرائم وسجون سرية , وهو اليوم في موقع سلطة القوة , لو فيه خير لاستخدمها للحق , وأظهر حقيقة تلك الجرائم وقدمها للعدالة , هل نستطيع أن نسائله بتلك الجرائم وتلك الملفات؟! , وأين اختفت ؟ , فالحق بائن والباطل بائن , وبينهما نفاق ومنافقين لا غير.
 
قلنا ونكرر أن الحق ثورة لها أدواتها , تستند على قوة القانون والحق نفسه كقوة وقيمة ومبدأ وأخلاق, غير ذلك لا تعد غير مظهرا من مظاهر الثورة ضد سلطان جائر , تأتي بسلطان أشد جورا وقوة غاشمة ,تسلب الوطن استقلاله والأمة حريتها وكرامتها , والناس تطلعاتهم النبيلة , بالارتهان لغير الحق والوطن.
 
علينا أن نتيقن أن الثورية الحاقدة والضاربة , التي تتخذ من القوة سلطة , لا تجلب على الأمة سوى العار والخزي والهزيمة , ما لم تجلبه الرجعيات التي ثرنا ضدها , وستمزق الأمة وتزيد من حجم الانقسام فيها , بسبب الرفض المنطقي للسلوكيات والتصرفات الطائشة التي تنتجها تلك السلطة .
الرافضون اليوم لحق أبناء عدن التعبير عن أوجاعهم و أوجاع مدينتهم , عن غضبهم بما حدث ويحدث لعدن , لا يحملون مشروع حق , يعبرون عن حقيقة باطل مشروعهم , الناس تتطلع لدولة محترمة , كفروا بالشعارات.. كما كفروا بالوحدة، يكفرون اليوم بالانفصال، ويبحثون عن كرامة وحرية وعدالة , في دولة اتحادية أو دولتين.
 
 المهم جوهر الدولة المحترمة، دولة الشراكة والتعايش والتنوع، التي تتقبل الجميع بكل أطيافهم وعقائدهم وأعراقهم , وتحتكم لقانون كعقد اجتماعي ينظم هذا التنوع والتعايش ونظام سياسي منفتح على كل النوافذ.
 
لا نريد شعار الحرية والاستقلال، والترسيخ على الأرض العبودية بفوهة البندقية، تشرع لدعس الرقاب، وإهانة البشر بأعقاب البنادق، وخطاب العصبية والتحريض والتخوين والإرهاب الفكري، حيث لا يختلف فيها مخرجات فم المتعصب عن دبره.
 
نريد دولة محترمة، تحفظ الكرامة والحريات والمواطنة، تفكك العصبيات، وتحييد العنف من الحياة السياسية والاجتماعية وتضبطه بقانون هذه الدولة، وتحارب الفساد، وتعمل على فك الارتباط بين التجارة والسلطة كوظيفة وطنية ومسئولية انسانية نبيلة، تحافظ على المصالح العامة وتترفع عن المصالح الخاصة والعصبيات وترعى حقوق الناس ومصالحهم، وظيفة منضبطة بقيم واخلاقيات ونظم وقوانين، تضع الجميع كبيرهم قبل صغيره عرضة للمساءلة القانونية، تنصف الضعيف وتحقق الكرامة للجميع.
 
المقال خاص بموقع المهرية نت