آخر الأخبار

ماذا تعرف عن جزيرة درسة؟

الإثنين, 27 سبتمبر, 2021

تعد جزيرة درسة من إحدى الجزر اليمنية التابعة لأرخبيل سقطرى. وتبلغ مساحتها حوالي 10 كيلو متر مربع تقريبا. وتقع إلى الغرب من سقطرى وإلى الشمال من جزيرة سمحة، وتبعد عن سمحة بحوالي 17 كم، وتبعد عن سقطرى بضعفي بعدها عن سمحة تقريبا. تُرى درسة من سمحة رؤية واضحة، وفي أوقات الصحو التام يمكن رؤيتها من رأس قطينان في سقطرى الذي يقابل الجزيرة مباشرة.

يوجد في الجزيرة سهل منبسط على طول الجزيرة في الجهة الشمالية منها، أما بقية الجهات لا سهل فيها ولا ساحل، بل كلها جبال وشواهق.
وتنتشر في الجزيرة الفئران والزواحف والطيور البحرية.

ويعتقد الناس أن الجزيرة لم يسكنها أحد من قبل، ولا توجد فيها الحيوانات البرية كالغنم والبقر، ولا يوجد فيها ماء للشرب.

وتعد الجزيرة مرفأ للصيادين السقطريين الذي يصطادون حولها ويمكثون في شاطئها الضيق لعدة أيام.

كنت في زيارة بحثية مع مجموعة من الزملاء إلى جزيرتي سمحة ودرسة قبل حوالي ثلاث سنوات، ومهمة الزيارة هو استكشاف الموروث الثقافي في الجزيرتين، فزرنا سمحة المأهولة بالسكان ثم درسة، ومكثنا فيها نهارا كاملا وليلة واحدة.

نزلنا في الجهة الشمالية ذات السهل المنبسطة، لا يوجد مكان صالح للنزول إلا مكان واحد فقط في منتصف الجهة الشمالية، وهو مكان ضيق نوعا ما، أما بقية الأماكن تحفها الصخور والنتوءات ولا يمكن النزول فيها.

من خلال البحث والتجوال وجدنا مقبرة تضم قبورا إسلامية أغلبها قبور لأطفال، وما لفت أنظارنا وجود قبر لشخص بالغ، وحول القبر أحجار بشكل دائري، ويبدو أنه لشخص مهم. ومما عثرنا عليه وجود بعض المباني بأحجار عادية مرصوصة فوق بعض بشكل عشوائي على أبواب بعض الكهوف وبداخلها وبجوارها، ترتفع تلك البنايات بنصف متر إلى متر واحد. ومما لاحظناه وجود قطع وبقايا للأواني الفخارية في الكثير من الكهوف. كل هذا وجدناه في الجهة الشمالية وقريبا من المكان الصالح للنزول.

كل هذه الأمور تعطي دلائل واضحة على أن الجزيرة كانت فيها حياة بشرية تركت بصماتها واضحة، فوجود المقابر والبنايات وقطع فخارية دلالة على وجود الإنسان. وهذا يخالف العرف السائد أن الجزيرة لم يسكنها أحد من قبل.

ومن خلال مكوثنا في جزيرة سمحة حكى لنا أحد كبار السن - يقارب عمره المائة عام أو يزيد -  أنه في سنة من السنوات حصل أن أصابتهم جائحة مرضية معدية قاتلة، مات فيها الكثير من الناس، فقرر الباقون الفرار إلى درسة خوفا على حياتهم، فانتقلوا إلى درسة وبقوا فيها عدة شهور ثم عادوا إلى سحمة. كان ذلك قبل حوالي ستين عاما.

لكن الآثار الموجود في درسة تبدوا أنها أقدم من ستين عاما، وأن الجزيرة سكنت قبل هذه الفترة.

أما الماء فأخبرنا الأهالي في سمحة أنه توجد عين صغيرة على سطح الجزيرة، وقد حاولنا الوصول إلى سطحها ولم نفلح بسبب وجود الأشجار والحشائش المانعة من السير، وكذلك وجود المغارات والمنحدرات التي تمنع أيضا من الوصول إلى القمة.

أما الحيوانات فلا وجود لها ولا أثر في الجزيرة. وبالنسبة للزواحف فقد لاحظنا وجود العديد من الحنشان ذات اللون الأسود، وحجمها صغير نوعا ماء. وتوجد في الجزيرة العديد من الطيور البحرية التي تضع بيضها على الأرض، فلا تخفيه لأنها تعلم أنه لن يؤديه أحد. كما توجد في الجزيرة عدد محدود من الأشجار والنباتات، لكنها تشكل غابات لكثرتها، وتعيق السير، وخاصة الحشائش والنباتات القصيرة.

بالنسبة للفئران فما أكثرها وما أشد أذيتها للإنسان! حتى أننا لم نستطع النوم تلك الليلة التي بيتنا هناك حتى طلوع الفجر، كلما أراد أحدنا النوم تهجم عليه الفئران هجوما شرسا.

مما لاحظناه أيضا وجود غرفة حديثة بالقرب من المكان الصالح للنزول، مبنية من البلك، ومسقوفة بالخشب، وعليها صبة إسمنت، علمنا فيما بعد أنها تعود للشيخ فيصل الشواقي، الذي تجشم الصعاب حتى بنى تلك الغرفة.

من الجميل استغلال تلك الجزيرة سياحيا وتوفير فيها سبل الحياة، لتكون مزارا سياحيا هاما.
 

المزيد من أحمد الرميلي