آخر الأخبار

الأول من مايو عيد العمال

الجمعة, 01 مايو, 2020

 يطل علينا الأول من مايو عيد العمال العظيم، وبلدي اليمن لازال يرزح تحت وطأة الحرب، عدن نشأة الحركة العمالية من خمسينات القرن المنصرم، في هكذا مناسبة تتحول عدن لحركة احتفالية تعبر عن القيمة المعنوية والاعتبارية للعمل والعمال بمهرجانات واحتفالات مهيبة.
 
مجتمع عدن بمعظمه اسر عمالية وأبناء عمال، عدن الميناء والمصفاة وشركات الملاحة وأحواض السفن والشحن والتفريغ والاستيراد والتصدير والبناء والعمران، عدن شريان تجاري ينبض حياة وحركة ونقطة وصل بالعالم، أين هي عدن اليوم في هذا العالم؟
 
عدن التاريخ، وزخم المجلس العمالي في 56م، وهج وطني ثوري، هنا نشأة الحركة الوطنية اليمنية، من هنا ترسخ وعي  تولد تحت رزح الاحتلال البريطاني، هنا نظم العمال كيانهم المستقل الحر، وشيدوا مبناهم المدور في منطقة المعلا بحر مالهم واشتراكاتهم، مع مرور الوقت استكمل المسرح العمالي المرفق للمبنى، ومطبعة صوت العمال الشهيرة، والمدرسة النقابية بالقلوعة، معالم وارث تحكي تاريخ وحضارة هذه المدينة العريقة السباقة في النهضة والتقدم والوعي الثوري التحرري, ودور الحركة العمالية كنواة للحركة الوطنية.
 
تهل علينا اليوم هذه الذكرى، ونخجل فيها أن نقدم التهاني للعمال، ماذا سنقول لهم؟ وعلى ماذا نهنئهم، على غياب الراتب، والحقوق المسلوبة، والعدل والإنصاف الغائب، والفساد المستشري، وكرامة الإنسان المهانة، والعبث الذي طال تاريخ وارث وحضارة عدن ومنها الحركة العمالية .
 
العبث القائم اليوم في عدن , يتعمد تدمير ارثها , وانهيار القيم والاخلاقيات فيها , يفقدها دورها الريادي في ان تقود حركة التغيير والتحول المنشود , جعلنا وجعل عدن  في مأزق تاريخي، ماذا سيكتب التاريخ عنا، أننا فرطنا بمنجزات أسلافنا، وفشلنا في أن نكون عند مستوى التحديات لنكن مثيري للشفقة، ونحن نشهد احفاد مناضلي الامس يدمرون تاريخ اجدادهم , تدمير ممنهج لأرث الحركة العمالية , السطو على منصة ومدارج المسرح العمالي , والمدرسة العمالية, ومطبعة صوت العمال الشهيرة , ليتحولا لعشوائيات , والمبنى العتيق للحركة العمالية مهدد بالسطو والاستحواذ والاستئثار بكل محتوياته , حتى النقابات تتحول لمجرد كيانات فارغة لخدمة سياسة عرجاء , لثورة هوجاء , مهدد في نشاطه ودوره في تغيير الواقع.
 
عدن تعاني من لوثة الجهل , ونوازع الطيش والحماس غير الواعي والتهور، تحت سطوة الشعارات الجوفاء، واستثمار الحماس الثوري في العبث، وتعبث بإرث عدن العمالي والنقابي , فتسطو عليه ايادي لا علاقة لها بالحركة , لا وظيفيا ولا مهنيا , مجرد ادوات بيد مستبد ناشئ , يريد ان يستحوذ على عدن , ويفقدها دورها الوطني والنضالي , ويحرمها من خصوصياتها وشواهد تاريخها المعلوم .
 
واقع الحركة العمالية اليوم هو جزء من واقع عدن البائس , ببؤس العقلية التي تدير هذا الواقع , وصورة الارتباك القائم , هو نتاج لغياب دولة الحق والنظام والقانون , التي توقف هذا العبث وتطاول التفاهة على تاريخ وارث عدن , والامل في حضور الدولة والمؤسسات , في تستعيد عدن روحها الاخاذ , تستعيد دورها الريادي , تستعيد حركاتها العمالية ومبانيها , واعادة تأهيلها وترميم ارث عدن .
 
من ضرورات المرحلة دعم الحركة العمالية لتعيد تفعيل هيئاتها، وتجديد نسيجها , لتستعيد دورها , في دورة انتخابية شاملة، وفق أدبيات و وثائق وتشريعات العمل النقابي، لتكن حركة نقابية مدنية مستقلة مهنية حقوقية، قادرة على المساهمة الفاعلة في نهضة وتطور العمل واقتصاد البلد، وترفع شعلة الأول من مايو بحفل بهيج ورقص وغناء وتكريم للمبرزين، في كل عام .

المقال خاص بموقع "المهرية نت"