آخر الأخبار

المذاهب والمرجعيات الدينية في سقطرى

الإثنين, 16 نوفمبر, 2020

منذ القدم اتخذت سقطرى مذهبا دينيا موحدا هو المذهب السني الشافعي ولم يدخل سقطرى التنوع الطائفي والمذهبي إلا حديثا، وذلك لأن غالبية الناس كانوا من العامة يتبعون غيرهم ويفتقرون إلى الفقهاء والعلماء يعتمدون في فتاويهم ومسائلهم الدينية على ما يسمعونه أو على قراءة غيرهم في الكتب والمراجع الدينية النادرة. 


  وفي السبعينيات سافر مجموعة من الشبان إلى دول الخليج السعودية والإمارات والبحرين وعمان وقطر بحثا عن العمل ووجدوا في السعودية وقطر خاصة حلقات العلم الشرعي واهتموا بحضور الدروس المسجدية فتعلموا طرفا من العلوم الشرعية على يد مشايخ كبار في العلم الشرعي وترك البعض منهم العمل وأقبل على حلقات العلم تشده رغبة جامحة للتغيير من واقع سقطرى الذي يعاني الجهل. 


وعند عودتهم جلبوا ما استطاعوا على حمله من الكتب والمراجع الدينية وهذا الأمر وسع دائرة التنوير في سقطرى واعتبر هؤلاء الشباب شموعا تضيء حياة الناس ولذلك يناديهم جل الناس بالعلماء ويطلب منهم الفتاوى الشرعية.

وفي المقابل تحصل بعض الشباب على دورات في الفكر الشيوعي ومنهجية لينين وستالين وفرضوا معتقداتهم في سقطرى بمساندة الدولة فدعوا إلى تحرير المرأة والانفكاك من قيود الدين ورغبوا بالحضارة والتمدن ومارسوا الكبت وحاربوا الرأسمالية والحرية التجارية.

 
وقف الشباب القادمون من دول الخليج ضد المفاهيم والسلوكيات التي تتعارض مع تعاليم الإسلام سواء القديم منها أو الحديث. 


 ومن المفاهيم التي تصدوا لمحاربتها للتمثيل وليس الحصر ضرورة مصافحة الرجال للنساء عامة عند اللقاء ونظرا لجهل الناس اعتبروا هذا الأمر من الدين واعتبر من يمتنع عن ذلك قاطعا لأواصر الإسلام ووقفوا في وجه كل دعوة تعارضه وقد وقفت الحكومة لدعوة الشباب بالمرصاد وألبت ضدهم الناس وسلطوا عليهم النساء المتحررات للمحاججة والمواجهة باليد واللسان وسجن البعض منهم وأجبر البعض على هجرة المدينة وقيدت أسمائهم في الكشوفات الحكومة كمطلوبين للمسائلة والتحقيق وقد صدر في البعض منهم حكما بالسجن والإعدام لولا سقوط الدولة الشيوعية وحلول الدولة الوحدوية.

ومنذ ذلك العهد ظلت سقطرى على مذهب فكري وعقدي موحد هو الفكر السني الشافعي  وهناك بعض ملامح الصوفية منذ عهود الدولة العفرارية الأولى مثل الاحتفال بالمولد النبوي وترديد الأشعار والأناشيد والابتهالات الدينية والمدائح النبوية لكنها كانت تمارس كتقليد متوارث لا يعتمد مرجعية علمية وعلى غير دراية بخلفيتها المذهبية فمثلا ترديد قصائد المولد النبوي لا يكون محددا بيوم معين كما هو الحال عند الصوفية بل تنشد في الأعراس والمحافل واللقاءات العامة والأسمار اليومية في بعض المناطق والقرى الريفية. 


   كما أن هناك مسجدا في وسط العاصمة حديبو يدعى مسجد العيدروس وعليه بعض الملامح الصوفية فقد بنيت بجواره أكثر من قبة بالإضافة إلى أنه يتوسد على يساره مقبرة وعلى بعض القبور قباب وعلامات بارزة مازالت بعض آثارها إلى اليوم وفيما بعد استبدل اسم المسجد بالمسجد الجامع وطمست بعض المشاهد والآثار الصوفية ولم نجد من الجيل القديم أو الحديث من تمسك بمنهج الصوفية أو نبغ في علومها أو دعى الناس إليها.


حديثا اتسعت دائرة المعرفة وأقبل الناس على دراسة العلوم المتنوعة؛  ما أدى إلى تنوع المنهجيات وتعدد الأحزاب السياسية والدينية في الأرخبيل وخاصة منذ مطلع التسعينات وإلى اليوم وهي في ازدياد ملحوظ بفعل اختلاط أبناء سقطرى مع غيرهم وسفرهم إلى المحافظات اليمنية وإلى شتي الدول العربية والأجنبية. 
 ومع ذلك مازالت قاعدة المذهب السني متينة تأبى أي فكر شاد وتحاربه، ولذلك ظلت سقطرى خالية من الفكر  الحوثي أو الشيعي أو العلماني وغيرها من المذاهب التي تتقاطع مع المذهب السني.  
المقال خاص بموقع المهرية نت