آخر الأخبار

استهلاك اليمنيين لسموم الدعاية الحوثية... إخفاق آخر للشرعية

الاربعاء, 28 أكتوبر, 2020

عندما احتاج كثير من اليمنيين لما يعلنون به حضورهم وسط ردة الفعل على ما حدث في فرنسا، كان فضاء التواصل الاجتماعي زاخرا بصور الإضاءات واللافتات وجملة الأشكال التعبيرية الخضراء التي يرعاها الحوثيون في مناطق سيطرتهم في ذكرى ميلاد النبي، من جهة وجد الحوثيون تبريرا طازجا لمزيد من الإسراف في الاستعراض وابتزاز الناس تحت ذريعة تعظيم النبي ، ومن جهة أخرى وجدوا سوقا جديدة لإنتاجهم الدعائي وسط حالة التفاعل التي يعيشها اليمنيون ، ضمن العالم الإسلامي ، ضد إعادة نشر الرسوم الساخرة من رسول الإسلام وما أعقبها من تصريحات مستفزة للرئيس الفرنسي .
 
من المؤكد أن هناك عائدا سياسيا كبيرا تحصده جماعة الحوثي من جراء إقدام اليمنيين الذين هم من خارج مجال الولاء للجماعة على استعارة رموزها أو أغانيها على نطاق واسع بغض النظر عن كون هذه الاستعارة بالنسبة لكثيرين محدودة بزمن وغرض عابرين ، كما هو الحال مع طغيان اللون الأخضر حاليا . ما تستفيده جماعة الحوثي، على المدى القريب، هو فرصة لشغل موقع الطليعة الاجتماعية في الحملة الإعلامية الراهنة لمناصرة النبي والإسلام..مع حقيقة أن الجماعة كانت خلال الأعوام السابقة قد استطاعت احتكار وربما امتلاك اللون الأخضر حتى رسخ في ذهن الجميع أنه اللون الخاص بها في استحضار النبي وذكرى مولده بالذات . على المدى البعيد وبشكل عام، يؤدي تساهل الناس في استخدام رموز الحوثيين وانتاجهم الدعائي إلى تطبيع وجود الجماعة العنصرية والتصالح التدريجي مع سياساتها . . 
 
طالما أن الحوثيين لا يألون جهدا في الإفصاح عن المعنى السياسي لاحتفالاتهم بالمولد ، ويفيض خطابهم بالإشارة إلى محمد بن عبد الله باعتباره جد السلالة أكثر منه نبي المسلمين ،  وطالما أن سلطة الأمر الواقع هي من يقوم بفرض هذا الاحتفال ولا تترك للناس الحرية الأدنى لتحديد طريقة الاحتفال ومستواه ، فإن كل ذلك يضع المشاركة في هذه الاحتفالات أو استهلاك انتاجها الدعائي في منزلة أقرب إلى التسليم بمبدأ السلالة وأيضا تزكية سلوك الابتزاز والإكراه الذي تنتهجه الجماعة في التحضير للاحتفال .
 
هذا موقف نظري على أية حال ، وليس من العدل التوقف عنده ومحاكمة الناس على أساسه .
 
غالبية الناس الذين ساندوا مقدساتهم مستعينين باستعراضات الحوثيين الخضراء لم يكن لديهم نوايا التصالح مع الحركة الحوثية أو دعمها بالطبع ، بل إنهم يعرفون أنفسهم باعتبارهم ضحايا لهذه الحركة ولا يتوقفون عن الشكوى من استبدادها وعنصريتها خارج ذلك "البروفايل" الأخضر المؤقت أو الزامل القصير،  ولكن شعلة الرفض الشعبي لهذه الحركة إجمالا تتأثر بمثل هذه الأشياء وتنثلم الروح المقاومة .
 
لا يتحمل الناس مسؤولية الخيارات العفوية ، مهما كانت مآلاتها سيئة ، طالما أنها تصدر عن قصور في الوعي وضعف في الحساسية تجاه الأدوات الأكثر مكرا للسياسة الحوثية . يكفي الناس أنهم يدفعون ثمن الممارسات الاستبدادية الواضحة والقاهرة لهذه الحركة في حياتهم اليومية . من يتحمل المسؤولية هنا هي السلطة الشرعية ونخبها الثقافية والإعلامية التي لا تلتزم بالقدر الأدنى من واجبها التنويري تجاه الناس ، ولا تساهم في تنمية ثقافتهم التحررية
 

المزيد من يعقوب العتواني
في سنوات الثورة كان هنالك أمل 
الاربعاء, 03 فبراير, 2021
لا نسيان ولا تطبيع أيها الحوثيون!
الاربعاء, 27 يناير, 2021