آخر الأخبار
كيف يلمع محافظ شبوة وسط المدح والقدح
اللامركزية التي اقترحت في أكثر من محطة تاريخية باعتبارها معالجة إدارية نوعية في اليمن تتحقق الآن في أكثر من محافظة كعرض جانبي من أعراض الحرب ، وتظهر حاليا في المناطق الخارجة عن سلطة الحوثيين سلطات محلية تتمتع باستقلالية غير مسبوقة في التاريخ اليمني الحديث . محافظة شبوة تحضر في صدارة الأمثلة على هذا الواقع الجديد والذي يتجسد هناك من خلال محافظ كان على مدار الأسابيع الماضية ، بل منذ تقلده المنصب قبل أقل من سنتين ، موضوعا للكثير من الجدل وهدفا لحملات إعلامية مناهضة وأخرى مؤيدة .
يستطيع المتابع من بعيد أن يرسو على حقيقة واحدة أولية بخصوص محافظ شبوة ، وهو أنه يتمتع بنشاطية عالية أحنقت الخصوم وحفزت المؤيدين ، وبعد ذلك يمكن اكتشاف المزيد من خلال تأمل ما تعتمد عليه الإتهامات والمدائح وما يسوقه المادحون والقادحون .
دائما ما تتواتر إلينا كمتابعين أخبار عن افتتاح مشاريع تنموية داخل شبوة ، وهذا النوع من الأخبار ، وبغض النظر عن مدى دقته ، يشكل خرقا لافتا للجو السائد في اليمن ، فلو أننا قررنا التعامل مع ما يرشح عن شبوة من أخبار بارتياب أقل فإن هذه الصورة سترتسم أمامنا : في حين تغرق المدن اليمنية في الجريمة والفوضى ، تسلك شبوة طريقا مختلفا تماما وتكتشف نفسها شيئا فشيئا مدركة أن الصحراء ليست قدرها المحتوم . يقول أنصار بن عديو ويقول هو نفسه فيما يشبه القناعة أن شبوة هي المحافظة اليمنية الأوفر حظا من الاستقرار والتنمية ، ومع حقنا- كمتابعين من خارج المحافظة - في أن نتردد بشكل عام في التسليم بما يقولونه كما هو ، فإنه يستعصي علينا ألا نعتقد بوجود دلائل حركة تنموية على الأرض هي ما يسند ثقة المحافظ في نفسه وهي ما يحفز التأييد المتصاعد الذي يحظى به بين أبناء محافظته وخارجها .
في المقابل ، تابع الناس هجوم الانتقالي على محافظ شبوة ، والذي بلغ الذروة في الأسابيع الفائتة ، وكانت ركيزة هذا الهجوم ادعاءات غير محددة وغير قابلة للاختبار والتقدير ؛ وبالمجمل ، لم تخرج هذه الادعاءات عن الإطار العام والمألوف للمكايدات التي هي عماد النشاط الدعائي والإعلامي للانتقالي منذ بداية تحركه المنظم والمعلن والمدعوم ضد الشرعية .
تابعنا منشورات ممولة وتقارير ومقاطع فيديو يظهر فيها ذلك الطابع العام للنشاط الإماراتي في اليمن حيث تظهر سطوة التمويل أكبر بكثير من قيمة المحتوى . لقد راهن أصحاب هذه الحملة على ما اعتقدوا أنه الورقة الرابحة من خلال اتهام بن عديو بخدمة مشاريع خارجية ، وهي الورقة ذاتها التي كان يفترض بالانتقالي مجانبتها بشكل خاص إذا كان يأمل أن تثمر الحملة تفاعلا جديا ، لأنه بذلك اتخذ لنفسه وضعية من يرمي بيت الناس وبيته من زجاج .
لكن الانتقالي كان يدور في فلكه الخاص ، وهو حين يتهم بن عديو بالعمل على التوطئة لتركيا في اليمن ، فإنه لا يقصد من وراء ذلك التنويه إلى أهمية السيادة وخطورة العمالة بما هي أفكار ومفاهيم وممارسات خطيرة . هو فقط يحاول استجلاب نقمة التحالف على محافظ شبوة من خلال الإشارة إلى تعامل غامض مع الخصوم الإقليميين لهذا التحالف .
بشكل عام، الحملة ضد محافظ شبوة لم تكن في وارد دحض الصورة اللامعة القادمة من هناك ، بل سعت رأسا في اتجاه الخلاص من بن عديو مرة واحدة عبر الوشاية به عند التحالف . حركة الإنارة والتشجير وسفلتة الطرقات حاضرة في شبوة إذن ، ولا يوجد لدى الانتقالي الكثير من الاعتراضات بهذا الخصوص ، كما نستطيع الفهم من خلال الحملة .
إلى ذلك ، هذه إشارة مهمة على طبيعة الانتقالي الذي لا يعطي مصالح الناس في شبوة والجنوب أي اعتبار ، ولا يجد في ذلك ما يستحق أن يكون مجالا لعمله السياسي طالما أن لديه فرصة لمنافسة وإقصاء خصومه السياسيين عبر الكيد والوشايات واستغلال هواجس أسياده في أبو ظبي والرياض .
المقال خاص بموقع "المهرية نت"