آخر الأخبار

أزيز الرصاص وأصوات الأغاني

الإثنين, 19 أكتوبر, 2020

شرارة ضوء تأتي إلى  هنا فجأة لا أدري تمامًا أهي رصاصةٌ أتت لتخترق جسدي المنهك بهذا الوقت المتأخر من الليل؟ أم أنه نجمٌ نزل من السماء ليضيء لي هذا الليل المعتم الذي قتلني بظلامه وظُلامه.

 هدوء يخيم  بهذا المكان.. هدوء قاتل لا محالة، إنه يشعرني بالخوف، بالقلق الكبير، ترى لماذا كل هذا الصمت أهناك سبب لذلك يا ترى؟، هل يعقل أن قد انتهت الحرب من بلادي بين لحظة وضحاها وجاء دور السلام؟، وإذا كانت الحرب قد انتهت أين  صوت الأفراح وأغاني المسرات، نحن شعب نغني ونعزف على كل جديد حتى الموت قد تغزلنا به كثيرًا  وقد كان له الحظ الوافر من أشعارنا وكتاباتنا ومن أغانينا اليومية، وحتى الوجع والمرض لم يتركا سدى لقد أخذا نصيبهما من ذلك بما يتناسب وحياتهم اليومية.


لماذا كل هذا الصمت؟ وتفاجئني أصوات أغان  تأتي من مكان بعيد لا أكاد أميز  أصحابها تقترب تلك الأصوت شيئا فشيئا حتى أشعرتني بنوع من الأمان.


 غادر الليل مكاني فجأة ليأتي الصباح، أتى الصباح ولكن ظلًا خفيفًا  ما زال يغازل عيني بكل احترافٍ كأنه درس لأجل ذلك دورات عديدة،   لماذا كل   هذا  يا إلهي، إنني أشعر بالقلق من حينٍ لآخر،  صوت يأتيني من مكان بعيد يفاجئني بقدومه فيه أنواع من المخاوف العظام، أزيز رصاص ودوي مدفعية وانفجار لغم، ثم صوت أنين خافت صاحبه يلفض الأنفاس الأخيرة مودعًا هذه الحياة بابتسامته توحي أنه قد رأى الجنة أمام عينيه لذلك سيترك الدنيا دون أن يحزن عليها ودون اكتراث لأمرها.


سيارة إسعاف صوتها يملأ الأجواء  وطبيب ترتعش يداه ويحمر وجهه فهذا أول تطبيق له؛  لذا هو يعاني من الارتباك الشديد ، ولكن مع مرور الأيام سيصبح طبيبا كبيرا تشد له الرحال، هذا ما قاله الشخص الذي كان يقف إلى جانب ذلك الطبيب مشجعًا له.


وفي وسط هذا الجو المزحم بالمآسي صوت الأغاني يتصاعد من زوايا عديدة، تلك فيروز بصوتها الملائكي الشجي تهتف 
نسم علينا الهوا
من مفرق الوادى
يا هوا دخل الهوا
خذني على بلادي
وهذا صوت أيوب  بأنغامه العذبة يقول: 
ياسماوات بلادي باركينا
وهبينا كل رشد ودعينا 
نجعل الحق على الأرض مكينا
وأبو بكر سالم يترنم: 
أمي اليمن 
في داخل القلب حبك  في الفؤاد استبا
من قبل بلقيس وأروى والعظيمة سبأ
وصوت الحارثي ذلك الصوت الذي يستوقفك إجلالًا له وهو يقول:
الشوق أعياني 
ياقرة الأعيان

وتلك أصالة تترنم للمحبوب وإليسا تبوح بالشجن الكبير.


وأغان أخرى لفنانين آخرين تملأ الأجواء بعزفها الجميل الذي يملأه الشجن والحب ولوعة الشوق وآلام الفراق.
هنا فقط تشعر بنوع من التفاؤل الجميل، فنحن شعب يغني رغم الوجع، رغم المآسي التي كادت أن تخنقنا تمامًا بتضيقها وشد الخناق علينا، ويبقى العود اليمني واللحن اليمني سيد الفنون كلها.

المقال خاص بموقع المهرية نت 

المزيد من إفتخار عبده