آخر الأخبار

عن أطفال تعز

الإثنين, 28 سبتمبر, 2020

شقاوتهم تختلف عن شقاوة بقية الأطفال.. إنهم غير ذلك تمامًا، يحملون في ذواتهم إلى جانب براءة الطفولة أرواحا مليئة بالعزة والاكتفاء، ويحملون عقولًا تكبر سنهم بكثير تظهر لنا كذلك من خلال تصرفاتهم العقلانية.


أطفال تعز ليسوا كبقية الأطفال، إنهم يمتلكون شجاعة كبيرة لا يحملها البعض الآخر، اترك العنان لتركيزك وأتِ لترى أطفال هذه المدينة الأسطورية بأهلها رجالًا ونساء ً وأطفالًا، لتراهم وهم يلعبون  في الشوارع  وبين الحارات بالكرات المترهلة والعصي النحيلة التي يصنعون منها أسلحة يصطادون فيها ما يريدون من الأهداف، بإطارات الدراجات النارية التي يجرون  فيها مباراة السباق الذي يملأه الحماس الشديد، بأكوام التراب التي يصنعون من خلالها أحلامهم التي ينشدون تحقيقها في المستقبل، عندما يصبحون  شبابا مؤهلين للعمل والبناء، فمنهم من يبني بيتا وآخر يعبد الطريق، وذلك يعمر قصرًا مشيدا حوله الحصون ومشفى يستقبل المرضى الوافدين إليه بالمجان.


ضجيجهم يشعرك  بالضيق والتضجر في بادئ الأمر، فهم كثيرو الكلام والحركة يمتلكون طاقة كبرى يفرغونها بهذا اللعب الذي يستأنسون به عندما يجتمعون بكل أصدقائهم وأقرابائهم، ولكن لا عليك بهذا الضجيج الذي يصدرونه، دعنا منه، إنهم كذلك لا يملون الكلام كما أنهم لا يملون من طموحاتهم ولا يملون من النظرة المليئة بالجمال نحو المستقبل المنشود، ركز قليلًا لترى الفكر الذي يحمله هؤلاء الأطفال على الرغم من صغر سنهم، إنهم أشبه كثيرًا بأطفال غزة ذكاءً وشجاعة وحنكة.


لايبالون بأصوات الرصاص التي يسمعونها أثناء ممارستهم لطقوس اللعب المقدسة لديهم. 

لاتهمهم رائحة البارود التي تعبق بالمكان من حولهم، ولا أصوات الأسلحة الثقيلة التي تدوى في الأفق من حولهم، بل إنك لتراهم، يشجع بعضهم بعضًا بقولهم: أنا لا أخاف فيقول الآخر له وأنا كذلك لا تهمني هذه الأصوات، إذن لاتهمهم أصوات الرصاص بقدر  مايهمهم الفوز باللعبة التي يلعبونها بهذا الوقت وبقدر ما يهمهم إنجازهم لعملهم الذي يقومون به.


تطلعاتهم للمستقبل تظهر من خلال أفعالهم فهذا يحب أن يكون طبيبا وذلك ويحب الدفاع عن مدينة تعز هذه  المدينة المقدسة  أرضًا وإنسانًا المعشوقة والحبيبة الوحيدة لأهلها  تجد أن جميعهم يحلم أحلامًا تنافس   النجوم رفعة ومكانة.


لك الخيار هنا بأن تحكم على هؤلاء الأطفال ولك الخيار في انتقاء وصفًا يليق بهم وبشجاعتهم، عندما تراهم  لايبالون مايفعله القناصون المُخْفينَ وجههم الذين لايظهرون  لهؤلاء إلا الموت أو الإصابة البالغة حقدا وبغضا. 

ومع هذا تجد للضحك متسعًا لا يمكن أن ينال منه أحد ولو كان الموت يزورهم بكل ساعة وحين.

مقال خاص بموقع المهرية نت 

المزيد من إفتخار عبده