آخر الأخبار

نفايات التحالف

الجمعة, 07 أغسطس, 2020

المواطن اليوم يعيش في وسط زوبعة من صراع الاستقواء , لقوى سياسية تستقوي بالتحالف و تتنمر على شركائها في وطن , تحالف لا يرغب باستقرار يمن دون ان يعيد تموضع النفوذ المريح لأجندات وأطماعه , و أكثر وضوحا يريد تمكين السلطة لوكيل مؤتمن لتلك الأطماع والاجندات .
 
صراع النفوذ القائم وبدعم سخي من التحالف , وضع المواطن والمواطنة في البلد على المحك , موطن يتضاعف وجعه اليوم أكثر واكثر كلما اشتد الصراع , وينخفض لديه ترمومتر التطلعات والآمال والأحلام , وهي تتحطم في مسار هذا الصراع السلبي المدمر للحياة العامة ومستقبل الامة .
 
في ظل هذا الصراع السلبي , والدعم السخي المقدم ,يتم ضرب فكرة الدولة وقواها الحية , لتنعش قوى طائفية مناطقية وجهوية , يتم انتقائها من مكب نفايات الماضي البائس , لاستدعاء جراحات ذلك الماضي , تبقي اليمن في حالة صراع يحد من نهضته وتقدمه , يحافظ على مستوى من التخلف والجهل والفقر , لضمان يمن متسول محتاج لدعم مشروط ومربوط بعلاقة التابع للتحالف  .
 
البحث في كل الاتفاقيات المبرمة بين المتصارعين في بلدي , وبوساطة سعودية , لن تجد فيها دعم واضح وسخي لفكرة الدولة وقواها الحية , بل ترتكز على أسس تقاسم السلطة والنفوذ , يعيد تموضع القوى ذات الفكر الطائفي والمناطقي والجهوي , لحين تتمكن من الانقضاض على ما تبقى من فكرة الدولة .
 
واتفاق الرياض , ونسخته المسرعة , يصب في ذات الفكرة , هو ضرب فكرة الدولة ومؤسساتها , لتقسيم البلد لكانتونات وتسلم لقوى متناحرة , تسهم في ذلك التقسيم وتبرر له , مع اقتطاع أجزاء مهمة من الوطن كغنيمة .
 
المتابع للأحداث , يجد نفسه أمام ادوات غبية , لا تقرأ التاريخ , وهي في جهالة من عبر ودروس هذا التاريخ , الذي سطر في كل صفحاته ان اليمن كانت ولازالت مقبرة للطامعين , وانها امام اليمن مجرد حشرة مزعجة .
 
صحيح انهم تمكنوا من إنكا الجروح , والعمل على التناقضات , وتوسيع الشروخ الاجتماعية , تمكنوا من تهيئة مخاض لتسعير حروب طائفية مناطقية جهوية , و استلهموا قدرة الكراهية في شق صف الامة , كسم زعاف , جعلوا من هستيريا الهذيان السياسي كراهية , مصيدة اعدوها بحنكة ودهاء وخبث , لتكن العصا التي  تشق الصف , ليبقى الكره سيد الموقف , ليعكر صفو التعايش والتوافق على وطن يستوعبنا .
 
مجرد مكر أوجد أكثر من انقلاب , في محاولة لتجزئة الوطن ل كانتونات صغيرة تديرها ميليشيات , محاولات ضرب الهوية , ونحر الروح الوطنية , تستأثر فيه النزعات العدوانية و الانتقامية ,و تعطل مكابح الفرد الأخلاقية فانتابه شعور عميق مدمر يعبر عن عدائية وغضب وحقد , ليوظف كقوة تدميرية في الحرب ,  للحشد والتعبئة لجبهات الباطل , حيث تعيق أي توافق وبادرة سلام .
 
البلد يحتاج لنزع فتيل تلك الحروب , يحتاج لإصلاح ذات البين , للتسامح والتصالح , لكبح جماح العنف , والكراهية في الوسط الاجتماعي , لوقف كل هذا العبث , ودعم المليشيات بكل صفاتها واشكالها , ليوجه الدعم للدولة كمؤسسات .
 
فكرة الدولة من الصعب أن يفهمها التحالف , لأن الفكرة مفقودة في منظومته السياسية , منظومة تديرها مؤسسة اسرية , ترتكز على الفرد ومصالح الاسرة , وتغيب فيها المواطنة التي أساس فكرة الدولة العادلة .
 
هل يتفهم التحالف فكرة الدولة والمواطنة ,  ضرورة التعدد  السياسي والفكري والثقافي والعرقي , ويتفهم ضوابط المنظومة السياسية والفكرية , النظام والقانون , عدم التفهم يضع التحالف في مواجهة حقيقة مع القوى الحية في اليمن , ويضعه موضع العداء من تطلعات وآمال واحلام الناس وثورتهم .
 
عداء بدعم سخي , يحيي فكرة ما قبل الدولة , فكرة الإمامة بالشمال والاقطاع بالجنوب , فكرة كان شعبنا اليمني العظيم رفضها في ثورتي سبتمبر وأكتوبر , واليوم اعادة إحياء أنظمة سياسية من بين ركام التاريخ , وهو المستحيل بعينه .
 
عدن لم تعد تحتمل المزيد , وكذلك صنعاء , وتعز اليوم تتصدى للمؤامرات , والمهرة تقاوم , وسقطرى ستعود لجذرها التاريخي , وستذهب اوهامكم لمكب نفايات التاريخ , من حيث جلبتم أدواتكم , انها اليمن عليكم قراءة تاريخها بتمعن لتدركوا خطورة اللعب مع الكبار , وفقدان صبر وتحمل الكبار , والله على ما اقول شهيد .
 المقال خاص بموقع "المهرية نت"
 

الحرب ومصير الأمة
السبت, 21 ديسمبر, 2024