لا شيء يحدث عبثا, كل شيء محكوم بإرادة الناس وتطلعاتهم وأحلامهم , وكل شيء محكوم أيضا بصبرهم , اذا نفذ هذا الصبر , يحدث انفجارا يغير من حركة الواقع , يربك الواهمون بالسيطرة على ذلك الواقع , بإدارة الدفة وفق مزاجهم , واهمون ان الناس مستسلمون لهم بغباء , واهمون أنهم بالقوة بالمغالطة بالتدليس , تمكنوا من خداع الناس من زرع الخوف فيهم , تمكنوا من قيادتهم كقطيع , ضامنين عدم خروجهم عن المخطط المرسوم , مثل هولا ينكرون الحقائق , لأنها تحطم أوهامهم , وما يحدث يربك مخططهم ,ويسقطون في وحل من التبريرات السخيفة , وحل من إنكار الحدث , والعودة للدفاع عن أوهامهم .
الناس لم تثور لتنصب جماعة لا تلبي أبسط تطلعاتها بالحياة الكريمة , لم تقدم التضحيات من أجل مشروع لا إنساني ,من اجل ان تتغنى بشعارات وتتوجع بالأعمال والسلوكيات , من اجل ان يحكمها أرجوز وكم دمى تحتكم لقوى العنف واستخبارات دول طامعة , جعلت من الوطن ساحة للتناحر والصراعات السلبية , و بث روح الكراهية والعنصرية , لتمزيق النسيج الاجتماعي , من أجل تأكل القيم والأخلاقيات , من أجل يتشكل نفوذ يأتي بأسوأ ما اتى به الأولين , من اجل ان يعاني الناس أشد معاناة , ويفتقدون لما تبقى لديهم من سبل الحياة .
الناس تصبر وتتحمل , وتنتظر خيرا , وتفقد هذا الصبر , عندما تفقد الامل بالقائمين ,عندما لا تجد فيهم خيرا , ثم تنهض لتستعيد حقها في الحياة , لتضع حدا للعبث القائم واستمرار معاناة , تحمي فيه السيادة وتحفظ الكرامة , لا تهتم بالشعارات الجوفاء, تحكم  بالأعمال , وترى بمصالحها , وترفض مصالح تعتلي مصالحها , وتعيش على معاناتها .
اثبتت المهرة برجالها موقف مشرف , بوضوح الطرح والهدف , بصمود حماية الأرض والعرض , من انتهاكات التحالف , رافضين استخدام ادوات محلية لتنفيذ اجندات لا وطنية , كانوا منتبهين لاستخدام التحالف القذر للقضية الجنوبية , لتنفيذ أطماع ومصالح تضر بالوطن وسيادته وكرامة المواطن , رفضوا الانجرار لحضيرة الطاعة العمياء لدول الجوار ,لرجعية لم تقدم لمواطنيها حرية ولا كرامة , ومن المحال ان تقدمها لغير مواطنيها , رجال  صدقوا ورفضوا الاستسلام للمال المدنس بانتهاك سيادة الوطن وكرامة المواطن .
تلك المحاذير اشرنا اليها كثيرا في مقالاتنا , و وضحنا معالم الكارثة المدمرة نقاد اليها   ,حذرنا ولا زلنا نحذر, وتعرضنا لوابل من الاتهام والازدراء , حاولنا تحطيم الأوهام , و استبسلوا لأوهامهم , وجعلوا من أنفسهم في مواجهة حقيقة مع واقع اليوم الرافض للاستسلام والمزايدة بالقضية , والقبول بارجوز ودمى تديرها الاستخبارات في مخطط استعماري جديد .
ما حدث في أبين مدينة لودر هو امتداد لبداية صحوة شعبية استشعرت الخطر, وهمت لتدافع عن الأرض والعرض , من تحالف سعودي إماراتي يستغل البلد اسوء استغلال , ويستخدم أدوات محلية لتنفيذ أطماعه و فرز سمومه ليبقى الوطن فاقد للسيادة والإرادة متناحر ,يقدم أبنائه قربانا لمعارك عبثية .
ليس غريبا من عدم استيعاب العابثون للحدث , من إنكارهم لحقيقة ما يجري , هو مؤشر حقيقي للإخفاق الفكري والقيمي والأخلاقي للمشروع , كما شهدناه في كل الانظمة المستبدة , والعقلية الصلفة ,والتمترس الأيدلوجي والمشاريع الصغيرة , التي تتخذ من الإنكار وسيلة دفاع عن باطلها , وترفض الاعتراف بالأخر , وحقائق مجرى التاريخ والتحالفات الذي تفرضها المرحلة , وحق الناس في الدفاع عن حياتهم ومستقبلهم و وطنهم وكرامتهم , حقهم في رفض الانجرار لمشروع لا يلبي قناعاتهم وتطلعاتهم الاكبر والاعظم من قناعات وتطلعات فئة او جماعة او ايدلوجيا او منطقة او طائفة .

المقال خاص بموقع "المهرية نت"