آخر الأخبار
أثرياء في زمن جاع فيه الناس!
لا يختلف اثنان اليوم أن الفساد تغلغل في مفاصل مؤسسات الدولة وسيطر عليها، وأضعفها وأفقدها مهامها الوطنية، حتى صارت غير قادرة على الإيفاء بالتزاماتها اتجاه الوطن والمواطن.
وبالتالي كان لابد من أن تدور عجلة مكافحة الفساد، حتى تحرر مفاصل تلك المؤسسات، لتتمكن من أداء دورها، وخاصة المؤسسات الاقتصادية التي تعطلت بفعل الفساد، مما أوقف الإنتاج ، وبالتالي توقفت شرايين الضخ المالي لوعاء البنك المركزي، الممول الرئيسي لكل بنود الصرف، من رواتب وتنمية اقتصادية وسياسية، ودعم حقيقي للريال اليمني أمام العملات الأجنبية ، يقابله دعم اقتصادي ومعيشي لتحسين معيشة الناس وتحقيق الرفاهية للمجتمع.
ولكي تدور عجلة مكافحة الفساد، لابد من التوافق على تهدئة الأزمة السياسية، ونزع فتيل المشاحنات والصراع، فكلما اشتدت واستفحلت الأزمة بين شركاء العمل السياسي، كلما وجد المنتفعون والفاسدون مجالات للتغلغل بين تلك الأطراف ، للسيطرة على مفاصل الدخل العام والإيرادات ، للاستئثار بها ونهب نسبة كبيرة منها، لتذهب نسبة ضئيلة لتغذي الخزينة العامة( البنك المركزي) والنسبة الأكبر توزع بينهما، حتى صاروا أثرياء في زمن جاع فيه الناس ، وقادة على شعب مغلوب على أمره ، و عبء على الوطن والمواطن، و الشعب يعرفهم من سيماهم(كروشهم) من إثر البذخ.
الاختلاف لا يفسد للود قضية، وقضيتنا اليوم هي مكافحة الفساد، بعد أن شهدنا دوران عجلتها وإن كان ببطء، فعلينا تشجيع هذا الدوران ليتسارع ليطول كل هوامير الفساد، من رأس السلطة حتى أصغر موظف وسياسي.
ولن يتضرر من دوران عجلة مكافحة الفساد إلا الفاسدون، ولكي يستمر فسادهم، فعليهم تأجيج الأزمة السياسية، والتحشيد والتحريض( مع وضد) ليجدوا مبررات بقائهم مسيطرين على مفاصل المؤسسات.
وما نحتاجه اليوم هو ثورة شعبية، طاهرة ونظيفة من الانتماءات الضيقة مناطقية طائفية ايدلوجية، ثورة وعي الجماهير بمصالحها، والحذر من أن تتحول تلك الجماهير لمجرد حشود تسهم في بقاء الفساد والفاسدين، جماهير مرت بتجارب مريرة تستطيع تمييز الفاسدين مهما حاولوا التخفي خلف مشاريع، وتوزعوا بين مفاصل الدولة وبين شركاء العمل السياسي ، تراهم مختلفون، وهم في الحقيقة متفقون على توزيع الأدوار في ما بينهم، شركاء في النهب والبسط والانتهاكات، والمواطن والوطن هما الضحية.
مكافحة الفساد يحتاج لتفعيل دور الرقابة والمحاسبة، القضاء والنيابة، وهي مؤسسات تستلهم قوتها من القانون، اذا ما وجد راي عام واعي وجماهير تواقة لمكافحة الفساد، تدرك مصالحها وتطلعاتها واحلامها، ستشكل قوة في مواجهة كل فاسد ومفسد وكل إرهابي منتهك لحقوق الناس وكرامتهم، جبهة فيها كل المخلصين والشرفاء ورجال النزاهة، يتقدمون التصدي للفساد والانتهاكات.
نحتاج وعي يحرر العقل من التعصبات الصغيرة مناطقية طائفية عقائدية وحزبية، تلك التعصبات التي يجد من خلالها الفاسدون حشودهم ويحتمون خلف شعارات كاذبة، لا أمان بالفاسدين، فاحذروهم وإن كانوا أشد قربا إليكم ، أنانيتهم تفوق التصور وجشعهم لا حدود له، إيمانهم بمصالحهم، مرض سرطاني يتغلغل في جسد الدولة ومؤسساتهم، يضعفها ويقتل همتها، ويعطل دورها في حماية حقوق الناس وتوفير الاستحقاقات الضرورية للحياة الكريمة، سرطان يحتاج لثورة لاستئصاله، ثورة تطهر الدولة من خبائث الفساد والانتهاكات لتتعافى ويتعافى وطن.
*المقال خاص بالمهرية نت *