آخر الأخبار

خذو العبرة من مستعمرة عدن

الأحد, 12 يناير, 2025

هل تدرك السلطة المحلية في عدن اليوم، أنهم يديرون مدينة ذات تاريخ عريق في الشؤون الإدارية والاقتصادية والسياسية، كانت دولة، حكومة وبرلمان( مجلس تشريعي) ومؤسسات، قبل أن تعرف دول الجزيرة ماذا تعني الدولة.


وكانت نموذجا لدولة النظام والقانون، عليهم البحث في هذا النموذج ودراسته بعمق لكي يستشفوا منه خططهم وسياساتهم واستراتيجياتهم، لإدارة حاضر المدينة ورسم مستقبلها.


أول مدينة في المنطقة عرفت التخطيط المدني العمراني، والإدارة المالية والاقتصادية، التعدد السياسي والفكري والثقافي، الازدهار التربوي والصحي والفني والرياضي الإعلامي.


هذه المدينة التي تعيش اليوم أوضاعا سيئة، لأن من يديرها من خارج ذلك التاريخ ولا يعرف ذلك النموذج، هم نتاج لما حدث لعدن من نكبات، مثخنين بتلك النكبات، ولهذا سياساتهم واستراتيجياتهم مبنية على النكبات، وابتكار قوى الحاضر المثخن بالأزمات، فعدن وكوادرها من تلك الحقبة مهملين لم يبق منهم غير القليل، تم إقصائهم وتهميشهم وقهرهم واهانتهم، حتى ماتوا وماتت معهم تجربة ونموذج، وما تبقى منهم لا يستشارون ولا يستفاد منهم.

عرفت عدن نظام المهندس البلدي، وكانت مدينة ذات تخطيط عمراني علمي يراعي الخصوصية المناخية للمدينة، لا يسمح لأي كان من كان أن يخرق هذا العمران، مباني تراعي حركة الرياح، مجاري السيول، أهمية الحدائق والمتنفسات، الارتفاع المحدد للمباني، استمر هذا النظام حتى بعد الاستقلال بفترة، وبدأ يدمر شيئا فشيئا حتى صار ماضيا لا وجود له، كوادره مهملة في البيوت، وأتذكر منهم المهندس البلدي العدني بدر محمد ناجي، الذي يملك تجربة يمكن الاستفادة منها ان كان هناك رغبة في الإصلاح.

للنظر لهذه التجربة التي تحولت لمجرد تاريخ في عالم متطور، صار البديل يسيئ بكل ما تحمله الكلمة من معنى، حول المدينة لكتله عشوائية، ومخنوقة ومعرضة للكوارث والسيول ، افتقدت للحزام الأخضر الذي كان يلطف مناخها صيفا ويحميها شتاءً، صارت مجرد كتل خرسانيه متزاحمة، تمتص الحرارة نهارا وتبثها ليلا، كتل خنقت رئة المدينة، وتمددت لتبسط على متنفساتها.


تجربة الخزينة العامة التي كانت تجربة حديثة تضبط حركة المال والصرف، ولا تسمح للفساد أن يتوغل في هذا المجال، الذي أصبح اليوم مجال خصب للفاسدين، الخزينة العامة رغم آلياتها اليدوية، لكنها كانت تحفظ للجميع حقوقهم، أتذكر الرسائل التي كانت تصل للموظفين بقرارات علاوتهم وتسوياتهم دون أي متابعة، اليوم ومع تطور وسائل العمل إلا أننا تأخرنا كثيرا، والسبب إهمالنا للتجارب والكوادر، وصارت المحاباة والاصطفاف المناطقي والسياسي هما معايير اختيار المسؤول، ولهذا وجدنا الكثير ممن يعملون في وظائف في غير تخصصهم، بل وبعضهم لا يملك أي تخصص.

التعليم كان عمودا صلبا في التنمية في عدن، لا يتم قبول المعلم دون المرور في اختبارات تؤكد حقه بالوظيفة، دون فحص نفسي واجتماعي، وبدأ الانهيار عندما فقدنا لمعيار اختيار المعلم، بل اختيار التأهيل للمعلمين، والكل يعرف عزوف الأذكياء للتأهيل في دار المعلمين وكلية التربية، بسبب أن المعلم أقل اهتماما من قبل الدولة، راتب ضئيل وغير محفوظ المكانة، بل كانت الإدارة تلزم البعض لتدريس مواد غير متخصص بها ، أي تكملة فراغ ، ومن هنا بدأ تدمير التعليم.


اليوم مفهوم المجالس المحلية لزيادة الإيرادات هو زيادة في حجم الاتاوات والجبايات فساد مشرعن ، يضاعف من الغلاء، ويضيق الخناق على الرأس المال والتاجر وذوي المشاريع الصغيرة، بينما أمامهم مرتكزات اقتصادية معطلة يمكن تشغيلها، تنمية بشرية واقتصادية، تشجيع للمشاريع الصغيرة والكبيرة، السياحة والاصطياد، تشجيع الشباب للعمل الخاص المنضبط، تشجيع الاستثمار بدون اعباء ماليه مثقلة.


فهل نعود لنأخذ من الماضي ما ينفع الحاضر، وهذا يتطلب العودة لكوادر عدن وأبنائهم ، ومعظمهم من أبناء عدن يعرفون تاريخها عاشوه وتربوا عليه فهل يسمع من يقود دفة المدينة، ليسجل التاريخ أنه كان الأفضل في قيادتها، ولله في خلقه شئون؟؟! 

    *المقال خاص بالمهرية نت *    

2025 عام الأمل والتجديد
الثلاثاء, 31 ديسمبر, 2024
الحرب ومصير الأمة
السبت, 21 ديسمبر, 2024