آخر الأخبار

غارات "التحالف" باليمن.. قصف عشوائي أم ضربات لأهداف حقيقية؟

مقاتلات التحالف

مقاتلات التحالف

المهرية نت - تقرير خاص
الجمعة, 17 أبريل, 2020 - 04:18 مساءً

منذ مارس / آذار 2015م يشن التحالف العربي، عبر مقاتلاته غارات جوية يقول إنها لإسناد القوات الحكومية باليمن في معركتها ضد مسلحي جماعة الحوثي عقب سيطرتهم على العاصمة صنعاء وزحفهم باتجاه المحافظات الجنوبية والشرقية.

 

كانت تصريحات التحالف حينها تشير إلى أن غاراته الجوية تمكنت من تدمير قدرات الحوثيين العسكرية والتسليحية، إلا أنه ومع مرور الأيام زادت حدة الانتقادات من المنظمات الأممية والحقوقية حول آثار وتداعيات تلك الضربات وحصدها أرواح المئات من المدنيين.

 

لم تتوقف الغارات عند استهداف المدنيين في كثير من الضربات، بل إنها وصلت إلى استهداف قوات الجيش الوطني في جبهات القتال ومواقع أخرى بعيدة عن دائرة الصراع المسلح، الأمر الذي وضع علامات استفهام لدى قطاع واسع من اليمنيين والمتابعين للشأن اليمني، وما إذا كان ذلك انحرافا من التحالف عن أهدافه المعلنة أو سياسة متعمدة للتحكم في سير وإيقاع المعارك وتقدم كل طرف على الأخر في ظل ضبابية باتجاه حسم المعركة سواء عسكريا أو سياسيا.

 

وخلال الخمس السنوات الماضية تعددت ضربات استهداف التحالف لقوات الجيش اليمني والمدنيين، كان أولها في الثامن يوليو 2015، حيث شنت مقاتلات التحالف العربي، ثلاث غارات استهدفت اللواء 23 ميكا الموالي للشرعية في العبر بمحافظة حضرموت البعيدة في مناطق المواجهات، في خطوة وضعت علامة استفهام عريضة حول الهدف من الضربة لمعسكر تابع للحكومة يتم التحضير التدريب للقوات الحكومة لمواجهة الحوثيين.

 

وخلف القصف مقتل أكثر من 20 ضابطا وجنديا وإصابة 50 آخرين، واعتبرت وزارة الدفاع اليمنية الغارة بأنها، وقعت عن طريق الخطأ وقالت حينها إن التحقيق جار على أعلى المستويات لاكتشاف أسباب الخطأ.

 

ومن أبرز الغارات التي خلفت تداعيات واسعة، قصفت مقاتلات التحالف، في أكتوبر 2016م، صالة عزاء بصنعاء، تمتلئ بالمواطنين، ما أسفر عن مقتل وإصابة المئات غالبتهم من المدنيين، ورغم نفي التحالف وقوفها وراء العملية، إلا أنه أقر بها في منتصف أكتوبر 2016، وأرجع الغارة إلى معلومة مغلوطة قدمتها جهة من الجيش.

 

وفي أغسطس الماضي، قصف الطيران  الإماراتي قوات الجيش في منقطة العلم في عدن، أثناء تأهبه لدخول العاصمة المؤقتة وإنهاء الانقلاب على الحكومة اليمنية الذي نفذته مليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي التي تدعمها أبو ظبي، في تناقض واضح مع أهداف التدخل المعلنة.

 

وتسبب القصف في توتر للعلاقة بين الحكومة اليمنية التي اتهمت الإمارات بقتل وجرح 300 من قوات الجيش حراء القصف، فيما زعمت الإمارات أنها استهدفت عناصر إرهابية، ما خلق موجة غضب واسعة في اليمن تجاه مزاعم الإمارات حول الحادثة.

 

ومع استمرار الغارات الجوية للتحالف العربي، تتباين الآراء حولها، حيث يرى محللون عسكريون أن الغارات التي يشنها التحالف ساهمت في الحد من توسع سيطرة الحوثيين على كثير من المناطق، ومثلت دعما للقوات الحكومية في تقدمها في كثير من الجبهات.

 

 اليوم وبعد دخول الحرب عامها السادس، تبرز الكثير من التساؤلات حول تأثير الغارات الجوية في ظل تقدمات أحرزها الحوثيون مؤخرا شرقي صنعاء وفي محافظة الجوف، وهل باتت قصفا عشوائيا وردود أفعال من التحالف حول عمليات الحوثيين التي تستهدف مدن ومنشآت داخل السعودية، أم لدى التحالف أهداف عسكرية حقيقة يجنيها من وراء الضربات.

 

في الثامن من أبريل / نيسان الجاري، أعلن التحالف بقيادة السعودية وقفا شاملا لإطلاق النار في اليمن لمدة أسبوعين، مع إمكانية تجديده، معللا ذلك بأنه يأتي دعمًا لقرار الحكومة اليمنية بقبول دعوة الأمين العام للأمم المتحدة لوقف إطلاق النار، لمواجهة تبعات انتشار فيروس كورونا.

 

وجاء إعلان الهدنة الأحادي، بعد سلسلة غارات عنيفة شنها التحالف على عدد من المحافظات أبرزها العاصمة صنعاء، كما تزامن الإعلان مع تقدمات معاكسة أحرزتها القوات الحكومية في مأرب والجوف والبيضاء، بعد تقدمات حديثة للحوثيين في ذات الجبهات.

 

غارات بنتائج شحيحة

 

ويرى الباحث والمحلل عسكري الدكتور علي الذهب، لـ"المهرية نت" أن أثار وتداعيات الغارات الجوية باتت شحيحة اليوم وليست كما كانت من قبل، مرجعا ذلك إلى أن المسائلة تتعلق بالأهداف وكثرتها على الأرض.

 

وأشار إلى أن الغارات الجوية مؤثرة ولكنها في إطار العمل الاستخباراتي الجيد ونشاط قوات الحوثيين على الأرض، لافتا إلى أن هناك غارات استنزافية للتحالف تمت عبر عمليات الحوثيين في التضليل والإخفاء وعمل مناطق خداعية من أجل الاستنزاف.

 

وأضاف "هذه القضية لها تبعات أخرى وأهداف للحوثيين في خلق رأي عالمي مناهض للحرب وزيادة وتيرة السخط ضد التحالف لدى الشعب والالتفاف حول الحوثيين".

 

ويؤكد الذهب أن الضربات الجوية للتحالف ليست عشوائية، لأنها قائمة على تحرك محكوم بمعلومات مسبقة إلا أنه في بعض الأحيان يضرب الطيارون أماكن نائية عندما ما لا يتبين الهدف.

 

وذكر أن الغارات لها أهداف ثابتة ومبنية على معلومات مسبقة وحاليا لم يعد هناك أهداف استراتيجية إلا النادر، مضيفا "هناك أهداف متحركة على خطوط القتال والمواجهة وخطوط الإمداد للأسلحة والمقاتلين، وهو ما أثبتت فيه الغارات جدواها خلال الشهر الماضي".

 

وأشار إلى أن هناك ضربات تستهدف مناطق القيادة والسيطرة ومناطق الحشد ومعسكرات التدريب التي يستغل الحوثيون بعض المنشآت في هذا المجال هروبا من الضربات، لافتا إلى أن أكثر ما يستهدفه التحالف هذه الأيام نوعين "أهداف خداعية يقوم بها الحوثيون للتمويه والإخفاء والأهداف غير استراتيجية ومناطق الحشد والمعسكرات".

 

وتطرق الذهب إلى الغارات الأخيرة ومنها استهداف الكلية الحربية، مؤكدا أن ذلك المكان عسكري بامتياز، غير أن الحوثيين استطاعوا توظيف الضربة وأثاروا الرأي العام عندما تحدثوا أنها منشأة تعليمية وجرى استهداف الحيوانات بداخلها.

 

 ويعتقد الذهب أن التحالف أعلن الهدنة بعد ضربة قوية شنها استهدفت مناطق كثيرة من بينها خطوط جبهات الجوف ونهم والبيضاء وصرواح ومناطق داخل صنعاء.

 

وبين أن التحالف يعمل وفق سياسة "تصعيد وتهدئة"، موضحا أن الهدنة جاءت بعد التصعيد للوقاية من أي ضربات أو استجابة عنيفة من الحوثيين سواء بالطائرات المسيرة أو الصواريخ الباليستية.

 

 وتابع "هذا لا يمنع الحوثيين من الرد على التحالف وخاصة السعودية"، متوقعا أن ينفذ الحوثيون خلال الأيام القادمة ردا على تلك غارات التحالف.

 

عمليات ترقى لجرائم حرب

 

إلى ذلك يقول رئيس منظمة سام للحقوق والحريات، توفيق الحميدي، لـ"المهرية نت" إن التقارير الدولية سجلت ارتكاب التحالف العدد الأكبر من الأضرار المادية والبشرية بسبب قصف الطيران.

 

وأوضح أنه سجل من 2015 إلى 2020 تغيرا ملحوظا في ضربات التحالف كان آخرها قصف كلية المجتمع الذي خلف 130 قتيل.

 

وأشار إلى أن بعض المصادر تقول إن عدد الغارات التي استهدفت المدنيين تبلغ أكثر من ألف غارة، لافتا إلى أن منظمة سام فقط سجلت أكثر من 600 غارة وضحاياه ما يقارب 10000، إضافة إلى تدمير ما يقارب 133 مشفى، وأكثر من ألف مدرسة، فضلا عن الجسور والمنشآت الأثرية والخدمية.

 

وأكد أن هذه الغارات ترقى إلى جرائم حرب تستوجب المساءلة القضائية وجبر ضرر الضحايا من خلال التعويض العادل.

 

وبين أن تخبط التحالف وانحراف بوصلته حوله إلى عبء كثير في معركة استعادة الدولة، وأصبحت كلفته المادية والبشرية كبيرة جدا.

 

 


كلمات مفتاحية: التحالف الغارات اليمن الحرب


تعليقات
square-white المزيد في محلي