آخر الأخبار
الهزيمة في الصحراء.. كيف فقدت الإمارات قوتها في اليمن؟
ميليشيات دربتها الإمارات على متن دبابة جنوبي اليمن
الاربعاء, 30 ديسمبر, 2020 - 10:51 مساءً
قيل ذات مرة أن الإمارات هي "الضوء الساطع للشرق الأوسط" و "سبارتا الصغيرة" ، لكن حظوظها بدأت تتضاءل بعد سلسلة من الانتكاسات العسكرية المهينة في اليمن وأماكن أخرى.
كانت القوات المسلحة الإماراتية التي أطلق عليها وزير الدفاع الأمريكي الأسبق جيمس ماتيس اسم "سبارتا الصغيرة" سمعة قتالية تمتد من ليبيا إلى أفغانستان، حتى التقوا ببطل شبوة صاحب الأصابع السبع والساق الواحدة، وأصغر عميد في جيش الحكومة اليمنية، واسمه عبد ربه لعكب (32 سنة).
استطاع العميد لعكب هزيمة القوات الإماراتية بـ300 جندي، وحفنة من العربات العسكرية التي تحمل فوقها مضادات الطيران.
قام الإماراتيون بتدريب الآلاف من المليشيات المحلية، فيما أسموه "قوات النخبة الشبوانية"، وهي حرس الاستراتيجية العسكرية والسياسية الإماراتية في جنوب اليمن.
يقول العميد لعكب إنه في المساء، مع اقتراب الليل في شهر أغسطس الماضي، غارت مليشيات النخبة على مدينة عتق عاصمة محافظة شبوة (جنوب اليمن) بكل قوتهم لمحاولة السيطرة عليها.
ثم حدث أن تمكنت مجموعة من رجال لعكب من الوقوف أمام العدو الذي يحاصر منزل المحافظ، وفي صباح اليوم التالي أقدم أحد الأفراد على مهمة شبه انتحارية، وتمكن من السيطرة على نقطة تفتيش عند مفترق رئيسي، وفجأة أصبحت مليشيات النخبة في وضع دفاع.
بحلول نهاية ذلك اليوم، تم طرد هذه المليشيات من المدينة، وخلال اليومين التاليين، دفع رجال العميد - المعززون من الخطوط الأمامية - الإماراتيين ومليشياتهم المحلية إلى الشمال 120 ميلاً، على طول الطريق الرئيسي الى الساحل.
استهزأ العميد لعكب من الهزيمة وقعت بهم قائلاً: "كان رجالهم يتصلون بي ويسألونني: أين نحن؟" حتى يتمكنوا من الفرار قبل وصولنا".
إن هذه الهزيمة على يد لعكب جاءت لتؤكد تراجع حظوظ أبو ظبي من الخطط الكبرى للتأثير والسلطة، إلى الإذلال والهزيمة في الصحراء.
عتق مدينة أقرب إلى الريف، على عكس أبو ظبي ودبي حيث الفنادق الفخمة ومراكز التسوق المكتظة، وكذلك العميد لعكب يتناقض بشكل صارخ مع القادة الملكيين في الإمارات، فقد تمت ترقيته في حرب القوات الحكومية ضد الحوثيين، حيث كان ضابطا صغيرا، وفقد إحدى ساقيه وثلاثة أصابع في يده، وهو الآن يقود القوات الموالية للحكومة في شبوة، وهي قصة تشكل درساً في الحسابات الخاطئة للإماراتيين في تدخلاتهم في اليمن.
عندما أصبحت الإمارات تشعر أنها هي القوة القادمة في الشرق الأوسط، كان سفراؤها في الغرب مقربين من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وأصبح سفيرها في واشنطن يوسف العتيبة لاعباً في الدائرة المحيطة بجاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
أصبحت أبو ظبي الآن في موقف ضعيف، حيث بدأت تخسر الحروب التي بدا أنها انتصرت فيها يوما ما في اليمن وليبيا، تماماً كما تم طرد أكبر حليف لها من البيت الأبيض.
إن هزيمة الحلفاء المحليين للإماراتيين في عتق ليست سوى واحدة من سلسلة الانتكاسات التي عانت منها خلال الأشهر الـ 18 الماضية، وذلك بعد أن قام الإماراتيون عن غير قصد بشق القوات الحكومية إلى نصفين مما أدى إلى اندلاع حرب أهلية داخل الحرب الأهلية.
لم تكن الإمارات تثق في القوات الحكومية، التي تضم وحدات إسلامية وليس قلة من الأفراد الذين قاتلوا مع القاعدة، وأصبحوا يفضلون مجموعة من أصباح النفوذ ذوي العقلية العلمانية، الذين كان ولاؤهم الأساسي لحركة انفصالية جنوبية طويلة الأمد.
سرعان ما تعافى الانفصاليون بالمال والتدريب الإماراتيين وبدأوا العمل خارج سيطرة الحكومة المعترف بها دوليا، وفي النهاية عملوا ضدها، وهو ما أوصل إلى الاشتباك في عتق.
ولا تزال الإمارات وحلفاؤها يسيطرون على معظم موانئ اليمن الرئيسية، بما في ذلك عدن ومنشأة بلحاف للغاز المسال جنوب شبوة، والتي تضم أكبر مشروع صناعي في جنوب اليمن.
أصبحت منشأة الغاز الطبيعي المسال في بلحاف، التي بنتها شركة توتال الفرنسية بتكلفة 5 مليارات دولار، متوقفة حالياً، وقد أدى تقدم العميد لعكب إلى قطع دائرة نفوذ الإمارات إلى نصفين هشين.
المصدر The Times