آخر الأخبار
اغتيال "حُراس الجزيرة".. سلاحف سقطرى مهددة بالانقراض في ظل الهيمنة الإماراتية
صيد السلاحف في سقطرى
الأحد, 08 نوفمبر, 2020 - 09:49 صباحاً
لا يمضي يوم جديد ولا تشرق شمسه على شواطئ أرخبيل سقطرى دون مشاهد لبقايا سلاحف مذبوحة مرمية على جانبي شواطئ الجزيرة وطرقاتها، في مشاهد صادمة وخسائر فادحة لعملية النزيف المتواصل للبيئة البحرية والشعب المرجانية والعبث بالطبيعية عبر اصطياد السلاحف البحرية والبرية المهددة بالانقراض دون تدخل السلطة المحلية التي أصبحت معطلة في ظل هيمنة السيطرة الإماراتية على المحافظة اليمنية الحيوية.
لم يشفع تاريخ ما يطلق عليها "حراس الجزيرة" السلاحف الصقرية، وغيرها من الأنواع التي تصل أعمارها لمائة عام، وقيامها بالمحافظة على صحة الشعاب المرجانية وقتل القناديل السامة، من الاصطياد الجائر لها ، وباتت مهددة بالانقراض والتي تعد كنزاً بحرياً ذات أهمية كبيرة في الحفاظ على التنوع البحري الفريد في أرخبيل سقطرى.
جثث السلاحف
أصبحت جثث السلاحف متواجدة في جميع أنحاء جزيرة سقطرى، هكذا بدأ فيصل عبدالله، مواطن سقطري، حديثه، لـ"المهرية نت" قائلا: لم يعد هناك حرج أو خوف من صيد السلاحف البحرية التي كان محرم على جميع السكان صيدها.. الآن يتم بيعها علناً في السوق دون الاكتراث للأضرار البيئية الكبيرة الناتجة عن هذا العمل.
واضاف: العبث بلؤلوة المحيط وصل إلى البحر ناهيك عن البر، حيث أصبح من الطبيعي ان تشاهد بقايا جثث سلاحف متروكة في العراء أو على الشواطئ أو في المناطق الداخلية للجزيرة.
وأفاد بأن هناك كثيرا من المواطنين استفادوا من برنامج مراقبة السلاحف البحرية في سقطرى وأنا أحدهم قبل تسع سنوات من الآن، حيث كان صيد السلاحف مجرماً وتم إيقافه في تلك الفترة من خلال عمل حراسات ليلية، وكان هناك تعاون بين البرنامج والسلطات الأمنية في الجزيرة.
الإمارات وبيع المحميات
عدنان السقطري، يقول صحيح إن سقطرى كانت بعيدة من الأحداث الجارية في بقية المحافظات اليمنية والحروب والصراعات بسبب انعزالنا جغرافياً، لكنها عانت من استنزاف كبير لبيئتها البحرية بسبب قيام عناصر المجلس الانتقالي - المدعوم اماراتياً - بتعطيل دور الحكومة في الجزيرة.
وأضاف: منذ أربعة أعوام عانت الجزيرة من إحكام دولة الامارات سيطرتها التامة على الجزيرة، وتم اهمال التنوع البيئي والطبيعي والاهتمام به في الجزيرة، ما شجع الكثير من السكان ومعدومي الضمير بارتكاب مجزرة في اصطياد السلاحف وبيعها وامتهان البعض لهذا العمل بعد انقطاع المرتبات الخاصة بالمواطنين وتدهور الوضع المعيشي وحدوث أزمات في المشتقات النفطية وارتفاع اسعار المواد الغذائية.
ولفت إلى أن: الجميع يعلم أنه في شهر مارس من العام 2018 قامت السلطات ببيع محمية السلاحف في منطقة عبلهن وتم تشييد سور على شواطئ المحمية وفقاً لمذكرة رسمية علم بها سكان جزيرة سقطرى بالإضافة إلى قيام ببيع وتصدير الشعب المرجانية في الجزيرة.
خرافات وأساطير
يترك لحم السلحفاة رائحة نفاذة على اليد بعد أكلها، بناء على معتقدات شعبية خاطئة، منها ما يؤكده المواطن علي الضمد قائلا: يقوم الكثير من الناس باصطياد السلاحف وبيعها وبناء على معتقدات شعبية وللأسف ما تزال هذه المعتقدات موجودة حتى اليوم وتتمثل في أن لحم السلاحف لديه خاصية سحرية تعالج جميع الأمراض.
وقال: لحمها دهني جداً ويرفع نسبة الدهون في الجسم ما يؤدي لارتفاع احتمال الإصابة بجلطات وفق ما أكده الأطباء والباحثون في الجزيرة.
حراس الجزيرة
مخاطر الصيد الجائر للسلاحف وجمع وتصدير المرجان، أدت إلى آثار مدمرة بدت ظاهرة على سواحل الجزيرة، ما تسبب باختلال التوازن في التنوّع البحري في الجزيرة، بالإضافة إلى تعرية الأراضي الساحلية، وتدمير المنظر الجمالي لها.
ويؤكد علي الكسادي، أحد قاطني الجزيرة لـ"المهرية نت" أن السلاحف تحمي السقطريين، قائلاً: لا أبالغ إن قلت لكم إن السلاحف تقوم بحراسة جزيرتنا من قناديل البحر السامة، لأن السلحفاة البحرية هي العدو الأول للقنديل وتقوم بالتغذية عليه، وطعام السلاحف البحرية هو القناديل ولذلك فإن أهم أسباب كثرة القناديل هو انقراض السلاحف وقلة أعدادها في قاع البحر، وهذا ليس كلامي بل كلام الدكتور مجدي علام، الخبير الدولي في شؤون البيئة.
وأفاد: أن السلاحف البحرية التي تخلصنا من مخاطر ولسعات قناديل البحر لكن للأسف مهددة بالانقراض على سواحلنا بسبب الصيد الجائر غير المشروع.
ومن عجائب الجزيرة دون غيرها، التي تنفرد بها تعيش أنواع متعددة من السلاحف البحرية وعلى رأسها السلاحف صقرية المنقار وكبيرة الرأس والخضراء وغيرها، حيث تضع السلاحف بيضها في الرمال خلال موسم الرياح الموسمية.
وتصل شواطئ الجزيرة قرابة 230 سلحفاة أنثى لوضع بيضها حسب مرصد الهيئة البيئية بالجزيرة.
إلا أن مئات السلاحف التي تصل للشواطئ سقطرى تلقى مصيراً مرعباً ووحشياً لاستمرار اصطياد السلاحف في الجزيرة، حيث تتحول إلى وجبة مكملة للغذاء، يتناولها بعض السكان المحليين وغيرهم من عناصر المجلس الانتقالي الذين باتوا يسيطرون على الجزيرة بشكل كامل.
وكان تحذير من السلطة المحلية في جزيرة سقطرى لمحاولة ضبط الصيادين في يونيو من العام الحالي 2020 حيث قال مدير عام الهيئة العامة لحماية البيئة في الجزيرة علي محمد سالم: إن هيئة حماية البيئة لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه من يقوم باصطياد السلاحف من الجزيرة.
وأشار في ذلك الوقت إلى أن عمليات الاصطياد للسلاحف في جزيرة سقطرى زادت في السنوات الأخيرة بسبب توقف نشاط مراقبة اصطياد السلاحف بسقطرى منذ بداية الصراع في الجزيرة، مؤكدا بأن ذلك كان له تأثير كبير في تفاقم مشكلة الاصطياد للسلاحف في شواطئ الجزيرة.
لا تقتلوا السلاحف
يحذر عضو هيئة البيئة نبيل علي، من استمرار قتل السلاحف بجزيرة سقطرى، قائلاً لـ"المهرية نت": يجب على جميع أبناء سقطرى إيقاف هذا العبث الممنهج لثروة سقطرى البيئية والطبيعية، حيث أصبحت هذه الأيام تتعرض أربعة أنواع من سلاحف سقطرى لإبادة وجريمة عبثية تهدد أهم نوع من أنواع التنوع الحيوي البحري بالانقراض الفعلي والحقيقي.
وقال: يجب على السقطريين عدم السماح للمجلس الانتقالي بالعبث بثروة الجزيرة، وهل هناك أكثر حماقة ممن يعبث بثروات بلاده دون مبالاة ومراعاه لعواقب هذه الأعمال التخريبية العبثية.
وأنا كمواطن يمني يدرك أهمية سقطرى وبيئتها النادرة، أدعو جميع الخيرين بالجزيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه والحد من هذا العبث الذي طال سلاحفنا النادرة بعد سيطرة دولة الامارات وبسط نفوذها على جزيرة سقطرى أحد مواقع التراث العالمي وأجمل جزر العالم مهددة بإزاحتها من قائمة التراث العالمي، وحينها سوف تخسر جزر سقطرى كل امتيازاتها الدولية.
وأكد سكان محليون أن سعر السلحفاة وصل إلى 80 ألف ريال، حيث تقوم عناصر تابعة للمجلس الانتقالي بإغراء السكان بصيد السلاحف وعرض عليهم مبالغ مالية ضئيلة مقابل شرائها.
مؤكدين أن هذا يأتي ضمن عملية صيد جائرة للسلاحف البحرية من قبل القوات السعودية أيضاً، في ظل تعطيل مستمر على مدى أربع سنوات لمكتب حماية البيئة وإيقافه عن أداء عمله بسبب تعطيل عمله في ظل سيطرة المجلس الانتقالي المدعوم اماراتياً على الجزيرة.
ودعا السكان الحكومة اليمنية والجهات المعنية بحماية الحياة الطبيعية للتدخل العاجل لحماية أرخبيل سقطرى من هذه التدخلات التي تخرق القوانين المحلية والدولية والتي تقضي على البيئة والتنوع الحيوي في الاستمرار في قتل السلاحف بالجزيرة.