آخر الأخبار

اليمنيون في ذكرى سبتمبر.. بين الاستبداد الداخلي والاحتلال الخارجي 

تتزين شوارع مدينة مأرب بلافتات وشعارات ترحيبيبة بذكرى ثورة سبتمبر

تتزين شوارع مدينة مأرب بلافتات وشعارات ترحيبيبة بذكرى ثورة سبتمبر

المهرية نت - تقرير خاص
الاربعاء, 23 سبتمبر, 2020 - 10:56 صباحاً

 تعود ذكرى ثورة السادس والعشرين من سبتمبر على وقع تحديات عديدة تشهدها اليمن اليوم، فبعد ثمانية وخمسين عاماً من عمرها تشتد الأزمات وتزداد التحديات، إذ يبدو وكأن اليمنيين قد عادوا إلى نقطة الصفر حيث ظروف ما قبل اندلاع الثورة المجيدة التي غيرت المشهد اليمني ومثلت تحولاً غير عادي في واقع البلاد.  

 

إن عودة صعود الإمامة بقالب وشكل جديد، ووقوع أجزاء من البلاد تحت الاحتلال الإماراتي دفع العديد من المراقبين إلى استحضار واقع ما قبل ثورة الـ 26 سبتمبر حيث كان شمال البلاد يقبع تحت حكم الإماميين أما الجنوب فيقبع تحت احتلال بريطاني دام لعقود طويلة.     

  

استبداد واحتلال 

 

الكاتب الصحفي فؤاد متّاش يؤكد على ذلك في حديثه لـ "المهرية نت" حيث يقول في حديث خاص: "إن أكبر ما يهدد الجمهورية اليوم هو الاستبداد الداخلي والاحتلال الخارجي، والأمران متواجدان في اليمن، الحوثي مستبد والانتقالي مستبد وكلاهما لصالح أجندات خارجية، الحوثي يعمل لصالح إيران والانتقالي يعمل لصالح الإمارات ومن ورائها، والهدف تقسيم البلاد". 

  

ويشدد متّاش على ترابط معاني الجمهورية والدولة والوحدة باعتبارها منجزات الثورة السبتمبرية فـ "الجمهورية تعني الدولة والدولة تعني الاستقرار والأمن والوحدة، وإذا لم يوجد الأمن والاستقرار والوحدة الوطنية فلا توجد جمهورية على الإطلاق، لأن لا سيادة للقانون إلا في ظل الجمهورية ولا جمهورية إلا في ظل العدالة والمساواة والوحدة الوطنية، فالحوثي يريد أن يمزق البلاد.. على الأقل يريد أن يستأثر بالشمال، والانتقالي يريد أن يحتل الجنوب وكلاهما يريد أن يمزق البلاد ومرتهن لأجندات خارجية، والثورات - في الأصل - لم تقم إلا ضد الاستبداد وضد الاحتلال وهذان هما أكبر الأخطار التي تهدد الجمهورية في الوقت الراهن". 

 

تشويه وإحتلال 

 

أما عن الطرق التي يحاول من خلالها الحوثي في الشمال طمس معالم الجمهورية وتشويه رموزها فيقول الكاتب الصحفي: "أول شيء يقوم به الحوثي لطمس رمزية سبتمبر هو دخوله في سبتمبر من خلال انقلاب 21 سبتمبر، فهذا اليوم بالتحديد لم يكن يوماً عادياً، ولم يختاره الحوثي بطريقة اعتباطية، بل كان هذا اليوم "21 سبتمبر" مخطط له منذ سنوات، وهو اليوم الذي تولى فيه البدر بن حميد الدين الحكم وجلس على العرش بعد أن مات أحمد حميد الدين، وبعد ستة أيام كانت ثورة سبتمبر, وهذا يعني أنهم ألغوا ستين سنة جمهورية، ويريدون أن يقولوا إن الحادي والعشرين من سبتمبر كانت الولاية وكان الحكم فيه لنا، واليوم عدنا في 21 سبتمبر، بحيث نلغي الجمهورية وكأنها لم تقم، والوضع مستمر ونحن الحاكمون". 

  

ويضيف متّاش وهو شاعر فصيح كتب كثيراً عن الثورة: "لن نستطيع حصر الطرق والأساليب التي تحاول الميليشيا من خلالها محو أثر سبتمبر الحقيقي، فهي تستهدف المناهج حيث قامت بتحريفها بما يتناسب مع أفكارها الطائفية والسلالية، وليس هذا منذ انقلابها عام 2014 فحسب بل قبل ذلك بكثير من خلال توغلها في وزارات التعليم. ومن الطرق أيضاً تشويه الرموز وإزالة مارد الثورة، وتغيير أسماء الشوارع ومنها شارع الزبيري الذي غيروا اسمه منذ اليوم الثاني لاحتلالهم صنعاء وأسموه شارع الرسول الأعظم، لكن الناس تمسكوا بالاسم الأصلي "الزبيري" كما أنها تعمل من خلال برامجها وما تقدمه في إعلامها على الإساءة لثورة 26 سبتمبر باعتبارها انقلابا على أصحاب الحق، بالإضافة إلى فعالياتهم الطائفية والعديد من الأساليب الأخرى، مع ذلك اليمنيون لا يزدادون إلا محبة لسبتمبر بل إن الناس لم يعرفوا قيمة سبتمبر إلا هذه الأيام".  

  

سبتمبر أكتوبر 

 

وعن علاقة ثورة سبتمبر في الشمال بنظيرتها أكتوبر في الجنوب والتي انطلقت بعد عام واحد من قيام الأولى يقول الكاتب الصحفي فؤاد متّاش: "لقد كان اليمنيون وحدويين قبل الوحدة بسنوات كثيرة، وتمثل ذلك من خلال مشاركة ثوار من الشمال في ثورة أكتوبر والعكس صحيح، وتبقى ثورة سبتمبر هي الثورة الأم التي حررت اليمنيين من الخوف ومن الاستبداد ومن الاحتلال، لذلك فهي ملهمة رغم أن ثورة أكتوبر مهمة جداً لكن الثورة ضد المستبد أعظم من الثورة ضد الاحتلال، كما أكد على ذلك الشهيد محمد محمود الزبيري حيث يقول: " الشعب كله يرفض الاحتلال، أما الاستبداد فهو يحكم باسم الدين ويحكم باسم المذهب ويحكم باسم القبيلة وهو خنجر من الداخل"، لذلك ثورة سبتمبر أهم من ثورة أكتوبر وهي ملهمة لها، وما يزال اليمنيون يستلهمون منها كل المعاني إلى هذا اليوم وستظل تلهمهم، فهي التي فجرت ثورة أكتوبر، ولذلك فالفضل يعود لها دائماً، وما تزال ثورة سبتمبر ملهمة حتى لإخواننا في الجنوب لأنها الثورة الأولى الحقيقية في اليمن".  

 

دور النُخَبْ 

 

أما عن دور النخبة السياسية والثقافية فيرى الكاتب الصحفي أنه "يجب أن تكون النخبة السياسية مثقفة، وكل سياسي يجب أن يكون مثقفاً، على هذه النخبة عموماً الوقوف إلى جانب المقاتلين، وأن يكونوا بمستوى الحدث، كلما يفعله الجيش الوطني اليوم يجب على النخبة أن تظهره للشعب، فالشعب اليوم يتفرج أيهم سينتصر الشرعية أم الحوثي، الزبيري نجح لأنه وأصحابه خاطبوا الشعب، نحن حيدنا الشعب، الآن الشعب في نقطة الصفر لا إلى هؤلاء ولا إلى أولئك، ينتظر الأقوى ومن سينتصر. فعلى النخبة أن تتحدث عن سبتمبر وأن تُخرج نماذج سبتمبرية كثيرة وتتحدث عن الثوار وتضحياتهم، كم قتلوا وماذا صنعوا، حينما تذكر هذه التضحيات يعرف الشعب أن سبتمبر شيء عظيم جداً، وأنه حرر الشعب من عبودية واضطهاد".  

 

وانتقد متّاش أسلوب تفاعل النخبة تجاه سبتمبر "فهم لا يظهرون إلا على استحياء، ولا يتحدثون إلا قبل سبتمبر بيوم أو يوم سبتمبر، وكأن سبتمبر هذا يوم عادي جداً، لكن الحقيقة أن سبتمبر روح تتجدد وثورة والتهاب، سبتمبر رؤيا وفكرة وآمال وآلام، على المثقفين أن يبينوا للناس هذا، على النخبة أن تبين للشعب ما معنى سبتمبر وأهدافه وغاياته وتستحضر سبتمبر الماضي لكي تستيقظ شعلة سبتمبر الآتي فإذا لم تفعل النخبة هذا فالمرحلة سوف تفرز نخبة جديدة وأؤكد أن المرحلة ستفرز نخبة جديدة كنخبة سبتمبر الأولى هي التي ستقود الشعب إلى بر الأمان".  

 

معركة وعي 

 

أما الصحفي حافظ الهياجم فيتحدث عن إدراك الناس لمدى المخاطر التي تتهدد سبتمبر ورمزيته "فالإماميون سعوا منذ زمن طويل إلى ترسيخ مفاهيم عنصرية سواءً في المناهج أو الثقافة العامة للناس أو حتى الأغاني اليمنية التي تمجد سلالتهم وعنصريتهم".  

 

لكن الهياجم يؤكد على أن اليمنيين عرفوا خلال هذه المرحلة قيمة ثورة سبتمبر "فقد لا يكون الجميع قرأ عن الثورة، لكن ما أحدثته الميليشيا الحوثية خلال الخمس سنوات جعلتنا نستحضر رموز هذه الثورة وكأن أبطال الـ 26 سبتمبر حاضرون بيننا الآن وكأنهم يسفكون دماءهم في تعز ونهم وصرواح وفي الساحل الغربي كل هذه التضحيات هي امتداد لتضحيات الآباء المؤسسين".  

 

أما عن القراءة  في تاريخ النضال اليمني فيؤكد الهياجم على أن أهمية القراءة في أحداث سبتمبر وما أعقبها من محاولات لوأد روح الثورة وشعلتها حتى لا تعود الإمامة بطريقة مختلفة.  

 

ويضيف الهياجم: "القارئ في هذا المجال سيكون مشعل تنوير للأجيال لا سيما وأن المعركة الأبرز هي معركة وعي بالدرجة الأولى، ويجب على وزارة الثقافة أن تتبنى خطاباً ثقافياً جديداً، كما يجب أن تُفعّل المؤسسات الفكرية والملتقيات والمنتديات من أجل إيصال رسالة الجمهورية وأبناء اليمن وتوعية الأجيال بمخاطر الإمامة وجرائمها على ماضي البلاد ومستقبلها". 




تعليقات
square-white المزيد في محلي