آخر الأخبار
قبائل حضرموت وشبوة تصعّد ضد الحكومة لمنع تصدير النفط
منشأة بلحاف
الأحد, 04 أغسطس, 2024 - 10:09 صباحاً
تتزايد الأزمات الداخلية بوجه مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، عقب تصعيد القبائل في محافظتي حضرموت وشبوة النفطيتين ضد الرئاسة والحكومة وتهديدهما بمنع استئناف تصدير النفط ما لم يتم منح المحافظتين حصة من عائدات النفط.
وانتشر مسلحون قبليون، الجمعة، في هضبة حضرموت والخشعة بمحافظة حضرموت شرق اليمن في سياق تهديد القبائل بالتقدم نحو المؤسسات الحكومية في المحافظة عقب خلافات مع مجلس القيادة الرئاسي حول نفط المحافظة. وبحسب مصادر تحدثت لـ"العربي الجديد"، فقد قام المسلحون القبليون الذين يحملون أسلحة خفيفة ومتوسطة بفرض نقاط في بعض شوارع المحافظة في سياق التصعيد ضد توجهات المجلس الرئاسي باستئناف تصدير النفط، حيث تطالب قبائل حضرموت بحصة المحافظة من النفط.
ويتزعم الحراك "حلف قبائل حضرموت" بقيادة الشيخ عمرو بن حبريش، والذي بدأ الجمعة بنشر المسلحين على مناطق مختلفة في المحافظة وذلك عقب انتهاء الـ48 ساعة، التي تم تحديدها للمجلس الرئاسي. والأربعاء، هدد حلف قبائل حضرموت، بـ"وضع اليد على الأرض والثروة" إذا لم يستجب مجلس القيادة الرئاسي لمطالبه خلال 48 ساعة، معلناً منع استئناف تصدير النفط إلا بعد الاتفاق على نسبة للمحافظة.
وفي بيان صدر عن اجتماع قياداته برئاسة الشيخ عمرو بن حبريش، دعا الحلف رئيس مجلس القيادة الرئاسي إلى الاعتراف بحق حضرموت وتفعيل دور الشراكة الفاعلة والحقيقية ممثلة في مؤتمر حضرموت الجامع، أسوة بالأطراف الأخرى المشاركة في التسوية الشاملة في البلاد. وحذر الحلف من الإقدام على أي تصرف بنفط حضرموت أو تصديره أو تسويقه إلا بعد تثبيت مكانة حضرموت، وضمان حقوقها بما يرتضيه أهلها، مشدداً على تنفيذ القرارات المتخذة من مؤتمر حضرموت الجامع والمزمنة الصادرة بتاريخ 13 يوليو/ تموز 2024. واعتبر الحلف "المخزون النفطي الحالي في خزانات ميناء ضبة والمسيلة حقا من حقوق حضرموت، ولن نتنازل عنه، على أن يُسخّر كامل قيمته لشراء طاقة كهربائية لحضرموت".
في السياق ذاته، أعلن حلف أبناء وقبائل شبوة رفض أي اتفاقات حول ثروات المحافظة النفطية دون أن تكون لها الحصة العادلة فيها بشراكة وتمثيل عادل وندي. وأصدر الحلف الذي يرأسه الشيخ علي بن دوشل النسي، بياناً حول مستجدات الأحداث في الشأن الوطني في ما يتعلق بعملية السلام والمفاوضات حول الملفات العالقة، خصوصاً الملف الاقتصادي.
وأكد الحلف أن أي مفاوضات أو حلول تتجاوز حقوق شبوة وأبنائها في التمثيل العادل وفي حصص المحافظة العادلة من ثرواتها وفي الشراكة لن تحقق الحلول المستدامة والسلام العادل. وشدّد الحلف على الرفض المطلق لأن تكون شبوة وثرواتها لقمة سائغة لأي مفاوضات جارية أو تسويات لا تكون فيها للمحافظة حصتها العادلة بها التي تتناسب مع ما تدعم به الخزينة العامة للدولة من ثرواتها.
ويأتي هذا التصعيد بالتزامن مع زيارة رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي إلى حضرموت في زيارة هادفة للتمهيد لاستئناف تصدير النفط، وهي الزيارة التي قوبلت بالرفض من قبل مؤتمر حضرموت الجامع الذي وصفها بـ"الخطيرة"، وأنها تأتي "في ظل ظروف معيشية وخدمية مزرية يعيشها المواطن الحضرمي بسبب عدم تلقي المحافظة مكانتها التي تستحقها من هذه الجهات"، وفق بيان صادر عنه.
وكان الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي قد أقر حصة محافظة حضرموت من ثرواتها التي تقدر بنحو 25% من عائدات بيع النفط، غير أن مراقبين يرون أن الحكومة عاجزة عن الالتزام بهذه النسبة في ظل الحديث عن تقاسم عائدات النفط والغاز مع الحوثيين في حال استئناف تصديره وفق المشاورات التي يرعاها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ والهادفة لمعالجة الملف الاقتصادي.
وقال المحلل السياسي عمار علي أحمد، لـ"العربي الجديد"، إن الحراك القبلي في حضرموت وشبوة هو خطوة متوقعة كنتاج طبيعي للاتفاق الأخير المُذل الذي أجبرت عليه الشرعية مع الحوثيين بسبب ضغوط أممية وسعودية، وتراجعت بموجبه عن القرارات الاقتصادية التي كانت ستؤدي إلى خنق جماعة الحوثي وإجبارها على الرضوخ لسلام بشروط عادلة".
وأضاف المحلل السياسي أنه بعد الاتفاق سرت أنباء وتقارير عن وجود صفقة سرية لاستنئاف تصدير النفط، ومنح جماعة الحوثي ما كانت تطالب به وهو تقاسم العائدات، وبسبب ذلك شنت هجماتها على موانئ تصدير النفط في أكتوبر/ تشرين الأول 2022، وأوقفت التصدير، فهذا الحديث عن صفقة تقاسم إيرادات النفط بلا شك يستفز أبناء المحافظات النفطية التي تشكو دائماً طيلة العقود الماضية من تعرضها للظلم وحرمانها من الاستفادة من هذه الثروة رغم ما يتحمله أبناؤها من ضريبة التلوث والأضرار البيئية من جراء عمليات الإنتاج، وهو ما دفع الرئيس السابق هادي إلى إصدار قرار بمنحها نسبة 20% من العائدات مع استئناف تصدير النفط عقب الحرب وارتفعت النسبة لاحقاً إلى 25%، وبالتأكيد فإن أي صفقة تقاسم مع جماعة الحوثي ستضر بهذه النسبة وهو ما يشعل الحراك القبلي اليوم".
وتوقع علي أحمد "تطور هذا الحراك بسبب حالة اليأس والإحباط التي تسود حالياً المناطق المحررة بسبب الاتفاق الأخير، وفقدان الثقة بمجلس القيادة الرئاسي وبالمكونات التي تضمه ومن بينها المجلس الانتقالي الجنوبي، كما لا ننسى أن الشرعية فشلت خلال السنوات التسع في إحداث تغيير إيجابي في مستوى الاقتصاد والخدمات بالمناطق المحررة، ومن بينها المحافظات النفطية، ما يعني أن شعور الظلم والحرمان لا يزال يسود بين أبناء هذه المحافظات".
واستبعد علي أحمد أن تتم الاستجابة لهذا الحراك، "لأننا نعلم جميعاً وخاصة بعد الاتفاق الأخير أن القرار لم يعد بيد الشرعية، ويمكن أن يُفرض عليها اتفاق آخر حول النفط دون أي اعتبار لهذا الحراك القبلي"، وتوقع أن تلجأ الرياض والشرعية وخاصة رئيس مجلس القيادة الرئاسي إلى "استمالة رموز هذا الحراك والدخول معهم في صفقات خاصة لإخماد تحرك أبناء القبائل".
وقال الناشط السياسي سالم الكاف، لـ"العربي الجديد"، إنّ "مطالب قبائل حضرموت وشبوة تتوافق مع النظام الاتحادي الذي توافق عليه اليمنيون في مؤتمر الحوار الوطني، ومن حق المحافظات النفطية أن تكون لها حصتها من عوائد النفط والغاز، ولن يقبل أبناء هذه المحافظات أن يتم تسخير ثرواتها لمصلحة جماعة الحوثي وفقاً لما يتم الحديث عنه عن تقاسم عائدات النفط بين الحكومة الشرعية والحوثيين".
ورأى أنّ الحراك القبلي سينجح في منع تصدير النفط لأن الشرعية والتحالف لا يملكان أدوات ضغط لمنعه، فالحراك شعبي ومطلبي ولا يرتبط بأي أجندة داخلية أو خارجية، كما أن القبائل تملك الأدوات التي تستطيع من خلالها فرض شروطها، و"بالتالي فمجلس القيادة الرئاسي وضع نفسه في زاوية ضيقة خاصة أنه لا يملك القرار ولا السلطة التي ستمكنه من فرض خياراته، فإذا كان أذعن للحوثيين فالقبائل في حضرموت وشبوة ستجعله في النهاية يذعن لها ولشروطها"، وفق قوله.