آخر الأخبار
مزادات الريال اليمني بلا أثر ملموس
الريال اليمني يواصل التدهور
الخميس, 20 يونيو, 2024 - 12:39 مساءً
دخلت الأزمة المالية والمصرفية في اليمن مرحلة خطيرة في ظل تسارع انهيار الريال اليمني والوضعية المقلقة للقطاع المصرفي، مع ظهور تسريبات تتحدث عن تهريب أموال ضخمة عبر مطار عدن نفاها البنك المركزي الحكومي، واعتبرها معلومات مضللة صادرة عن وسائل وجهات يفترض أنها وطنية ورصينة.
يأتي ذلك في الوقت الذي وصلت فيه أزمة المصارف اليمنية إلى طريق مسدود، والمخاوف المتصاعدة حول وضعيتها التي تهدد بعضها بالإفلاس، وسط تدهور متواصل للعملة المحلية التي سجلت رقماً قياسياً بتجاوزها حاجز 1800 ريال للدولار (أول من أمس الثلاثاء)، بعد إعلان البنك المركزي عن المزاد الثامن للعام الحالي 2024 لبيع العملات الأجنبية، ترجح مصادر مصرفية مطلعة أن ذلك يرجع لبدء استيعاب الدفعة الثالثة من المنحة السعودية التي يتم تخصيص جزء كبير منها لمزادات بيع العملات الأجنبية.
ويترقب اليمنيون عملية تنفيذ قرار البنك المركزي في عدن، والذي أمهل البنوك فترة لنقل مراكز إدارة عملياتها من صنعاء إلى عدن التي تتخذ منها الحكومة المعترف بها دولياً عاصمة مؤقتة لها، حيث شارفت المهلة المحددة بشهرين في نهاية مايو/ أيار الماضي على الانتهاء، إذ يتزامن ذلك مع تفاقم أزمة الودائع والسيولة في هذه المصارف والتساؤلات المثارة حول خطورة مراكزها المالية في ظل هذا الصراع المحتدم الذي يلقي بتبعاته على معيشة جميع سكان اليمن.
رئيس جمعية البنوك اليمنية محمود ناجي يؤكد لـ"العربي الجديد"، أن القطاع المصرفي يواجه أزمة سيولة نقدية متفاقمة، محذراً من نتائج وتبعات القرارات التي تصدر، والتي يصفها بالتعسفية والتصريحات اللامسؤولة من بعض الأطراف، حيث تزيد تعقيدات الوضع المتفاقم، ويجدد تذكير المسؤولين في البنك المركزي في عدن الذين دأبوا، وفق حديثه، على إصدار التصريحات المثيرة المهددة للاستقرار في القطاع المصرفي، بأن يعملوا على دعم مؤسسات القطاع المصرفي وترسيخ الاستقرار والطمأنينة في الأسواق، وتلك مسؤولية قانونية أناطها القانون بهم، وأن يقلعوا، وفق حديثة، عن التباهي بقدرتهم على إلحاق الضرر بالبنوك والمودعين.
وتمتد أزمات القطاع المالي والمصرفي المتضخمة والمقلقة إلى نظام مزادات بيع العملات الأجنبية الذي بدأ خبراء اقتصاد ومصرفيون في توجيه انتقادات حادة تطاول هذا الإجراء الوحيد للبنك المركزي اليمني في عدن، الذي يؤكد أنه يحقق الغرض منه في توفير احتياجات الأسواق المحلية من الدولار، إلى جانب كونه يحظى بدعم صندوق النقد الدولي والمؤسسات الدولية المانحة. هذه الانتقادات المتزامنة مع انهيار العملة المحلية وتهاوي سعر صرف الريال اليمني في مناطق الحكومة المعترف بها دولياً، من شأنها أن تضع نظام مزادات بيع العملات الأجنبية أمام اختبار جدي خلال هذه الفترة في ظل توقف تصدير النفط والاشتراطات المشددة لتخصيص الوديعة السعودية.
الباحث الاقتصادي رشيد الحداد، يشير في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى التحذيرات التي تحدث بشأنها مراراً وتكراراً حول السياسات النقدية التي تنتهجها الحكومة في عدن والبنك المركزي والتي لم تحقق أي أثر ملموس، أو على الأقل لم تضع حداً لاضطراب وتهاوي سعر صرف العملة المحلية. كما يرى أن نظام مزادات العملة أثبت فشله وعدم الجدوى من تنفيذه، حيث يضاف إلى جملة من الإجراءات والقرارات التي تقود الوضع الاقتصادي والعملة الوطنية إلى حافة الهوية، إذ حوّل هذا النظام البنك المركزي منصة مضاربة مركزية بالعملة لا تختلف عن الصرافين والشبكات والشركات المضاربة بالعملة.
كان البنك المركزي قد أعلن الأسبوع الماضي عن نتائج المزاد الثامن لبيع العملة، حيث باع البنك الدولار الواحد بالمزاد، وفق وثيقة رسمية اطلعت عليها "العربي الجديد"، بنحو 1731 ريالاً كحد أعلى، في حين حدد سعر الحد الأدنى بأكثر من 1700 ريال، إذ يتوقع مصرفيون أن يؤدي ذلك إلى تسارع انهيار سعر صرف الريال اليمني أمام العملات الأجنبية. وهو ما يحدث حالياً كما ترصد "العربي الجديد"، حيث يراوح انخفاض سعر صرف العملة المحلية منذ مطلع الأسبوع الماضي والإعلان عن المزاد الثامن بين عشر ريالات و20 ريالاً يومياً مقابل الدولار.
الباحث الاقتصادي والمصرفي وحيد الفودعي، يرى في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الوضع يحتاج لمراجعة عندما يصل إلى مرحلة صعبة تراوح فيها كثير من الأمور مكانها، معتقداً أن وضعية العملة المحلية المقلقة تتطلب مراجعة الكثير من السياسات والإجراءات والبحث في الأسباب الحقيقية لما يحدث، في إشارة واضحة لنظام المزادات، لأن هناك بالتأكيد عوامل ليس لها علاقة بالجوانب الاقتصادية والمصرفية بالنظر إلى ما يجري في سوق الصرف وانخفاض سعر الريال اليمني أمام العملات الأجنبية منذ الأسبوع الماضي، حيث كل المؤشرات تدل إلى فعل فاعل يعبث بسوق الصرف.
في المقابل، استهجن البنك المركزي اليمني في عدن ما تم تداوله بشأن خروج مبالغ مالية كبيرة من إحدى العملات الأجنبية عبر مطار عدن الدولي إلى مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية دون علم البنك، والجهل الفاضح، كما قال، بالإجراءات الدولية الخاصة بالتعامل مع حمل النقد بواسطة الأفراد أو إجراءات ترحيله بواسطة البنوك أو الشركات المصرح لها في بلد الترحيل أو بلد الاستقبال.
كما أكد البنك أن تلك الإجراءات لا تسمح بترحيل أو استقبال أي مبالغ تزيد عن عشرين ألف دولار كحد أقصى ما لم تكن مصحوبة بشهادات وتصاريح كتابية موثقة من السلطات النقدية إلى السلطات الجمركية في المنافذ الوطنية لخروج هذه العملات بعد أن تكون قد أخضعتها لكل معايير ومتطلبات التحقق الدولية المقرة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
من جانبه، يوضح الفودعي أن ترويج مثل هذه الأخبار يحدث بلبلة كبيرة تضر كثيراً بسوق الصرف وتسخيره لخدمة المضاربين وهوامير وعصابات الصرف، إذ إن هناك إجراءات دولية خاصة لحمل النقود وترحيلها عبر المنافذ الجمركية.
الجدير بالذكر أن هذه التسريبات تزامنت مع إعلان البنك المركزي اليمني في عدن عن المزاد الثامن لبيع العملات الأجنبية، الأمر الذي أدى إلى اشتعال سوق الصرف وتهاوي سعر صرف الريال اليمني وهو الأمر الذي أثار عديد الاستفسارات حول الاستمرار في مزادات بيع العملة الذي يؤكد صندوق النقد على أهميته، لكنه في الوقت نفسه يدعو الحكومة اليمنية إلى تعزيز إعادة ترتيب أولويات الإنفاق والرقابة عليها، وضمان اتساق مزادات العملات الأجنبية للمحافظة على مصداقية البنك المركزي اليمني في ظل أوضاع اقتصادية ومالية ونقدية صعبة للغاية.
وأشار صندوق النقد الدولي إلى وضع اليمن الذي تكتنفه التحديات، مشدداً على أهمية الالتزام بإجراء الإصلاحات الاقتصادية، ومنها الاستمرار في القضاء على تعدّدية أسعار الصرف في تنفيذ المعاملات الحكومية، وتيسير نظام مزادات العملات الأجنبية.