آخر الأخبار

مأساة سيول اليمن.. منازل تنهار وتاريخ يُطمر تحت الركام مع تشرد مئات الأسر

طفلان يحاولان سحب أحد الفرش من منزلهما المحطم

طفلان يحاولان سحب أحد الفرش من منزلهما المحطم

المهرية نت - تقرير خاص
الإثنين, 10 أغسطس, 2020 - 08:53 صباحاً

"منزلي تهدم وانهار فوق دراجتي مصدر دخلي الوحيد.. تدّمر وما يزال تحت الأنقاض"، يصرخ محمد خميس أحد المتضررين من  سيول الأمطار التي شهدتها اليمن على مدى قرابة الأسبوعين، والتي شردته مع عائلته من حارة موسى في مدينة صنعاء التاريخية إلى خارج منطقته.

 

لا يوجد مصدر رزق آخر لدي سوى العمل على دراجتي النارية "وسيلة نقل بالأجرة يستخدمها الفقراء"، انتهى كل شيء في ليلة ماطرة، وأصبحنا بلا مأوى مع أطفالي.. لجأنا إلى بيت أخي الذي يسكن في أطراف صنعاء مؤقتاً لأننا لم نجد من يقف معنا من السلطات.

 

يقول محمد لـ"المهرية نت" منذ خمسة أيام لم يأتِ أحد لإنقاذنا رغم الخسائر الفادحة في ممتلكاتنا الخاصة أو حتى إزاحة الأنقاض والركام لمنازلنا المنهارة، لجأنا إلى المجلس المحلي فلم نجد من تجاوب.. رفعنا شكوانا لعقال الحارات أفادوا بأنهم لم يجدوا تجاوبات من السلطة .

 

أصبحت حارتنا مدينة أشباح ويتناقص السكان؛ فالجميع ينزحون منها بعد أن تخلى الجميع عنهم، هكذا يصف خميس المشهد في منطقته، والتي شهدت هطول أمطار شديدة الغزارة فاقت المعدّلات العادية في مثل هذه الفترة من العام.

 

محمد خميس كان أكثر حظاً من آخرين لأنه نجى من الموت المحقق مع عائلته، لكنه يقول إنه يموت في اليوم مائة مرة حسرة وقهر على منزله ودراجته النارية" ولا يمتلك مالاً  لشراء غيرها والعمل عليها لأنه أصبح عاطلا عن العمل ولا يستطيع حتى اطعام عائلته المنكوبة.

 

قصة خميس لا تختلف عن أكثر من 110 منازل أثرية تهدمت وانهارت بين انهيار جزئي وكلي جراء الأمطار والسيول على مدينة صنعاء القديمة، خلال الفترة الماضية، إضافة إلى تهدم منازل وأضراء كبيرة في الممتلكات العامة والخاصة بمناطق أخرى في اليمن.

 

 

ممتلكات تحت الأنقاض

 

تقول أم صالح الحميدي" نحن أربع أسر في بيت الحميدي نسكن المنزل الذي انهار في مدينة صنعاء القديمة وما يزال عفشنا وأدواتنا وحاجياتنا موجودة تحت الأنقاض لم نتمكن من أخذ أي شيء منه حتى الآن".

أضافت  لـ"المهرية نت" أن المنزل تدمر بأكمله وأن معيلهم معاق لا يستطيع القيام بأي عمل، ما يصعب عليهم استئجار عمال لرفع الأنقاض من منزلهم المنهار، ومن ثم العثور على العفش المطمور".

 

من جانبها تقول عائلة علي حميد، بعد انهيار منزلهم: لا نستطيع طلب المساعدة من أحد ولا نجيد الحديث عن النكبة التي أصابتنا.. لقد شاهد جميع الناس منزلنا وهو ينهار وما ننتظره هو دور الجهات المختصة القيام بواجبها في انقاذنا والتي منعتنا من ترميم منزلنا بحجة عدم استحداث أي شيء في المنزل كونه يقع في مدينة تاريخية.

 

تهدم الإرث الشعبي

 

ليست المنازل الأثرية وحدها التي تنهار، فثمة تاريخ أيضاً يطمر تحت الركام، حيث شكل انهيار منزل الشاعر والأديب الكبير عبدالله البردوني صدمة كبرى في الوسط الأدبي نتيجة الإهمال والأمطار التي تسببت في انهياره بصورة كاملة للمنزل الأثري والقديم والمبني من (اللبن) الطوب الطيني.

 

وحمل عدد من أعضاء اتحاد الشعراء والمثقفين اليمنيين امانة العاصمة المسؤولية في تهدم ارث البردوني الثقافي الذي يعد ارث للشعب وللإبداع الإنساني.

 

 وقال عدد من الأعضاء لـ"المهرية نت": على مدى عشرين عاما طالبنا وناشدنا لتحويل بيت البردوني إلى متحف، ورغم الاتفاقيات الموقعة مع وزارة الثقافة وورثة البردوني إلا أن المماطلات والوعود والخلافات كانت تعصف بكل شيء وأدت إلى هذه النتيجة المؤسفة.

 

مضيفين: الآن لا يفيد التحسر والندم على ما حصل فقد انهار المنزل وما نطالب به اليوم هو الاتفاق مع زوجة الشاعر البردوني فتحية الجرافي وشراء منزله الآخر وتحويله إلى متحف الموجود في الحي السياسي.

 

وعبر الشعراء والأدباء عن خسارة كبيرة في ضياع إرث البردوني المكتوب والمعمور جريمة بحق رصيد الثقافة اليمنية تتحمله السلطة بشكل كامل.

ورغم محاولات الأدباء والمثقفين في فعاليات عديدة للمطالبة بتحويل منزل شاعر اليمن إلى متحف أثري وأدبي خاص بنتاجه الأدبي والفكري والتاريخي إلا أنها لم تر النور.

 

 وشكل انهيار المنزل صدمة في الوسط الثقافي والاإداعي اليمني الذي كان يرتقب افتتاح المتحف وإتمام عملية شراء بيت شاعر اليمن وأديبها وتحويله إلى متحف خاص بتراثه من مؤلفاته وكتاباته وما ألف وكتب عن حياته وإبداعه ومسيرته الثقافية إلى جانب مكتبته ومقتنياته وحاجياته الخاصة.

طمر التاريخ

 

وتسبب هطول الأمطار بأضرار في السوق القديم لمدينة زبيد التاريخية بمحافظة الحديدة، الذي يعد أحد معالم المدينة القديمة، كونه منشأة حيوية في السابق وأحد أهم مصادر العيش والنمو لسكان بالمدينة، فهو يتوافد إليه الناس لشراء احتياجاتهم من المناطق والقرى المجاورة.

 

يقول ماجد داود أحد سكان المدينة لـ"المهرية نت": تسبب هطول الأمطار إلى أضرار انهارت جراء ذلك بعض أجزاء من منشأته، وإذا أهملت واستمر هطول الأمطار بغزارة فلا أعتقد أن تسلم من الانهيار الكامل كون مبانيها مترابطة بعضها ملاصق ببعض.

 

وأكد أنه رغم الركود الاقتصادي الذي يعيشه السوق القديم واستبداله بسوق آخر خارج المدينة ما أدى  لإهمال المنشآت وتغير وظيفة البعض منها وهي دعوة لإنقاذها من الانهيار الكامل كون عمل إصلاحات عاجلة للمنشآت الخاصة به، خاصة وأن وزارة الأوقاف تمتلك أكبر عدد من الدكاكين، والمقاهي، التي كانت تمثل مجتمعة شريان الحياة الاقتصادية للمدينة ورافدا سياحي هاما .

إيقاف الانهيار

 

وفي خضم المعاناة وغياب الدور الرسمي، قدمت مجموعة من المهندسين والمهندسات بصنعاء مبادرة كحل مؤقت لإيقاف تساقط المنازل الأثرية.

 

وقال المهندسون إن المبادرة النوعية والإنسانية تأتي مع استمرار هطول الأمطار بشكل متواصل وصعوبة عمل حل للمنازل الشعبية منها مدينة صنعاء.

 

وأشار المهندس أكرم فاضل إلى ضرورة تركيب الطرابيل على كامل سقوف الغرف في حال كانت كل غرفة منفصلة لوحدها و لها ميزاب منفصل او سقف الشقة كاملا في حال أن السقف موحد، ثم يتم تثبيت الطربال من أطرافه إما بمسامير وربطه إليها أو وضع أحجار على أطراف الطربال لمنع الرياح من سحبه.

 

ووجه فاضل ملاك المنازل بصنعاء القديمة وغيرهم من التأكد من ميول تربة السقف الى فتحات الميزاب ورفع أي معدات في السقف مثل الألواح الشمسية أو صحون الستلايت أو أي معدات أخرى مؤقتا خارج السقف، وأن يتم دك السقف بالأرجل على كامل الأرضية وإزالة الأحجار البارزة والحادة أو شوك او زجاج وازالتها، مشيرا إلى أهمية انزال الطربال من منطقة الميزاب بحيث يسكب الماء الى فتحة الميزاب.


تعليقات
square-white المزيد في محلي