آخر الأخبار
هكذا تمكنت السعودية في شبوة من تمديد ضبابية موقفها تجاه وحدة اليمن (تحليل خاص)
تواجه الوحدة اليمنية مخاطر كبيرة بسبب تحالف السعودية والإمارات
الجمعة, 14 يناير, 2022 - 08:40 مساءً
الحفاظ على وحدة اليمن هي مسألة تؤكد عليها المملكة العربية السعودية باستمرار، خصوصاً منذ تدخلها المباشر على رأس تحالف عسكري في مارس / آذار من العام 2015 بغرض معلن يتمثل في مواجهة انقلاب المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران على السلطة الشرعية اليمنية المنبثقة عن المبادرة الخليجية في سبتمبر / أيلول 2014.
على الرغم من ذلك، وعلى امتداد نحو سبع سنوات من هذا التدخل، استجدت الكثير من المواقف على الساحة السياسية لتضع دعم المملكة المعلن لإبقاء اليمن موحداً موضع شك بالنسبة لعدد كبير من المتابعين اليمنيين ، بينما اعتبر آخرون أن المملكة متورطة بوضوح في عملية تقسيم اليمن بغض النظر عن موقفها الظاهري .
حتى الآن ، أنجزت الإمارات ، شريك المملكة الرئيسي في التدخل العسكري في اليمن ، كل ما من شأنه تشطير اليمن ، وأصبح الانفصال واقعاً على الأرض بنسبة كبيرة ، حيث يمتلك الانفصاليون في الجنوب قوة عسكرية كبيرة منفصلة تماماً عن المؤسسات الشرعية جرى بناؤها من قِبل الضباط الإماراتيين أمام أعين قائدة التحالف المؤيدة للوحدة افتراضاً ؛ وفي أغسطس/آب 2019 أقدمت هذه القوات المستظلة سياسياً بما يسمى " المجلس الانتقالي الجنوبي" على إنجاز انقلاب مكتمل على الحكومة اليمنية في عاصمتها المؤقتة " عدن" ، والتي أصبحت منذ ذلك الحين معقلاً لمشروع الانفصال رغم محاولة المملكة بلا جدوى تهدئة هذا المسار المحرج لسياساتها الظاهرية عبر " اتفاق الرياض" الموقع في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 بين الحكومة اليمنية والانتقالي.
محافظة " شبوة" شرقي اليمن ، والتي قطعت الطريق في 2019 أمام تمدد الانقلاب الذي قام به الانفصاليون إلى معظم مناطق الجنوب اليمني ، خضعت في الشهر الأخير من العام الماضي لتغييرات سياسية فرضتها كل من السعودية والإمارات على الرئيس اليمني ، بحيث جرى إضعاف موقفها كرافعة وحدوية في الجنوب عبر إزاحة " محمد بن عديو" من رئاسة سلطتها المحلية ، واستبداله بشخصية أخرى متماهية مع المشروع الإماراتي ، وهو الأمر الذي عزز من حالة الارتياب العام من حقيقة موقف " الرياض" من وحدة اليمن ، على الرغم من أن هذا التغيير جرى تبريره ضمنياً على أنه كان تمهيداً لا بد منه لإطلاق عملية عسكرية تستهدف الحوثيين المتواجدين في مديريات غرب المحافظة .
ووقع اختيار المملكة لإنجاز مهمة تطهير " شبوة" من المتمردين الحوثيين على " ألوية العمالقة الجنوبية" ، وهي خليط من المقاتلين السلفيين والقبليين ينحدر معظمهم من محافظات جنوب البلاد ، وتمتلك الإمارات تأثيراً واسعاً عليها ، خصوصاً قيادتها المركزية متمثلة في " أبو زرعة المحرمي"، ولا تقّر هذه القوة للسلطة الشرعية اليمنية سوا بالاعتراف من بعيد ، في حين تتشارك الإمارات والسعودية التحكم بتحركات الألوية المشكلة لها .
وخلال السنوات الماضية كانت قد تنامت المخاوف من أن يؤدي النفوذ الإماراتي المتصاعد على هذه القوات إلى تجييرها لصالح مشروع الانفصال ، رغم أن مسرح عمليات العمالقة خلال السنوات الماضية تركز على الساحل الغربي لليمن بين محافظتي " الحديدة " و "تعز " الشماليتين ، ورغم اقتصار نشاطها العسكري حتى الآن في مجابهة المتمردين الحوثيين .
وبالفعل ، ترافقت عمليات " العمالقة" في " شبوة " مع حملة إعلامية مكثفة للمجلس الانتقالي الانفصالي أراد المجلس من خلالها فرض ظلاله على هذه القوة ، وذلك بموازاة ضغط إماراتي لمنع تجاوز " العمالقة" للحدود الشطرية بين الشمال والجنوب ، ومن أمثلته كان تغريدة مثيرة لمستشار ولي عهد " أبو ظبي" دعا فيها بوضوح إلى إيقاف العملية العسكرية عند حدود " شبوة" مع كل من " البيضاء ومأرب" .
"مستقبل تحرك العمالقة في شبوة مثل تحدياً جديداً للالتزام السعودي بوحدة اليمن أمام جمهور أُثقل بالشك وانعدام الثقة خلال السنوات الماضية " على حد وصف المحلل السياسي " عزيز الأحمدي " الذي يرى أن المملكة نجحت من خلال تحريكها لهذه الألوية باتجاه " مأرب" خلال الأيام الماضية في التخفيف من ريبة اليمنيين.
وكانت قوات من العمالقة قد تمكنت الإثنين والثلاثاء الماضيين رفقة الجيش الوطني التابع لوزارة الدفاع اليمنية من التوغل داخل مديرية " حريب " شرقي " مأرب" فور أن انتهت من تأمين آخر مديريات "شبوة" .
وفي تطور مفاجئ ، وصل ناطق العميد تركي المالكي الناطق باسم " التحالف" إلى محافظة " شبوة" ليعلن من هناك ، خلال مؤتمر صحفي عقده بالشراكة مع محافظ المحافظة، انطلاق عملية عسكرية تشمل جميع المحاور والجبهات دون توضيح كاف حول طبيعة هذه العملية التي وصفها بأنها ليست عملية عسكرية بالمصطلح العسكري!
ناطق " التحالف" - يُنظر إليه كممثل للسعودية بالأساس - وجه أيضاً دعوة لليمنيين للالتفاف خلف القيادة السياسية اليمنية ، واعتبر أن توحد اليمنيين هو ما سوف يحدد مستقبل المعارك ، وهو الأمر الذي ترك انطباعات متباينة بل ومتناقضة بين المراقبين من ناحية دلالته على موقف السعودية من الوحدة اليمنية ، حيث اعتبره البعض تأكيداً من المملكة على نيتها بعدم التعامل سوا مع يمن واحد ، بينما شكك آخرون في غاية السعودية من إعلان عملية عسكرية جديدة وبإسم جديد بعد الانتهاء من تحرير " شبوة" معتبرين الأمر إقراراً من نوع ما بالتشطير .
" السعودية تمكنت عبر إعلان العملية الجديدة من تمديد مرحلة عدم اليقين وتضارب الآراء حول موقفها من الوحدة " أضاف الأحمدي للمهرية نت مرجحاً أن " الرياض" تتحاشى في الوقت الراهن إبداء "موقف قاطع حول الموضوع لانهماكها في التعامل مع التهديد الإيراني الموجه إليها عبر الحوثيين ، " وكما أن المساندة الجادة والحاسمة لوحدة اليمن يضعها في صدام مباشر مع الحليف الإماراتي ، فإن المساهمة الواضحة في دعم الانفصال يضرب صورتها أمام القوى الوطنية اليمنية ويخدم بشكل كبير الدعاية الإعلامية للحوثيين " .