آخر الأخبار

انتفاضة المهرة السلمية تعري الأطماع السعودية محليًا ودوليا

قوات سعودية بالمهرة_ ناشطون

قوات سعودية بالمهرة_ ناشطون

المهرية نت - خاص
الإثنين, 11 مايو, 2020 - 12:11 مساءً

أعلنت محافظة المهرة الواقعة شرقي اليمن في 10 من مايو من العام 2018 انتفاضتها ضد التوغل السعودي الذي سرعان ما تحولت مزاعم محاربة مكافحة التهريب التي أعلن عنها إلى مخطط لبسط النفوذ والهيمنة على المحافظة الاستراتيجية المطلة على بحر العرب.

 

أكملت المظاهرات الشعبية السلمية الرافضة للوجود السعودي بالمهرة، السبت عامها الثاني، ضرب خلالها أبناء المهرة أروع نماذج النضال الشعبي الرافض للهيمنة واستهداف منطقتهم الآمنة البعيدة من الحرب الدموية في معظم محافظات البلاد.

 

وتقود السعودية تحالفا عسكريا ضد جماعة الحوثي التي اجتاحت جزءا كبيرا من البلاد، بدعوة من الرئيس عبدربه منصور هادي بهدف استعادة الدولة والشرعية.

 

لكن الأهداف المعلنة للتحالف انحرفت عن مسارها منذُ سنوات الحرب الأولى، وذهبت السعودية وحليفتها الإمارات الدولة الثانية في التحالف نحو تمزيق جسد الشرعية التي جاءت الدولتان إلى البلاد من أجل استعادتها.

 

بدأت ملامح الانحراف والفوضى التي صنعها التحالف في المحافظات المحررة منذُ يوليو/ تموز من العام 2015 عقب تحرير مدينة عدن من قبضة الحوثيين.

 

اعتباراً من الشهور الأولى التي تلت هزيمة الحوثيين وحلفائهم في المحافظات الجنوبية، تصدّرت الإمارات الكلمة الأولى بالتنسيق مع الفصائل المختلفة وملفات إعادة الإعمار وغيرها، لتبدأ أجندتها الخاصة بالظهور تدريجياً، سواء لجهة انتقاء حلفائها المحليين من الفصائل والتيارات المطالبة بالانفصال، أو من خلال إقصاء ومحاربة الأحزاب السياسية.

 

وبدأت تشكيلات أمنية وعسكرية أسستها الإمارات وأشرفت على تجهيزها بالظهور، من خلال "قوات الحزام الأمني" التي كانت وما تزال الذراع المليشياوية للإمارات في عدن ومحيطها، وتخضع مباشرة إلى القادة الإماراتيين في عدن بعيداً عن الحكومة اليمنية، التي تعتبر هذه القوات خارجة عن سيطرتها، في وقتٍ مارس فيه "الحزام الأمني" إجراءات تقوّض سلطة "الشرعية" ووجودها جنوباً، وتستهدف المواطنين المنحدرين من المحافظات الشمالية في عدن، مروراً بالاعتقالات السياسية، وغيرها من الممارسات التي تخضع لسياسات أبو ظبي.

 

المهرة في مرمى الأطماع

وفي الوقت الذي كانت تعبث فيه الإمارات بالمحافظات المحررة، اتجهت المملكة العربية السعودية نحو أقصى شرق اليمن للتمدد في محافظة المهرة المتاخمة لسلطنة عمان والبعيدة عن الصراع الدائر في البلاد.

 

وفي الـ 27 والعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني 2017 أرسلت السعودية قوات عسكرية إلى المهرة عقب الإطاحة بالمحافظ الأسبق محمد عبد الله كدة، وجرى تعيين المحافظ السابق راجح باكريت، الذي فتح أبواب المهرة أمام القوات السعودية ومطامع الرياض القديمة، في بناء خط أنابيب سيسمح لها بنقل نفطها مباشرة إلى بحر العرب، متجاوزة بذلك مضيق هرمز وباب المندب، حيث الصراع المحتدم مع إيران.

 

وفرضت الرياض سيطرتها على ميناء نشطون البحري الوحيد في محافظة المهرة، وبنت قربه قاعدة عسكرية ثانية، فيما أنشأت أكثر من 30 معسكرا ومركزا أمنيا لقواتها في مختلف مديريات المحافظة، واستحدثت سجونا خاصة بها لاحتجاز واعتقال المناوئين لها من أبناء المهرة، وجندت مليشيا محلية لا تتبع الجيش اليمني أو قوات الأمن المحلية، وأوكلت لها مهمة التواجد في تلك المعسكرات والنقاط، بينما تتولى هي الإشراف العسكري الكامل عليها.

 

أبناء المهرة يواجهون واقعا جديدا تفرضه التحركات السعودية ويدرسون الخيارات المناسبة للرد على تفخيخ محافظتهم الآمنة بالأسلحة والميليشيات المسلحة الخارجة عن القانون.

 

وخلال الأشهر الأولى للانتشار السعودي المسلح عبر أبناء المهرة في بيانات ونداءات متكررة عن استغرابهم من قدوم القوات السعودية إلى محافظتهم البعيدة عن جبهات المواجهة مع الحوثيين الذين يُفترض أن تحالف الرياض وأبو ظبي لم يدخل اليمن إلا لقتالهم واستئصال شأفتهم.

 

انتفاضة شعبية 

 

وبعد مرور الوقت تحولت بيانات الشجب والاستنكار لأبناء المحافظة إلى مظاهرات ضد الوجود السعودي، انحازت قياداتها منذُ الـ 10 مايو من العام 2018 خيار المطالب السلمية.

 

وفرضت القوات السعودية على المحافظة الآمنة والمستقرة قيودا مشددة ضاعفت من معاناتهم، وفرضت في المنافذ الثلاثة قوائم بمواد منعت دخولها لليمن ومحافظة المهرة بشكل خاص، إضافة إلى فرض مجموعة من الإجراءات التي ساهمت في التضييق على عملية الاستيراد للبضائع، وعطلت حركة التجارة، وعززت من القيود المفروضة على النقل البري، ما أدى لتراجع التجارة في تلك المنافذ، وزيادة معاناة السكان والتجار على حد سواء، كما ضيقت على الصيادين ومنعتهم من الإبحار.

 

ومارست الكثير من الاستفزازات والاعتداءات على أبناء المحافظة بهدف جر احتجاجاتهم السلمية ضدها إلى مربع العنف لتتمكن من التهام المحافظة.

 

كما حاولت ضرب وتركيع الحراك الشعبي عبر تغذية الانقسامات في نسيج المجتمع المهري المتوحد سابقا، بالإضافة إلى خلق أجواء لاستقطاب أبنائها لتبني أفكارا مذهبية سلفية متطرفة والتخلي عن معتقداتهم المتسامحة من خلال العناصر المتطرفة التي أدخلتها إلى المهرة بمساعدة المحافظ السابق المقال "راجح باكريت"، وحرضت على قتل أبنائها كتلك الحادثة التي جرت في منطقة الأنفاق وحادثة الاعتداء على المحتجين في منفذ شحن مؤخرا لإثارة الحروب والاقتتال الداخلي بين قبائلها، في محاولة لإضعاف المكونات الرافضة لهيمنتها.

 

لكن الرياض واجهت سدا منيعا ومقاومة سلمية شرسة، ووجدت أمامها قبائل وأبناء المهرة الذين هبوا من كل مكان ونظموا الاحتجاجات والاعتصامات السلمية، وتصدوا لمحاولات بناء أنبوب النفط دون اتفاق مع الحكومة المغيبة في الرياض، وتحولت المهرة إلى رائدة للنضال السياسي والدفاع عن السيادة اليمنية في المحافظات الجنوبية كاملة.

 

وفي 19 أكتوبر/ تشرين الأول الفائت، أعلنت قيادات حزبية وشخصيات سياسية وإجتماعية وبعض مشايخ القبائل عن تشكيل "مجلس الإنقاذ الوطني الجنوبي"، بقيادة أحمد قحطان -عضو مجلس الشورى اليمني ومدير أمن المهرة سابقا تحت مرجعية الشيخ علي سالم الحريزي أحد أبرز القيادات المناهضة للاحتلال السعودي.

 

وتمكن أبناء المحافظة من إيصال أصواتهم ومطالبهم للمجتمع الدولي عبر لجنة اعتصام المهرة ومجلس الإنقاذ الوطني الجنوبي.

 

وحظيت الاحتجاجات بتأييد محلي من وزراء في الحكومة اليمنية أعلنوا تأييدهم لمطالب "اعتصام المهرة"، ورفض أي انتهاك لسيادة الدولة اليمنية من قبل القوات السعودية.




تعليقات
square-white المزيد في محلي