آخر الأخبار

واشنطن بوست: حتى في القواعد العسكرية الأمريكية بالخليج الانتهاكات تلاحق العمالة الوافدة

المهرية نت - القدس العربي
الجمعة, 28 أكتوبر, 2022 - 07:06 مساءً

كشف تحقيق لصحيفة “واشنطن بوست” ومجموعة من الصحافيين الدوليين الاستقصائيين عن استشراء انتهاكات العمالة في أربع قواعد عسكرية أمريكية في الخليج. وفي تقرير أعدّته كاتي ماكيو قالت إن المتعهدين العسكريين يوظفون آلافاً من العمالة الأجنبية الوافدة، ممن عَلِقَ أفرادها في ممارسات توظيف ممنوعة بالولايات المتحدة.

 

 وفي مقابلات أجراها الصحافيون مع أكثر من 30 عاملاً وافداً حالياً وسابقاً، قالوا إن الممارسات تمنعهم من العودة إلى بلادهم، أو البحث عن فرصة عمل أفضل بالمنطقة. واشتكى الكثيرون من مصادرة جوازات سفرهم ومعاناتهم من الديون بسبب ممارسات التوظيف التي تنتهجها شركات التوظيف المحلية، وأحيانا يُحرَمون من أوراق الاستغناء عن الخدمة المطلوبة بناءً على القوانين المحلية، حسب المقابلات وسجلات المحاكم، وهي ممارسات تنتهك قوانين العمل الأمريكية، والتي تم الإبلاغ عنها مراراً وتكراراً في السنوات الماضية.

 

وقال عدد من العاملين إن الشركات المحلية التي توفر خدمات الطعام والصيانة للعربات والخدمات الأخرى للجيش الأمريكي، رفضت، وبشكل روتيني، منح العمال أوراق إنهاء خدمة من وظائفهم. وبناء على قوانين العمل في منطقة الخليج، فإن أي عامل يترك وظيفته من دون إذن يكون عرضة للسجن بتهمة “الفرار”. وفي بعض دول المنطقة، وخاصة الكويت والإمارات العربية المتحدة، يصادر أرباب العمل جوازات العمالة، ويحدّدون من حركة العمال. وأشار 19 عاملاً أجنبياً إلى أن شركات التوظيف في بلدانهم تحصل منهم على رسوم عالية جدا من أجل توفير فرص عمل لهم في الخارج، وأحياناً تزيد نسبة الفائدة، بحيث يضطرون للعمل سنوات طويلة لكي يدفعوا الدين للشركات، مع أنهم لا يتقاضون في وظائهم هذه سوى دولار واحد بالساعة.

 

وقال محمد، العامل البنغلادشي في الخدمات الغذائية في الكويت: “الحياة ليست سهلة” و “تعاني عائلتي من مشاكل، وأنا المعيل الوحيد لأبوي وإخوتي وأختي”. وقال إنه أجبر على دفع 6.000 دولار كرسوم توظيف للحصول على وظيفة في قاعدة عريفجان الأمريكية بالكويت. وعليه العمل لعامين ونصف لدفع المبلغ الذي اقترضه والده من أجل تغطية الرسوم.

 

وتشير الصحيفة إلى أن هذه الممارسات مستشرية لدى أصحاب الأعمال الخاصة في الشرق الأوسط، إلا أن انتشارها في القواعد الأمريكية يبدو أنه مخالفة للتنظيمات الأمريكية ضد التجارة بالبشر من قبل متعهدي الحكومة ومن يتعاونون معهم. وتمنع التنظيمات الفدرالية رسوم التوظيف التي وصفها العمال الأجانب في القواعد العسكرية الأمريكية. وتحظر العبودية الطوعية، والتي تشمل مصادرة الجوازات ومراقبة المقاولين الفرعيين للعمال.

 

العبودية الطوعية تشمل مصادرة الجوازات ومراقبة المقاولين الفرعيين للعمال.

 

وقالت المتحدثة باسم وزارة الدفاع نيقول شويغمان: “تتبنى وزارة الدفاع سياسة صفر تسامح في مجال التجارة بالبشر”، و”تواصل الوزارة العمل بجد لمكافحة التجارة بالبشر والنشاطات التي تنتهك حقوق الإنسان التي تضر بمهمة الأمن القومي”. ووصفت الصحيفة العمال الذين قابلتهم لغرض التقرير بأنهم آسيويون وأفارقة ممن يعملون مع الجيش في مهام يدوية وأعمال شبه حرفية تعمل على الوفاء بحاجة الجيش الأمريكي اليومية في الخارج.

 

 ويدير الجيش الأمريكي عدداً من القواعد والمنشآت العسكرية في منطقة الخليج والعراق، واستخدم هذه المواقع لشن حروبه في العراق وأفغانستان ومواجهة تنظيمي “القاعدة” و”الدولة الإسلامية” والنشاطات الإيرانية في المنطقة. وبات الجيش يعتمد على المقاولين العسكريين وشركات توظيف العمالة الوافدة. ويسافر هؤلاء عادة إلى دول الخليج بحثا عن فرص عمل لمساعدة أهلهم وأقاربهم مع أن الرواتب تكون منخفضة. ومعظم هؤلاء يتم توظيفهم من مقاولين فرعيين يعملون لشركات التعهد الأمني والعسكري الأمريكية. وتضم هذه فيكترس وأمينتم اللتين نشأتا من داخل شركة التعهدات “إيكوم”، والتي استحوذت قبل عامين على دينكورب وبي اي إي. وبحسب تقارير وزارة الخارجية الأمريكية وأن بي سي نيوز، فقد استجاب البنتاغون خلال السنوات الخمس الماضية لـ 176 حادث تجارة بالعمالة في القواعد الأمريكية بالخليج وغيره، وطلب في معظم الأحيان مراقبة ممارسات التوظيف. وشارك في التحقيق صحافيون ومراكز صحافية استقصائية، إضافة لواشنطن بوست، أي سي أي جي ودبليو جي بي أتش وإعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية والمركز الفلبيني للصحافة الاستقصائية، وبرنامج التحقيق الاستقصائي بجامعة كاليفورنيا، بيركلي.

 

وأشارت الصحيفة إلى أن حافلة لنقل العمال المتعبين، ومعظمهم من جنوب آسيا، تصل الساعة الرابعة والنصف، مع أنهم لم يناموا سوى ساعات قليلة، وتقوم بنقلهم لتولي وردياتهم في معسكر عريفجان، برحلة تستغرق 45 دقيقة، ثم يقفون في طابور للفحص الأمني، ومعظم هؤلاء هم عمال ميكانيك ويدويون وظفتهم شركة “كويت ريصورص هاوس” (كي أر أتش)، وهي أكبر مقاول فرعي لشركات التعهدات الدفاعية الأمريكية للقواعد الأمريكية في الخليج، بما فيها فيكترس وأمينتم.

 

وقال موظفون حاليون وسابقون يعملون في قواعد عسكرية في قطر والكويت إنهم يتلقون ما بين 1.52- 3.70 دولارا في الساعة وفق حسبة مركز أي سي أي جي. وقال موظفو كي أر أتش إنهم لا يستطيعون البحث عن وظائف أفضل أو العودة إلى أوطانهم لأن الشركة تمنعهم. وقال أريان (38 عاماً)، وهذا ليس اسمه الحقيقي، ويعمل كميكانيكي من الهند: “إنها ليست حياة جيدة، ولا توجد هناك حرية واسعة”. وعمل مع الشركة لستة أعوام، وهو مستعد للبحث عن فرصة أحسن: “ولكنني لم أحصل على أوراق نهاية الخدمة وأريد التحرك للأمام” و”هناك شركات أفضل أريد العمل معها هنا”. وقال إنه أخبر، هو وزملاؤه، شركة فيكترس أنه موظف من كي أر أتش، وكان الجواب أنها “لا تستطيع التدخل بشركتي”. وردت الشركة الكويتية، في رسالة إلكترونية: “نريد التأكيد لكم أن كل المزاعم الواردة في رسالتكم الإلكترونية غير صحيحة”. وقالت: “منذ اليوم الأول لعملنا، نحن رائدون بالالتزام والتمسك بحقوق الإنسان في كل ممارسة من عملنا. ولأن جوهر عملنا هو “دعم الحياة وحلول لحقوق الإنسان” فإن مواجهة تجارة البشر هي الجزء الأهم في عملنا”. ويعمل في الشركة حوالي 10.000 موظف و”على مدى السنوات أصبحت لدينا سمعة تشع بفخر على أخلاق الممارسة التجارية التي نتبناها ونقدم مثالا لكل القطاع في المنطقة”. وقال المتحدث باسم فيكترس، مايك سميث: “في فيكترس، نقدر كل الناس ونعاملهم بكرامة واحترام ونتبع قوانين العمل في الولايات المتحدة وقوانين الدول التي نعمل فيها ونطلب من مقاولينا الفرعيين عمل نفس الشيء”.

 

 متحدثة باسم وزارة الدفاع: “تتبنى وزارة الدفاع سياسة صفر تسامح في مجال التجارة بالبشر”.

 

وفي مقابلات مع ستة عاملين سابقين في شركات مقاولات دفاعية بالمنطقة قالوا إن موظفيهم عادة ما يأخذون جوازات العمال. وقال المحقق الفدرالي السابق سام ماكهون إن مصادرة الجوازات تعني سلطة كبيرة على العمال والتأكد من التزامهم. و”لو كان لديك جوازي فلن أستطيع العمل مع منافسك ويجب عليّ البقاء معك”. وحتى لو احتفظ العمال بجوازاتهم فلن يستطيعوا تغيير أعمالهم بسبب نظام الكفالة الذي يقضي بالحصول على أوراق نهاية العمل قبل الانتقال لوظيفة أخرى. وقال مايكل بيج، مدير وحدة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومان رايتس ووتش: “نظام الكفالة منتهك لأنه يعطي سلطة غير متناسبة لرب العمل على حساب العمال الأجانب”. وأضاف أن عدم السماح للعامل بالحفاط على جوازه لا يمنعه فقط من البحث عن عمل آخر بل ويحرمه من ترك عمل يواجه فيه انتهاكات بحيث يجعله في وضع عمالة قسرية.

 

وقبل عامين أعلنت قطر عن قانون يشترط بقاء الجواز في يد العمال والسماح لهم بتغيير وظائفهم، لكن أصحاب الأعمال لا يزالون يترددون في تقديم أوراق إنهاء الخدمة للعمالة. وقال سري كومار، الذي عمل مع كي أر أتش بقاعدة العديد بقطر، إن زميلا له حصل على وظيفة أحسن لكن الشركة رفضت منحه أوراق نهاية الخدمة وخسرها.

 

قبل عامين أعلنت قطر عن قانون يشترط بقاء الجواز في يد العمال والسماح لهم بتغيير وظائفهم.

 

وقال ديلب غرونغ (32 عاماً) المتخصص بالمخازن من نيبال إنه كافح للحصول على إذن من كي أر أتش للحصول على تصريح للسفر إلى بلاده عام 2019 لإجراء جراحة إزالة ورم حميد من رأسه. ورفضت طلباته واضطر للعمل رغم الألم، وعندما سمح له بالسفر كانت إجازة بدون راتب. وقال غرونغ، الذي عمل مع أمينتم: “معنا جوازاتنا طوال الوقت، هذه تعليمات أمينتم”، “لكن الاحتفاظ بالجواز لا يعني أننا أحرار للمغادرة”.

 

وأشارت الصحيفة للدور الذي تقوم به شركات التوظيف التي ترسل العاملين للشركات بالمنطقة، بمن فيها كي أر أتش، فمتاعب غرونغ بدأت في شركة خارج العاصمة كاتامندو، حيث طلب منه دفع 150.000 روبية أي حوالي 1.400 دولار أمريكي. وللحصول على الوظيفة طلب منه التخلي عن راتب خمسة أشهر كمدرس في نيبال: “لو لم أدفع فلن يرسلوني للخارج، وكنت أعرف أن هذا ليس قانونيا، ولم يكن أمامي أي خيار”. وقال إن شركة التوظيف أجبرته لتسجيل فيديو أنه دفع رسوما إدارية صغيرة حوالي 1.000 روبية حسب التعليمات الحكومية، غير المبلغ الحقيقي الذي دفعه عندما حصل على الوظيفة بالخليج. وعادة دفع رسوم توظيف عالية معروفة بين العمال الأجانب، وفي مقابلات مع 19 عاملاً وافداً في قواعد عسكرية، قالوا إنهم دفعوا مئات، بل آلاف الدولارات وما بين 250- 6.000 دولار. وأجبر العمال على الاقتراض بفوائد عالية أو بيع ممتلكاتهم وسياراتهم لتغطية الرسوم، وحصل غرونغ على قرض بنسبة 36%. وردت شركة كي أر أتش بأن مزاعم دفع العمالة رسوماً عالية للحصول على وظائفهم غير صحيحة. وقال محمد العامل البنغلاديشي إنه دفع 6.000 دولار، وأن زميلا له دفع لشركة تعهدات فرعية في السعودية. وقال إنه عندما وصل إلى الكويت عام 2017 قيل له إن الراتب الأساسي سيكون 260 دولاراً في الشهر.

 

المصدر: القدس العربي


كلمات مفتاحية:


تعليقات
square-white المزيد في دولي