آخر الأخبار
عسل اليمن... الحرب تقضم تصديره رغم جودته وشهرته
بائع عسل يمني - أرشيفية
الأحد, 14 يونيو, 2020 - 03:03 صباحاً
يحافظ العسل اليمني على مكانته الرفيعة بين أنواع العسل في العالم بسبب طبيعة الأرض التي توجد فيها المناحل، وتعدد التضاريس، وتنوع المراعي، لكن مع توقف التصدير تقريباً.
بالرغم من القيود والتحديات التي فرضتها الحرب المتصاعدة منذ مارس/ آذار 2015 في اليمن، والتي قللت من إنتاج وتصدير العسل اليمني، فهو يجد طريقه إلى عدد من الدول العربية على رأسها دول الخليج العربي، بحسب تاجر العسل توفيق المعمري، مع العلم أنّ عسل اليمن هو من الأشهر على الإطلاق، لا على مستوى المنطقة فقط، بل على مستوى مناطق أبعد.
يؤكد المعمري أنّ الحرب كان لها تأثير على إنتاج وتصدير العسل، لكنّها لم تؤثر على مكانته وسمعته والجودة التي يتميز بها. يقول: "حتى اليوم ما زلنا نصدّر العسل إلى دول الخليج بالرغم من الحرب، فهو مطلوب بسبب جودته وما يتميز به من خصائص". يشير إلى أنواع مختلفة من العسل اليمني مثل السدر، والسمر، والسلام، والصورب، والصال الحار، والضباية، وعسل العمق، وعسل الطنب: "بالإضافة إلى منتجات أخرى للنحل مثل البروبوليس (العِكْبِر أو صمغ النحل)، وحبوب اللقاح، وشمع العسل، وغذاء الملكات، وسم النحل".
يتابع المعمري، أنّ عسل السدر ينتج في أغلب محافظات اليمن "أشهرها حضرموت وشبوة ووصاب وعمران وحجة ومأرب وصعدة والجوف. وعسل السمر ينتج في محافظة حضرموت وأبين فقط، أما عسل السلام فينتج في الحديدة والمحويت".
يلفت إلى أنّ التضاريس ونوعية الأشجار والأتربة لها دور أساسي في تحديد جودة العسل اليمني. ويشير المعمري إلى فوائد واستخدامات عسل السدر باعتباره واحداً من أجود أنواع العسل والذي يسمى في اليمن بـ "سيد الأعسال" لما يحتويه من خصائص غذائية وفوائد تعزز المناعة التي يمكن من خلالها علاج مشاكل في المعدة والقولون والحروق وغيرها من الأمراض.
يتابع: "أما عسل السمر فهو علاج فعال لفيروسات الكبد، لا سيما الفيروس ايه، ولفقر الدم، وهو مفيد للنساء قبل الولادة بأيام، ومفيد لقرحة المعدة، ومن الأنواع المميزة لمواجهة الإنفلونزا والسعال. كذلك، فإنّ عسل السلام لا يختلف كثيراً عن عسل السمر لكنّه مناسب لمرضى السكري، إذا كان عسلاً قديماً معتقاً منذ أكثر من ثلاث سنوات". ويلفت إلى أنّ سعر عسل السمر أقل من عسل السدر.
يستنكر المعمري قيام بعض متاجر بيع العسل بإعداد خلطات عسل لعلاج بعض الأمراض. ويؤكد أنّ هذه الخلطات قد تكون مضرة أو غير نافعة: "مثل خلطات التسمين أو علاج بعض الأمراض. لكن، هناك خلطات من العسل قد تكون نافعة في تقوية المناعة".
ويدخل العسل اليمني أو كما يسميه اليمنيون (العسل البلدي) في تحضير كثير من الأكلات الشعبية اليمنية، منها: الهريش، والمعصوبة، وبنت الصحن، والسبايا، والفتة، وسلطة الفواكه وغيرها. وباتت كثير من الأسر الفقيرة تدخر العسل ذا الجودة العالية لمواجهة بعض الأمراض.
من هؤلاء سليم العديني، الذي يؤكد أنّ "العسل الأصلي، أو البلدي، لم يعد متوفراً في منزله إلاّ بكميات قليلة لا تستخدم إلاّ كدواء. يتابع: "لا نستطيع شراء العسل ذي الجودة العالية باستمرار لاستخدامه في الطعام بسبب ارتفاع ثمنه، لا سيما عسل السدر. لديّ كمية قليلة أكتنزها لحالة الطوارئ، عندما يمرض أحد أفراد الأسرة بالزكام أو السعال أو أمراض المعدة والقولون".
يضيف العديني: "يصعب علينا شراء العسل الجيد والذي يستخدم علاجاً، إذ يصل سعر الكيلوغرام الواحد إلى 60 ألف ريال يمني (نحو 100 دولار أميركي). هذا النوع من العسل يشتريه الأغنياء هنا أو يتم تصديره للخارج. وتبقى في اليمن أنواع أخرى من العسل رخيص الثمن وذي الجودة الأقل. كثير منه مستورد من خارج اليمن".
ويختلف أسلوب تربية النحل في اليمن بحسب المنطقة، أو بناء على عدد خلايا النحل. وعن تربية النحل في المنازل، يقول النحال صالح محمد، الذي يسكن في مدينة المحويت (غرب)، بأنّ تربية النحل تحتاج إلى دقة واهتمام كبيرين، فهي تختلف عن أيّ من الأعمال الزراعية والحيوانية الأخرى.
يفسر: "يجب وضع الجبح (خلية النحل) باتجاه الشرق دائماً. ثم القيام ببعض الخطوات التي تحمي صغار النحل من هجمات النمل والدبابير(زنابير) والعناكب، عن طريق وضع زيت أو دهان خاص تحت كرسي الخلية لقتل هذه الحشرات، بالإضافة إلى وضع دواء يجلب من طبيب بيطري في أقراص النحل".
وتجري عملية جني العسل من "الجبح" مرة في السنة أو يترك لعام آخر لكي يتكاثر صغار النحل. ويعترف محمد أنّ كثيرين ممن يربون النحل في المنازل يقدمون السكر للنحل كغذاء في أيام الجفاف: "أما بالنسبة لمن يربون النحل بهدف تجارة العسل، فيتنقلون بين المناطق. غالبيتهم يلجأون للتنقل بعد موسم الأمطار في بداية مايو/أيار، لسببين رئيسين الأول عدم وجود أشجار وزهور وبذور في مناطقهم كي تتغذى عليها النحل، والثاني بهدف تحديد نوعية العسل".
يشير إلى أنّ النحّال الذي يريد عسل سدر "ينقل خلايا النحل إلى منطقة تضمّ أشجار السدر، والذي يريد عسل طنب يذهب إلى منطقة فيها أشجار الطنب وهكذا". يؤكد محمد على أنّ عملية تربية النحل سواء المنزلية أو التجارية تضررت بشكل كبير من جراء الاحتطاب الجائر، واختفاء المراعي، بالإضافة إلى استخدام المزارعين مبيدات حشرية، لا سيما التي تستخدم لرش أشجار القات كونها تتسبب في موت النحل.
وكان للحرب والأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد تأثير مباشر على تربية النحل من جراء ارتفاع أسعار المغذيات وخلايا النحل وزيادة كلفة التربية، وهو ما أدى إلى نقص عدد خلايا النحل وفقدها عند كثير من النحالين.
وأمام هذه التحديات التي تواجه المزارعين في المناطق التي عُرفت بإنتاج أنواع من العسل ذات الجودة العالية مثل شبوة وحضرموت وسقطرى وحجة وعمران والمحويت وذمار، ينفذ الصندوق الاجتماعي للتنمية مشاريع تهدف إلى تأهيل صغار المزارعين في اليمن، وتساعد في امتلاك خبرات التربية الحديثة للنحل وتحقيق الأمن الغذائي لمربيه.
ويعيش اليمن حرباً منذ أكثر من خمس سنوات، بين الحوثيين من جهة والقوات الحكومية المدعومة من التحالف السعودي- الإماراتي، من جهة أخرى، تسببت بأضرار بالغة في القطاع الزراعي والسمكي، وحرمت ملايين اليمنيين من مصادر دخلهم المعهودة، بالإضافة إلى تضرر قطاعات أخرى وتوقف الرواتب الحكومية، ما جعل البلاد بأكملها على حافة مجاعة.