آخر الأخبار
إنسايد أرابيا: الجزائر تخشى أن تتحول تونس إلى الإمارة الثامنة للإمارات
الجمعة, 13 أغسطس, 2021 - 05:24 مساءً
قال الكاتب سامي الحامدي في تقرير بموقع “إنسايد أرابيا” إن “الجزائر تخشى أن تتحول تونس إلى الإمارة الثامنة للإمارات العربية المتحدة”.
وأكد الكاتب وهو نجل السياسي التونسي محمد الهاشمي الحامدي، مالك قناة المستقلة، القيادي السابق في حركة النهضة والمرشح للانتخابات الرئاسية التونسية، أنه عندما قرر الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي عام 1989 الإطاحة بالحبيب بورقيبة، الرئيس المريض آنذاك، حرص على إعلام الجزائر، وتأمين دعمها مسبقا.
ومن ثم، كان “بن علي” قادرا على تجنب أي تداعيات إقليمية، أو توتر غير ضروري مع جار وحليف تونس الإقليمي الأقوى والأكثر أهمية.
ويشير الكاتب إلى أنه عندما فاز حزب “حركة النهضة” بقيادة “راشد الغنوشي” بأول انتخابات حرة ونزيهة في تونس عام 2011، كانت أول زيارة خارجية رسمية لزعيم “النهضة” إلى الجزائر العاصمة.
لكن هذه المرة، أصبح من الواضح أن الرئيس “قيس سعيد” لم يسع إلى التشاور مع الجزائر، كما يقول الكاتب.
فعندما أعلن “سعيد” قراره في أواخر يوليو/تموز بتعليق عمل البرلمان وتولي سلطات تنفيذية وتشريعية وقضائية، يبدو أن الجزائر فُوجئت.
وبحسب الرواية الحالية المنتشرة في الجزائر، اتصل “سعيد” بالرئيس الجزائري “عبد المجيد تبون” بعد ساعات قليلة من الإعلان وليس قبله.
ويبدو أن كل ما قيل في تلك المكالمة الهاتفية، لم يخفف مخاوف “تبون”؛ حيث أمر على الفور وزير خارجيته بالسفر إلى تونس في وقت مبكر من صباح اليوم التالي.
ولدى الجزائر أسبابها المشروعة للقلق من انقلاب سعيد.
العلاقة الخاصة
وبحسب الكاتب كان قرار “سعيد” بعدم إبلاغ الجزائر قبل الشروع في هذا الإجراء المفاجئ إشارة إلى أنه لا ينوي احترام “العلاقة الخاصة” بين البلدين.
ولطالما اعتبرت الجزائر أن علاقتها مع تونس جزء لا يتجزأ من سياستها الخارجية، وكثيرا ما عمل الاثنان جنبا إلى جنب لضمان نهج مشترك في القضايا الإقليمية التي تؤثر عليهما.
وسعت تونس على وجه الخصوص دائما إلى دعم وتعزيز هذه الصلة، ويتجلى ذلك في المسؤولين المنتخبين حديثا الذين غالبا ما يجعلون الجزائر أول وجهة خارجية لهم.
ويشير قرار “سعيد”، وبالتالي جهاز الأمن التونسي، بالمضي قدما في الانقلاب دون الاتصال بالجزائر، إلى عدم الاكتراث بالعلاقة الخاصة.
ومما يزيد الأمر تعقيدا المؤشرات التي توحي بأن المحور الإماراتي السعودي المصري يسعى إلى استبدال هذه العلاقات.
ملعب الخليج
ويقول الكاتب إنه غالبا ما أعربت الجزائر علنا عن انزعاجها وقلقها من تصفية الحسابات الخليجية على أراضي شمال أفريقيا.
وبينما لم يكن النظام في الجزائر أبدا مؤيدا لثورات الربيع العربي، إلا أنه تكيف مع الديناميكيات الجديدة.
وجدير بالذكر أنه عدّل علاقاته الخارجية واحترم المؤسسات الديمقراطية الناشئة حديثا في تونس.
وحافظت الجزائر على علاقاتها مع الأطراف المتنازعة في ليبيا خلال المراحل الأولى من التحول الديمقراطي، ثم انهياره لاحقا مع اشتعال الحرب الأهلية.
وتشعر الجزائر بالريبة من التدخل في ما تعتبره منطقة نفوذ لها.
ويحظى سعيد بدعم كامل من محور الإمارات والسعودية ومصر.
وقبل الانقلاب، كانت الجزائر راضية إلى حد ما عن ميزان القوى في تونس؛ حيث ساعد تقاسم السلطة في الحفاظ على الاستقلال النسبي ومنع أي دول من التأثير على القرار التونسي بشكل قد يتعارض مع مصالح الجزائر.
ويهدد انقلاب “سعيد” بقلب هذا “التوازن” من خلال إلقاء تونس في أحضان أبوظبي.
ويقول الكاتب إنه من وجهة نظر الجزائر، فإن استيلاء “سعيد” على السلطة يهدد بجعل تونس أقرب إلى أن تصبح “الإمارة الثامنة” للإمارات، وهو ما يظهر من سلوك أبوظبي التي تسعى لتأمين مكاسب سياسية في شمال أفريقيا تأتي على حساب الجزائر.
ويشير إلى أنه طوال الحرب الأهلية الليبية، كانت تونس دائما بمثابة شريان حياة للحكومة المعترف بها دوليا في طرابلس، في ظل محاولة الجنرال “خليفة حفتر” فرض حل عسكري للصراع.
ولا يعد استياء الجزائر من “حفتر” سرا. وكان “حفتر” هدد الجزائر علنا في الماضي، وكرر الرئيس الجزائري “تبون” مرات عديدة أنه لن يسمح لـ”حفتر” بالاستيلاء على طرابلس عسكريا.
وبغض النظر عما إذا كانت الاضطرابات الداخلية في الجزائر ستسمح للرئيس بالوفاء بهذه التعهدات، فإن المشاعر واضحة.
وبالنظر إلى موقف الجزائر تجاه “حفتر” وتفضيلها للحل السياسي الذي يسعى “حفتر” والإمارات إلى تقويضه، هناك مخاوف حقيقية من أن انقلاب “سعيد” في تونس سيقطع شريان الحياة عن طرابلس؛ مما يعزز قدرة أبوظبي على تقويض الحكومة المعترف بها دوليا عبر كل من “حفتر” في الشرق وتونس في الغرب.
ومع رغبة “حفتر” في شن حملة عسكرية جديدة، سيكون لموقف تونس تأثير كبير على استمرار العملية السياسية الليبية، أو تحقيق طموح “حفتر”.
المغرب
وبالنسبة للمغرب يشير الكاتب إلى أن الرئيس “سعيد” التقى بوزير الخارجية المغربي فور اجتماعه مع وزير الخارجية الجزائري.
ويأتي انقلاب “سعيد” في وقت يشهد توترا خاصا بين الجزائر والرباط.
وطبع المغرب العلاقات مع إسرائيل مقابل اعتراف الولايات المتحدة بالسيطرة على الصحراء الغربية.
وتعتبر الجزائر هذا التطبيع تكتيكا مخادعا من الرباط لحشد الدعم الدولي للمغرب في قضية الصحراء الغربية على حساب حركة البوليساريو المدعومة من الجزائر والتي تسعى إلى إقامة دولة مستقلة.
وتعتبر الإمارات، التي أغضبت الجزائر بتأسيسها قنصلية في العيون بالصحراء الغربية، المستفيد الأول من انقلاب “سعيد”، كما تعتبر حليفا قويا للرباط يمكن أن يدعمه في تحقيق مصالحه على حساب الجزائر.
ولطالما كانت تونس في كثير من الأحيان إما محايدة أو صامتة تجاه الخلافات المغربية الجزائرية.
وهناك قلق في الجزائر الآن من أن الإمارات ستدفع تونس إلى دعم أكبر للرباط وتقويض الجزائر دبلوماسيا.
ماذا تريد الجزائر؟
ويقول الكاتب: لا تسعى الجزائر إلى إظهار أي موقف علني واضح من كافة الأطراف حتى الآن.
وبدلا من ذلك، يسعى “تبون” إلى منع تونس من الانجرار إلى مستنقع التنافس الخليجي الذي أدى إلى تفاقم الصراع في المنطقة إلى حد كبير.
وتريد الجزائر ضمانة بأن كل ما سينتج عن انقلاب “سعيد” لن يؤدي إلى تعزيز قدرة الإمارات على التأثير في تونس لصالح سياستها الخارجية.
وبينما توسع الإمارات نفوذها في الشؤون الإقليمية التي لها أهمية بالغة للجزائر (في المغرب وليبيا وتونس) هناك شعور عام في الجزائر بأن الإمارات بدأت في محاصرة الجزائر لذلك فإن أي تهاون من جانب الجزائر سيؤدي إلى تشجيع أبوظبي على التدخل في الوضع الداخلي المتقلب في الجزائر نفسها.
ومع وصول أبوظبي الآن إلى جميع دول شمال أفريقيا تقريبا، هناك شعور بأنه إذا نجح انقلاب “سعيد”، فإن الجزائر ستكون التالية.
وفي هذا السياق، ستكون النتيجة المثالية للجزائر في تونس هي اتفاق لتقاسم السلطة بين “حركة النهضة” و”سعيد”؛ بحيث يعمل كل منهما رقيبا على الآخر.
وبالرغم من جميع تحفظات الجزائر على الإخوان المسلمين و”النهضة”، فلا شك في أنهم يشكلون حائط صد أمام تجاوزات الإمارات. والأمر نفسه ينطبق على “سعيد” فيما يتعلق بالتدخل القطري.
ومن الناحية الواقعية، هذه هي الطريقة الوحيدة لضمان عدم قدرة الإمارات أو مصر أو فرنسا أو السعودية أو قطر على إجبار تونس على اتخاذ موقف ضد المصالح الجزائرية.
ومع ذلك، يبدو أن “سعيد” يتواصل الآن مع الجزائر، ويبذل جهودا جادة لتخفيف مخاوفها من خلال التأكيد على عدم وجود قوى أجنبية تهدد المنطقة غير المستقرة بالفعل.
وفي 31 يوليو/تموز، أصدرت الرئاسة الجزائرية بيانا رسميا جاء فيه أن “سعيد” أبلغ “تبون” بأنه سيعلن قرارات مهمة في القريب العاجل.
ورغم ذلك، فإن هذا لا يعني أن “سعيد” سينجح في تهدئة كل مخاوف الجزائر.
وفي 31 يوليو، ألغت الجزائر تراخيص قناة “العربية”، التي تدعمها الإمارات والسعودية؛ بسبب “انتهاكها لأخلاقيات المهنة، ومحتواها المضلل عموما، وعدم نزاهتها”.
ويختم الكاتب بالقول يبدو أن الجزائر ما تزال في حالة تأهب قصوى بشأن الوضع التونسي وتداعياته المحتملة. وسيكشف الوقت وحده ما إذا كانت هذه المخاوف صحيحة.
ترجمة: القدس العربي