آخر الأخبار
مبادرة بضغوط أمريكية.. السعودية في مهمة إنقاذ نفسها باليمن
ولي العهد السعودي محمد بن سلمان
الجمعة, 26 مارس, 2021 - 06:04 مساءً
أعلنت السعودية، وبطريقة مفاجئة، مبادرة لإيقاف الحرب باليمن، في الوقت الذي تشتد المعارك القتالية، التي تشارك فيها طائرتها المقاتلة، في إسناد للقوات الحكومية في محافظتي مأرب وتعز.
في اتجاه مواز شهدت الأشهر الأخيرة تصعيداً حوثياً كبيراً، في استهداف العمق السعودي، بالصواريخ الباليستية، والطائرات المسيرة، التي أصبحت جماعة الحوثي تمتلك مخزوناً هائلاً منها، وهو ما أعد البعض المبادرة، إما أن تريد السعودية إيقاف الهجمات على أراضيها، أو تريد فقط الإيضاح للدول الغربية ومنها أمريكا، بأن "الحوثي" مليشيا لا تريد الرضوخ للسلام وترك السلاح، حيث تمارس واشنطن ضغطاً كبيراً على الرياض، لإيقاف الحرب، بعد أن وضعت الأزمة اليمنية، ضمن ملف التفاوض مع إيران.
السعودية في مبادرتها كما يرى خبراء تحدثوا لـ "المهرية نت" بأنها بدت وكأنها الطرف الوحيد في الأزمة، حيث أعلنتها دون الرجوع أو التشاور مع الحكومة الشرعية اليمنية، أو حتى الرئيس اليمني، الذي يعيش في عاصمتها، بما يشبه الإقامة الجبرية، حيث بدأت مبادرتها التي تضمنت أربعة بنود، بالدعوة إلى الحكومة اليمنية والحوثيين على حد سواء بالقبول بالمبادرة، بما يشي بأن صياغة المبادرة ربما فرضت على السعودية فرضا، لأنها تعلم بأن الشرعية في اليمن لا تملك من أمرها شيئاً، بعد أن فرغت السعودية والإمارات أدواتها الفاعلة، وجعلت كل شيء مرتهناً بهما، وبمصالحهما.
الحكومة اليمنية، والتي هي الحلقة الأضعف في أي مسار تفاوضي قادم، كونها تابعة، أو ملحقة لما تريده القيادة السعودية، أو الأحرى الإدارة الأمريكية، التي أرادت مؤخراً أن تمسك ببضع خيوط في الأزمة اليمنية، التي ترى أنها ليست داخلية بقدر ما هو صراع إقليمي بين الندين، السعودية وإيران، لذا عينت مبعوثاً لها، تبلورت أول أفكاره كما يبدو بالرؤية السعودية للحل التي تقفز على كثير مما هو في الواقع، وكأن عاصفة الحزم التي أعلنتها قبل سنوات سبع لم تؤتي أكلها، إنما زادت من قوة الحوثي ومشاريع أخرى صغيرة تفتت ما بقي من شرعية في اليمن، الذي تتقاسمه الكانتونات الطامحة.
مع ذلك سارعت الحكومة بالقبول، عبر وزارة الخارجية ، لتبدأ أطراف أخرى الإعلان بقبولها جملة وتفصيلاً، وهي الفصائل التي تدين الولاء للإمارات كالانتقالي الجنوبي، وطارق صالح، بينما جماعة الحوثي المعنية، تراوح مكانها، واتخذت من المبادرة فرصة للمناورة، حتى إيران وعبر سفيرها غير القانوني في صنعاء، أبدى هو الآخر امتعاضه منها، في إشارة فهمها الكثير بأن المبادرة القبول بها أو الاعتراض، ليس بيد الحوثي، أو حتى أطراف الجهة المقابلة الممثلة بالحكومة وغيرها.
وعند تشريح المبادرة السعودية، والتي ركزت فيها على نحو كبير على الجانب الإنساني في المحافظات التي تسيطر عليها جماعة الحوثي، وربما تناست محافظة مأرب الذي تهدد الحرب التي أصبحت على أطرافها أكثر من مليوني نازح، وهي كارثة إنسانية أخرى، كان من الممكن إدراجها ضمن بنود المبادرة.
حيث أشارت في أحد بنودها إلى إعادة فتح مطار صنعاء للرحلات المختلفة من بلدان محددة، إضافة إلى إعادة فتح ميناء الحديدة وتوجيه إيراداته لدفع رواتب الموظفين المقطوعة منذ بدء الانقلاب الحوثي على الدولة قبل سنوات ست.
وأرادت السعودية في مبادرتها أن تكون متوافقة إلى حد كبير بما يدعو إليه المبعوثان الأممي والأمريكي إلى اليمن، حيث كثف الاثنان اتصالاتهما وتواصلهما مع أطراف الحرب بلا استثناء، بما فيهم محافظي محافظات، في صورة تظهر بأن الحرب في البلاد، طابعها إنساني فقط وليس سياسي.
هروب سعودي
ويقرأ رئيس مركز أبعاد للدراسات عبدالسلام محمد، مبادرة الرياض، بأنها للهروب من الضغوط الأمريكية، من خلال إيجاد ما يشبه الانفراج السياسي للأزمة والحرب في اليمن بشكل كامل.
وقال محمد في إطار حديثه لـ "المهرية نت" إن السعودية في مبادرتها، تحاول أن ترمي بالكرة إلى ملعب الحوثي، مشيراً إلى أنها أيضاً وضعت المجتمع الدولي وتحركاته والضغط الأمريكي أمام المسؤولية إلى جانب أنها وضعت مليشيا الحوثي، في موضع حرج جداً بين القبول بالمبادرة أو رفضها.
وأضاف أن الحوثيين لا يمكنهم رفضها حالياً، لأن تداعياتها ستكون كثيرة ولكن سيحاول مفاوضو الحوثي رفع السقف إلى درجة أنه وضع أهداف جديدةـ تتعلق أولاً ببقائهم وسيطرتهم على ميناء الحديدة، ومشرفين أيضا على مطار صنعاء بشكل كامل.
فرصة للحوثيين
ويرى الباحث عبدالسلام محمد بأن الحوثي سيضغط في هذا الاتجاه، حيث يمنع التحالف من التدخل في مطار صنعاء والحديدة، فإذا حقق هذين الشرطين إلى جانب أنه سيطالب بالإفراج عن كل الأسرى، ممن أسروا في المعارك الأخيرة.
ويؤكد أن المبادرة ستتحول إلى صالح "الحوثي" لأنها ستعطيها فرصة لإعادة تقييم قواتها وبنائها من جديد، لتتحين الفرصة المناسبة للهجوم على مأرب، والذي لم تستطع تحقيقه اليوم، ستحققه في الغد، فهي بحسب عبدالسلام محمد في رغبة وإصرار شديد لإسقاط مأرب والاستحواذ عليها، فبدخولها يكون قد حقق إسقاط اليمن كاملاً، كما في بداية انقلابه.
ويشير إلى أن المبادرة مهمة للسعودية نفسها، بينما للحكومة اليمنية لا تحقق شيئاً، غير أنها تتيح للحوثي وداعميه في إيران التحرك أكثر، وحين ذلك نعرف بأن الضغوط الأمريكية قد نجحت في وضع اليمن على طاولة المفاوضات مع إيران، وهنا تكمن المشكلة الخطيرة.
ويواصل "أن تأتي حلول سياسية في موازاة الحوار بين الأمريكان وإيران شيء غير مقبول لليمن، لأن قضيتهم قضية مستقلة، لا يصلح ربطها بالحوار الأمريكي الإيراني، الذي حاول بايدن أن يقدمها على طاولة المفاوضات".