آخر الأخبار

عدن عاصمة اليمن المؤقتة بين مطرقة الأوبئة وسندان الميليشيات

عدن بين مستنقعي الحرب والأوبئة

عدن بين مستنقعي الحرب والأوبئة

المهرية نت - وحدة التقارير - خاص
الإثنين, 28 ديسمبر, 2020 - 03:20 صباحاً

ظلت عدن الباسلة على مدى عقود من الزمن تقارع الغزاة والمحتلين الأجانب، حتى إعلانها عاصمة اليمن المؤقتة، واجهت المدينة الكثير من الصراعات السياسية والعسكرية، التي أثرت بشكل مباشر على الحياة الأمنية والمعيشية لمواطنيها، وما إن سقطت بيد المجلس الانتقالي المدعوم اماراتياً، حتى تعاظمت مشكلاتها وتفاقمت أزماتها، وأصبحت مقابرها تعج بالموتى جراء تفشي الأوبئة والأمراض.

 

وبينما كان المحتلون الجدد ينشغلون ببناء المعسكرات فيها، استعداداً لجولة حرب جديدة، كانت عدن تصارع من أجل البقاء، تموت في كل يوم، وبغياب الدولة ومؤسساتها الشرعية فتحت العشرات من المقابر بدلاً من المشاريع الخدمية التي كانت في أمس الحاجة إليها.

 

حصاد أسود 2020

 

يمر عام 2020، ويدخل آخر، ولا تزال عدن ثغر اليمن الباسم، تعاني الأمرين، في ظل حكم وسيطرة المحتلين الجدد المدعومين مالياً وعسكرياً ولوجستياً من دولة الإمارات التي تشارك السعودية في الحرب الدائرة في البلاد، منذ نحو ستة أعوام.

 

وخلال تلك الأعوام ظهرت الكثير من تحولات الحرب على الأطراف المشاركة فيها، ولفتت مدينة عدن أنظار الإمارات، ثم السعودية، التي باتت الآن محور تنافس وصراع بين الدولتين، ضمن صراع داخلي، تمثله الحكومة الشرعية، والمجلس الانتقالي الجنوبي.

 

وقد مثلت أحداث أغسطس/ آب 2019، صورة واضحة لخيار القوة التي يعتمد عليها المجلس الانتقالي، لفرض إرادته السياسية؛ حيث انتزع عدن بالقوة من قبضة الحكومة، ولا يزال كذلك، في حين تحاول استعادتها عبر جهود سعودية فشلت حتى الآن من إعادة الأوضاع إلى طبيعتها في تعارض واضح وصريح لأهداف الحرب التي تدخلت من أجلها.

 

ومنذ ذلك الوقت، واجهت المدينة انهياراً شاملاً في الخدمات، وشهدت العديد من الاختلالات الأمنية، وزادت معاناة السكان فيها، ومع تفشي الكثير من الأمراض والأوبئة وانهيار القطاع الصحي فيها، حتى ارتفعت أرقام الضحايا وحدثت  قفزة هائلة في أعداد الموتى لتعن الحكومة في يناير 2020 عنها مدينة منكوبة.

 

وانتشرت في عدن إلى جانب فيروس كورونا، أوبئة عدة كـ"الضنك"، و"الشيكونغونيا" (المكرفس)، و"الكوليرا" و"الملاريا"، جراء الأمطار التي مثَّلت بيئة خصبة لعودة الأوبئة التي يعاني منها الشعب منذ سنوات.

عدن المنكوبة... كورونا يحصد أرواح مئات اليمنيين

ولا يوجد رقم محدد لعدد ضحايا الأوبئة والحميات بعدن خلال الأشهر الماضية لكن قناة سي إن إن الأمريكية أكدت في تقرير لها، أن عدد الوفيات بعدن بسبب كورونا والأوبئة والحميات تجاوز عدد ضحايا الحرب بعدن

 

فيما قالت مصادر محلية وطبية في محافظة عدن، إن هناك أكثر من ألفي وفاة، منذ تفشي الأوبئة وحمى الضنك والملاريا، بفعل الأمطار والفيضانات التي شهدتها المدينة بالإضافة إلى جائحة فيروس كورونا.

 

انهيار النظام الصحي

 

في 25 أبريل نيسان الماضي أعلن المجلس الانتقالي المدعوم اماراتياً ما أسماها ”الإدارة الذاتية ” في المحافظات الجنوبية، وهو ما قوبل حينها برفض واسع في عموم محافظات الجنوب لتقصر تلك الإدارة على مدينة عدن وبعض مناطق محافظة أبين التي يسيطر عليها الانتقالي بقوة السلاح .

 

ومنذ فرض الانتقالي للإدارة الذاتية بعدن وما حولها انهار الوضع الصحي بعدن، وأغلقت المستشفيات والمراكز الطبية أبوابها وفر الأطباء منها لانعدام وسائل السلامة، التي تضمن عدم اصابتهم بفيروس كورونا، وأعلنتها الحكومة الشرعية، مدينة منكوبة دون أن تتمكن من تقديم شيئاً لها.

بحث معتمد على صور مقابر من أقمار صناعية أظهر أن وفيات كورونا تضاعفت في مدينة عدن

وأظهر بحث معتمد من قبل كلية لندن للصحة والطب، ومتخصصون بالتحليل الجغرافي المكاني عبر تطبيقات "كاتابلت" للأقمار الصناعية، على صور مقابر من أقمار صناعية أن وفيات جائحة كورونا تضاعفت تقريبا في مدينة عدن التي تعتبر مركز تفشي الفيروس في اليمن.

 

ووجد فريق من الباحثين في الكلية البريطانية، أنه بين أبريل وسبتمبر 2020 كان هناك حوالي 2100 حالة وفاة إضافية في المنطقة، مقابل حوالي 1300 حالة وفاة كانت متوقعة.

 

وبحسب "رويترز" تعتبر نتائج البحث أول بيانات كمية مهمة عن تفشي كورونا في اليمن، وقد تساعد في التخطيط للاستجابة للوباء وللمساعدات والعمليات الإنسانية الأخرى. ويجري تنفيذ مشروع مماثل من قبل نفس الفريق في الصومال.

 

على الرغم من إعلان الحكومة الجديدة التي يشارك المجلس الانتقالي فيها، بحقائب وزارية مهمة، ظل عاجزاً في النهوض بالوضع الصحي للمدينة، أو التراجع عن ما يسمى بـ"الإدارة الذاتية" والاعتراف بفشله والسماح بعودة الحكومة لمعالجة الوضع الكارثي بعدن.

 

انعدام الخدمات بعدن

 

وبالرغم من سيطرة المجلس "الانتقالي" على الموارد الايرادية لمدينة عدن، إلا أن إداراته فشلت حتى اللحظة في تأمين خدمة الكهرباء للمدينة، أو إيجاد حلول وبدائل للانقطاعات الطويلة والمتكررة التي ضاعفت معاناة المواطنين وتسببت بتظاهرات متواصلة ضد سلطات "الانتقالي" خلال الأشهر القليلة المتوالية.

 

 وليست خدمة الكهرباء فقط من عجز "الانتقالي" عن توفيرها، فقد فشل ايضاَ في إيجاد بقية الخدمات للمواطنين مثل المياه ورفع المخلفات من الشوارع وإزالة آثار السيول التي طالت عدن، وتسببت في بؤرة ملائمة لأسراب البعوض الذي فتك بالمئات من أبناء المدينة.

 

غياب الامن والاستقرار

 

ولعل أبرز حصاد 2020 في عدن، غياب الأمن والاستقرار في المدينة، بفعل فصائل المليشيات المسلحة التابعة للانتقالي، التي حولت المدينة إلى ثكنة عسكرية بدلاً من كونها عاصمة تجارية، مما فاقم من المشاكل الأمنة والاقتصادية.

 

وسجلت عدن أعلى معدلات للاغتيالات وحوادث العنف والفوضى والسطو المسلح على المحلات التجارية والنهب المنظم للممتلكات الخاصة والعامة والسطو على أراضي الدولة والبناء العشوائي عليها، كما زادت معدلات الفوضى والعنف والعنصرية ضد أبناء المحافظات الشمالية.

 

انهيار الوضع الاقتصادي بعدن

 

وتعرض الوضع الاقتصادي في عدن في زمن "الانتقالي"، لأكبر ضربة في تاريخه، حيث انهارت الخدمات وتوقفت الايرادات وتعطل المطار، فضلاً عن تراجع الحركة التجارية للميناء إلى أدنى مستوياتها.

 

كما فشل "الانتقالي"، في ضبط سعر صرف العملة حيث اقترب سعر الدولار الواحد من الألف ريالا رغم استقرار سعره في صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين عند 600 ريالا.

 

كما أن النهب والابتزاز الذي مارسته المليشيات المحسوبة على "الانتقالي" ضد التجار ورجال الأعمال أدى لهجرة كبيرة للمستثمرين منهم  ومغادرتهم عدن حتى توقفت شركات كبرى وأغلقت العديد من المؤسسات في المدينة وتوقفت العديد من المشاريع الاستثمارية.

 

تدهور الحقوق والحريات

 

ومثل ما هو الحال في الجوانب الصحية والأمنية والاقتصادية، فالحال في مجال الحقوق والحريات ما يزال في أسوأ حالاته حيث تعرض الصحفيين في مناطق الانتقالي للقتل المباشر والاستهداف المتعمد، كما تعرض العديد منهم للتهديد بالتصفية الجسدية والسجن.

 

ويواصل "الانتقالي" سياسة التهديد والقمع وتكميم الأفواه في الكثير من المناطق التي يسيطر علها، كما أن السجون سيئة الصيت لا تزال مليئة بشباب عدن على الرغم من صدور أحكام قضائية بالإفراج عن الكثير منهم.

 

وتؤكد تقارير المنظمات الحقوقية، أن المئات بعدن ما يزالوا في عداد المخفيين قسريا وما يزال التعذيب والقمع يمارس فيها بشهادات المنظمات الحقوقية المحلية والدولية .

 

وبشكل شبه يومي تنظم” رابطة أمهات المختطفين"، التظاهرات والوقفات الاحتجاجية، للمطالبة بالإفراج عن المختطفين وكشف مصير المخفيين قسريا.

 


تعليقات
square-white المزيد في تقارير المهرية