آخر الأخبار
لحج الخضيرة ليست بلاد الفل فحسب فالصناعات الشعبية حاضرة عند سكانها ( تقرير خاص)
لاتزال قرى لحج تنتج هذه الموروثات وتحافظ عليها
الخميس, 12 نوفمبر, 2020 - 07:37 مساءً
لاتزال الكثير من الأسر الفقيرة والمهمشة في محافظة لحج تعتمد كلياً في دخلها على ما تنتجه وتبيعه من الموروث والصناعات الشعبية التقليدية التي تُصنع من مختلف أنواع الشجر.
ورغم دخول الصناعات الحديثة المستوردة من خارج اليمن؛ لكن مصنوعات يدوية كالحصير والأواني المنزلية التي يستخدم فيها شجر النخل والسدر لاتزال تحافظ على حضورها في لحج لاسيما في المناطق ذات الطبيعة الريفية في قرى حيث تقتنيها الكثير من الأسر التي تفضلها على المصنوعات الحديثة.
ولعب ذلك التفضيل دوراً بارزاً في تشجيع العاملين في المصنوعات اليدوية للاستمرار بإنتاجها في ظل الفقر والبطالة وانعدام فرص العمل التي تفاقمت خلال السنوات الأخيرة مع استمرار الحرب وارتفاع معدل البطالة بعد توقف العشرات من المصانع والشركات.
في بلدة الزاهرين شمال لحج يقضي محمد كرارة (70عاماً) معظم وقته في إنتاج عدد من السرر والمكانس برفقة ابنه الذي يطمح لتعليمه هذه المهنة مع تقدم عمره، ويظل أياماً في تجميع سعف النخل من أجل تركها أيامها قبل أن يبدأ في صناعة بعض السرر من عيدان الشج، حيث يقوم بتسوية الزوائد ونجارتها ثم نسج وعقد شجر النخيل بعد أن يتم ربطه بشكل حلزوني بين العيدان الأربعة التي يتكون منها السرير أو ماتسمى في الكثير من قرى لحج بـ"القعادة"، ثم تكون في بضعة أيام جاهزة للبيع.
يقوم الابن بمساعدة والده في رص قش من سعف النخل بعد تركه لأيام بعد قطعه من وجمعه في حزمه وربط طرفه ببعض الخيوط ليتم تثبيتها أو وضعها في مادة بلاستيكية وضغطها لتمنع القش من التساقط وتكون جاهزة للبيع.
يقول كرارة إنه كسب هذه المهنة من والده وعاش واقتات منها لأكثر من50 عاماً، وأن الناس مهتمون بهذه الصناعة ويتعاملون معه، ووفقاً له فهي ليست مدره للدخل لكنها تغطي كثيرا من احتياجات أسرته، حيث يصل سعر السرير إلى 2000 ريال، والمكانس بـ100 ريال وأحياناً أقل تقديراً لظروف الناس.
ليس كرارة هو الوحيد الذي يقوم بصناعة هذه المنتجات التقليدية فأغلب من يقوم بصناعة الحصير والأواني التي تستخدم لوضع وحفظ الحاجات المنزلية فيها، تصنعها النساء، ويضفن عليها بعض اللمسات الجذابة وخاصة في الحصير أو الفرش ويطلق عليها شعبياً بالشقق، وهي تصنع من سعف النخيل بعد أن يقمن بتعريضه للشمس لأيام حتى يتغير لونه ثم يقمن بعقده ونسجه ثم يضاف في أطراف تلك المنتجات أو وسطها بعض الألوان ولاسيما الحمراء والزرقاء والتي تضيف للحصير جمالاً وجاذبية.
ولايزال الكثيرون يحرصون على شراء هذه المنتجات الشعبية، وتتفاوت أسعار الحصير وبعض الأواني التي يتم استخدامها لحفظ الخبز أو حاجات المنازل الأخرى بين 250 – 500 ريال، في الوقت الذي لاتزال تمثل هذه المنتجات هدايا يقدمها بعض الناس لأقاربهم ورفاقهم في مناطق أخرى.
ووفقا لمشتاق محمد علي فإنه وكثير من سكان قريته في المضاربة السفلى لايزالون يعتمدون على هذه المنتجات الشعبية في تسيير حياتهم المنزلية لعدة أمور أولاً: لفوائد صحية وفق موروث شعبي في المنطقة أن الحصير أو السرر لاتزيد من أثقال أجساد الناس بالكسل بخلاف الصناعات الخارجية وتجعلهم نشيطين خاصة في الأرياف الذين يعتمدون على الأرض في تدبير شؤون حياتهم ناهيك عن كلفتها الاقتصادية وعمرها الزمني، حيث تبقى هذه الصناعات فترة أطول مقارنة بأسعارها الرخيصة التي تتناسب مع قدرات الكثير من السكان في هذه المناطق بالإضافة إلى أن أخذها وشراءها هو تشجيع لصانعي هذه المنتجات وتحقيق التكافل الاجتماعي خاصة في ظل البطالة والفقر المتفشي في اليمن.
في السياق ذاته يقول علوان سعيد والمهتم بهذه الصناعات والموروثات الشعبية إن ما يجذب الناس في قرى لحج لاقتناء هذه الموروثات، رغم الحداثة، أن أغلب قرى لحج تعتمد على الرعي والزراعة وبالتالي هي من الطبقة الفقيرة وأسعار هذه الصناعات الشعبية تتناسب مع قدراتهم، والسبب الثاني أن هدف من يحرصون على اقتناءها دعم المجتمع وتمكين صانعي هذه المنتجات الشعبية من الاستمرار في خضم الحياة التي تتعقد مساراتها في ظل الحرب والبطالة.