آخر الأخبار
قصف الإمارات للجيش اليمني..جريمة موثقة لن تنجو من القصاص
قصف الإمارات للجيش اليمني - أغسطس 2019
الأحد, 30 أغسطس, 2020 - 05:42 مساءً
عامٌ مضى على واحدة من أكبر وأبشع الجرائم التي كشفت زيف تحالف ادعى – في ليلة ظلماء ثم راح يكرر عبر قنواته - أنه جاء ليحرر اليمن ويدعم شرعيتها وجيشها، لكنه وفي وضح النهار أفصح عن أهدافه، وقصف الجيش الذي يقول إنه جاء لدعمه، وترك شعوراً صادماً لدى اليمنيين إذ لم يعودوا يستطيعون فهم ما يجري.. فالتحالف الجرار الذي سمى نفسه عربياً ورفع شعار إنقاذ اليمن من الغزو الفارسي الإيراني وإعادة عبدربه منصور هادي وشرعيته إلى صنعاء، أصبح يقتل جيش الدولة الشرعي ويستهدفه مباشرة وهو يؤدي واجبه على الأرض في تأمين مدنه وبسط يد الشرعية نحوها.
ضربات أحالت الأطقم العسكرية الرسمية ومن عليها إلى ركام أسود، وتركت أفراد الكتائب أشلاءً متناثرة.. أما من نجا منهم فقد خضبت الدماء وجوههم.. لتخرج الإحصائية بأكثر من 300 شهيد وجريح.
الذكرى الأولى لقصف الإمارات الجيش اليمني في منطقة العلم شرق العاصمة المؤقتة عدن، تحل هذا العام وسط غضب شعبي عبر عنه جموع من المتظاهرين في عدد من المحافظات، رفعوا فيها شعارات منددة بالجريمة ونادوا بمحاسبة الإمارات وملاحقة قادتها عبر المحاكم الدولية.
أما التعبير الرسمي – وإن بدا حتى اللحظة خجولاً ولا يرقى لمستوى الجريمة حسب مراقبين - فقد تمثل بتنظيم قيادة اللواء 115 مشاه بمديرية لودر التابعة لمحافظة أبين حفلاً تأبينياً لشهداء اللواء الذين سقطوا جراء القصف.
شهادة حية
يتحدث عبدالرحمن المصري لـ"المهرية نت" وهو صحفي مصور تابع للجيش الوطني يتنقل بين مختلف الجبهات، وكان قد رافق الوحدات العسكرية التي انطلقت من شبوة باتجاه عدن لتحريرها من ميليشيا الانتقالي نهاية أغسطس من العام الماضي، ووثق بعدسته جريمة قصف الطيران الإماراتي للجيش الوطني في منطقة العلم.
يقول المصري: "بالنسبة لي تركتْ تلك الجريمة ندوباً نفسية وجسدية مازالت تؤثر عليّ بشكل كبير حتى اليوم، كانت تلك العملية صادمة وكشفت عن وجه آخر للتحالفات والمعاهدات، وجه الغدر والخيانة، الجميع يعرف أن التحالف العربي بما فيه الإمارات جاء لغرض دعم الشرعية وليس لمحاربتها".
يستذكر المصري ما جرى له ولرفاقه في تلك العملية، "بعد الحادثة حاولت مع زملائي إسعاف الجرحى، كانت الفاجعة والصدمة كبيرة، والقتلى في كل مكان، أسعفنا بعض الجرحى حتى امتلأت السيارات الموجودة، ورغم إصابتي لكنني كنت أراها طفيفة بالمقارنة مع حال الكثيرين، لذا كنت حريصاً على نقل من أثخنت الجريمة جراحهم، أوقفنا سيارة مدنية وأرسلنا الجرحى إلى مستشفى في محافظة أبين لتلقي العلاج، بقيت أصور وأوثق تلك المشاهد التي لن أنساها طيلة حياتي".
يضيف المصري الذي انتشرت مقاطعه المصورة لعملية القصف على نطاق واسع وتداولتها قنوات عالمية ومحلية: "أكبر خسائرنا هم خيرة زملاءنا ورفاقنا من أبطال الجيش الوطني، لقد استطعنا بفضلهم تحقيق انتصارات وهزيمة ميليشيا الانتقالي في شبوة وأبين وكان هدفنا الوصول إلى عدن وبسط نفوذ الدولة فيها، لكننا خذلنا وتم قصفنا على مشارف العاصمة المؤقتة للشرعية".
مسؤولية الحكومة
وبالنسبة للمسؤول الأول عن ملاحقة دولة الإمارات عن الجرائم التي ارتكبتها بحق اليمنيين وخاصة جريمة استهداف الجيش الوطني يقول رئيس منظمة سام للحقوق والحريات توفيق الحميدي لـ "المهرية نت": "إن الحكومة الشرعية هي المعني الأول بهذا الأمر، لأن من قُصف هو جيش الحكومة، وبالتالي يعتبر ذلك استهداف لسيادة الدولة واعتداء بصورة مباشرة عليها وجريمة عدوان بموجب اتفاقية روما المنشئة لمحكمة الجنايات الدولية".
مضيفاً: "على الحكومة الشرعية أن تطالب بالتحقيق وترفع الدعوى للأمم المتحدة والأجهزة التابعة لها، فمسؤوليتها تنطلق من الواجب الدستوري الذي فرض عليها الدفاع عن سيادة الدولة اليمنية من أي اعتداء، وعن كل فرد يمني يتعرض لانتهاك من أي طرف كان، لكن الإجراءات الحكومية تجاه جريمة نقطة العلم، حتى اليوم ضعيفة وخجولة وتتعارض مع الاتفاقيات الدولية ودستور الجمهورية اليمنية..من المفترض أن أي حكومة تحترم نفسها ويوجد بها مؤسسات أن تقدم استقالتها".
لن تسقط بالتقادم
وبحسب الحميدي فإن "جرائم الحرب لا تسقط بالتقادم، والجرائم التي ترتكبها الإمارات ضد أفراد والمتعلقة بالتعذيب أو الإخفاء القسري أو غيرها من الاعتداءات يمكن للأفراد بصورة منفردة ملاحقة دولة الإمارات، وتابعنا مؤخراً تحريك دعوى جنائية ضد ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، أمام القضاء الفرنسي الذي وافق على تحريك هذه الدعوى".
وحول الخيارات المتاحة أمام أهالي الضحايا في الداخل فبإمكانهم – بحسب المحامي والناشط الحقوقي - أن يرفعوا دعاوى ضد منتهكي حقوق الإنسان أمام المحاكم المحلية ذات الصبغة الدولية والتي يتيح نظامها الأساسي النظر في قضايا حقوق الإنسان، حتى يستنفد مراحل التقاضي ثم التحرك على نطاق أوسع من خلال محاميين دوليين أمام محاكم دولية وهذه تحتاج توكيلات وإثباتات خاصة بهذا الجانب.
جبر الضرر
أما حق الضحايا بجبر الضرر والتعويض فيقول الحميدي إن هذا الأمر مبدأ أصيل من مبادئ العدالة الانتقالية "ولهذا كان من المفترض على فريق تقييم الحوادث السعودي الذي يخرج لنا ببيانات صحفية بعد الغارات التي تستهدف مدنيين يمنيين هنا وهناك أن يسارع بجبر الضرر وتعويض الضحايا من خلال إنشاء صندوق لكن هذا ما لم يحدث".
يعتقد المصري أن تحركات الحكومة "لم ترقَ لمستوى الفاجعة" فالإدانات والاحتجاجات لا تكفي، بل كان لا بد من قرارات جادة وحاسمة بقطع العلاقات مع الإمارات وسحب السفير وطرد القوات الإماراتية المتواجدة على الأرض اليمنية، وتطبيق المقاطعة الاقتصادية على المواد المستوردة من الإمارات حيث أن حوالي 90% من المنتجات الاستهلاكية في الأسواق اليمنية تستوردها بلادنا من تلك الدولة".
حكومة متخاذلة
وينتقد المصري تخاذل الحكومة وقيادة الدولة بشأن علاج الجرحى، ويضرب في ذلك مثلاً عن حالته فهو لم يتلق العلاج رغم أن شظايا اخترقت جسده ولم يصله المرتب منذ أشهر طويلة، حتى يستطيع استكمال العلاج "لقد تركت فيني الإصابة مشاكل في السمع والبصر والتنفس تظهر بين فترة وأخرى".
يعتقد مقاتلون ومصابون كانوا قد شاركوا في عملية تحرير عدن، واستهدفتهم طائرات الإمارات الحربية، أن هذه الأخيرة استطاعت إيقافهم العام الماضي عن الدخول إلى العاصمة المؤقتة للشرعية وبسط سيطرة الدولة والحكومة عليها، لكنهم يؤمنون أن الجريمة لا يمكن أن تطويها صحف الأيام، وأن لا مكان لمحتل استحل دماء اليمنيين وراح يقتلهم أمام مرأى ومسمع من العالم أجمع وهو يرفع شعار حمايتهم وتحريرهم.