أثار مقتل المواطن محمد علي مهدي قعشة (33 عاماً)، في حي مدينة النور بمدينة تعز (وسط البلاد)، على يد أفراد من الجيش والأمن يحتلون منزله منذ سنوات، إدانات حقوقية واسعة على مواقع التواصل، وسط مطالبات للجهات المعنية بتسليم الجناة للعدالة وإنهاء مشكلة السطو على المنازل من قبل نافذين محسوبين على المؤسسة العسكرية والأمنية.

وتعود تفاصيل القضية، إلى أكثر من 4 أعوام حيث يطالب محمد من أفراد الجيش والأمن، الخروج من منزله و2 من المنازل العائدة لوالده، حيث يتمركز فيها أفراد من اللواء 17 التابع لدوريات النجدة بقيادة عبده حمود الصغير ورامي الخليدي في مدينة النور ".

ورغم توجيهات السلطات المدنية والعسكرية بالمحافظة لقيادة اللواء بتسليم المنازل لذوي المجني عليه، إلا أن رفض "الصغير" حالة دون تسليم المنزل، ليضطر الشاب "محمد" إلا استئجار منزلا صغيرا بقرب منزله حتى يتمكن من مراقبته إلى حين عودته إليه.

ومنذ ستة أشهر، ومحمد العائد من السعودية يطالب تلك القوات بإخلاء الفلتين، مع أن مطالبة أسرته كانت قد بدأت بسنوات سابقة لكن تلك المطالب لم تصل نتيجة، ومع تشكل لجنة من المحافظة بخصوص المنازل المنهوبة برئاسة عارف جامل، تقدم محمد بطلبات للجنة وحصل على توجيهات، كما حدثت تفاهمات بتسليم فلة وإبقاء على فلة أخرى ليجلس بها المسلحين، ومع ذلك، لم تنفذ هذه التفاهمات من قبل اللواء.

وفي تأريخ 27 أغسطس، وفي وقت متأخر من الليل خرج "محمد" من منزله لشراء "زبادي" كي يهدأ وجع بطن صغيرته من بقالة مجاورة، ليخرج بذات اللحظة قاتلان من منزله ويردياه قتيلاً بالقرب من باب المسجد ثم يعودان لمنزله المملوك له، ولم تنتهي القصة هنا إذ هرع سكان الحارة لإسعافه غير أن فريقاً آخر من المشاركين في الجريمة خرج من منزل محمد المملوك لمنع أهل الحارة من إسعافه وتركوه حتى لفظ انفاسه الاخيرة ليعود خالي الوفاض والروح لطفلته الموجوعة  التي أطلقت عبارتها المشهورة "#يا_بابا_ارجع_ما_اشتيش_زبادي #يا_بابا_ما_نشتيش_بيتنا_نشتيك_ببيتنا". 

وبعد 10 دقائق على حادثة إطلاق النار التي خرجت من اتجاه الفلتين، حضر طقم يقوده معاذ الشجرة أركان حرب الكتيبة الأولى في لواء 17 ومعه مسلحين، ليقوما بأخذ محمد إلى مستشفى البريهي، لكنه لم يلبث غير دقائق محدودة في المشفى حتى توفي.

وفي حين زعمت قيادة اللواء ببيان لها حول الحادثة، في مذكرة رفعت الى الشرطة العسكرية أن محمد كان بيده "حديده وخنجر وأنه تعارك مع المسلحين"، تؤكد أسرة محمد أنه لم يكن معه أي سلاح أو أداة حادة وانه كان ضحية للمسلحين وأن ذلك بسبب مطالباته لهم بإخلاء الفلتين المملكة له، ثم أنه لم يتم العثور على خنجر او حديده في المكان."

وتضيف أسرة المجني عليه وراية شهود عيان، أن هروب المسلحين الذين باشروا محمد اطلاق النار بعد الحادثة مباشرة، وحضور مسلحين اثنين لمنع اسعافه يؤكد أن الجريمة كانت مبيته".

وحسب شهادات أسرة مهدي، فإنان (م.س) و(أ.ع) جنديين في قوات النجدة هما المتهمان بقتل الرجل، حيث يرابطان في موقع الدفاع الجوي، ويقيمان في الفلتين الخاصتين بأسرة مهدي، وحسب مصدر مطلع فقد تم اليوم تسليمهما إلى الشرطة العسكرية.

ووفق شهادات من أسرة (مهدي)، فان محمد كان يجلس مع المسلحين في الفلتين في بعض الأحيان، وأن هنالك مسلحين وبعض القيادات لم يكونوا راضين عن احتلال الفلتين، وكانوا يخجلون من الجلوس فيهما، لكن قيادات في اللواء هي من كانت تعيق تسليم الفلتين.

مأساة هزت تعز

وأثارت حادثة مقتل محمد مهدي، الكثير من ردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي، وباتت حديث الناشطين في مجال حقوق الانسان لليوم لثالث على التوالي، وسط دعوات حقوقية لتنظيم وقفات احتجاجية بالمحافظة للتنديد بالجريمة، وللضغط على السلطات المحلية بكشف ملابساتها وتسليم الجناة للعدالة، وإعادة ممتلكات المجني عليه لذويه دون قيد او شرط.

وقالت رئيس مؤسسة دفاع للحقوق والحريات هدي الصراري، "على كل أبناء تعز ان يكونوا اسرة للمقتول غدرا محمد مهدي وللمطالبة بالعدالة من القتلة واستعادة منازل محمد ووالده التي يسيطر عليهن مسلحين منتمين للجيش في حي مدينة النور منذ أربع سنوات.

وقال الناشط عمر السوائي: " قتل محمد الذي خرج ليشتري زبادي لإبنته جريمة.. معه بيتان في تعز تم السطو عليهما من قبل مسلحين مرقمين.. استأجر بيتا أمام بيوته ليتعذب بالنظر إلى ملكه وداره وماله المغتصب.. لم يطق المغتصبون نظراته وحسراته، فقتلوه.. هذا في وجهنا كلنا، وليس في وجه السلطة المحلية فقط".

وقال جميلة الصامت، إن "محمد قتل عمد حتى لا يطالب بحقوقه وأسرته في منازلهم ومعدات ثمينة كانت تحويها باحات العمارة مجمع الشقق بمدينة النور التابعة لمديرية المظفر غرب مدينة تعز ".

وأضافت في منشور على فيسبوك روت خلاله تفاصيل الحادثة، "هذه جريمة مروعة انها جريمة حرب انها كفر بواح انها عهر ومسخ لكل القيم الانسانية ان يجري تصفية مواطن بهذه الطريقة البشعة".

من جانبه، قال الكاتب والروائي جمال الشعري (أحد أقارب المجني عليه) إنه "منذ الخميس المنصرم بدأنا بمتابعة السلطات العسكرية (الشرطة العسكرية) بالتوجيه في ضبط المتهمين، إلا أننا نتفاجأ بتعنت قيادات اللواء 17 مشاة في تسليم القتلة لقيادة الشرطة العسكرية، ليس ذلك فحسب بل أنهم مستمرين على فرض سلطتهم وهيمنتهم على جهات الاختصاص حتى أجبروا شعبة البحث الجنائي التابعة للشرطة العسكرية للنزول والتحقيق مع القتلة في ملحق قيادة اللواء 17 مشاة (مبنى الفنية)، رافضين تسليمهم نهائيا، وذلك خارج عن السنن والبنود القانونية".

وأضاف في منشور على فيسبوك: "وعليه تمتد نفس الكف المبتورة إصبعها نحوكم، متوسلين وراجين في إنصاف المقتول ظلما وغدراً، آملين ألا يتكرر سيناريو (محمد) مجددا".

وطالب الشعري، من النشطاء والحقوقيين المشاركة في الوقفة الاحتجاجية التي دعا إليها للضغط على اللواء بتسليم الجناة للجهات المختصة والإسراع في التحقيقات وتسليم منزليّ الشهيد المغتصبتين منذ سنوات.

بدوره، طالب الناشط أكرم الحميري، "بتحقيق عادل، وشفاف، وسريع، بخصوص قضيه "محمد" لافتاً إلى أن المتهمين من قوات النجده، التي يعول عليه المواطنين في حماية وحراسة المحافظة لا في إزهاق أرواحهم ونهب ممتلكاتهم، مضيفاً " ما حدث كارثه بحق تعز، وأبنائها".

أما محمد فضل الدهبلي فكتب قائلاً: " في مدينتي الحبيبة تعز يتم الاستيلاء على منزلك وعند المطالبة بالخروج منه يتم التفاوض معك للخروج مقابل مبلغ مالي كبير وبظل صمت القادة واذا لم توافق على ما يتم طلبه وبقيت تطالب بحقك وتريد استرداده دون مقابل يتم قتلك وتلفيق لك اي تهمه تشرع ما قاموا بها.. هذا ما حصل مع الاخ محمد علي مهدي رحمة الله تغشاه".

وقال رسام الكاريكاتير الشهير رشاد السامعي في منشور مقتضب حول الجرمية "رفضوا يسلموا قتلة الشهيد محمد مهدي الذي قتل قبل اربعة أيام.. رسالة إلى أصحاب (خلوا القانون يآخذ مجراه 0 وخلوا القضاء يقول كلمته 0 والقضية منظورة )".

من جهته، أكد الصحفي محمد الرميم، نقلاً عن مصدر رسمي" تسليم أفراد النجدة الإثنين المتهمين بقتل المواطن محمد علي مهدي للشرطة العسكرية بعد مغرب يومنا هذا (السبت)، داعياً إلى عدم تسييس القضية أو استغلالها لتشويه جهات أو أحزاب بعينها. حد قوله