آخر الأخبار
هل تنجح الدبلوماسية العمانية في منع نشوب حرب شاملة بمنطقة الشرق الأوسط؟
السبت, 20 أبريل, 2024 - 10:36 صباحاً
يترقب العالم دور سلطنة عمان الدبلوماسي الذي قد يساهم في تخفيف التوتر الذي زادت حدته مؤخرا بين طهران والولايات المتحدة التي تدعم الاحتلال الإسرائيلي في حرب الإبادة التي يقوم بها في قطاع غزة بالإضافة إلى إقدامه على قصف القنصلية الإيرانية في دمشق، والتي قتل على إثرها قيادات عسكرية إيرانية كبيرة.
وردت إيران على الجريمة الإسرائيلية بإطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل في ضربة غير مسبوقة انطلقت مباشرة من الأراضي الإيرانية.
وتعهدت سلطات الاحتلال بالرد على الهجوم الذي شنته إيران خلال عطلة نهاية الأسبوع، لكن إيران ردت بتصريحات سريعة تحذر فيها من أن "أدنى إجراء" من جانب إسرائيل ضد "المصالح الإيرانية" سيؤدي إلى "رد فعل قاس وشامل ومؤلم".
ومن الممكن أن تندلع حرب شاملة من خلال المزيد من الإجراءات التصعيدية من جانب طهران أو إسرائيل، ولكنه قد يحدث قنوات ثنائية رسمية للحوار ووقف التصعيد.
ولأن الأولوية القصوى للمسؤولين في مسقط هي محاولة منع الأزمات المتصاعدة في غزة واليمن وخليج عدن والبحر الأحمر من التوسع إلى الخليج ومضيق هرمز وخليج عمان، يتوقع مراقبون أن تلعب السلطنة دورًا حاسمًا في الحفاظ على قناة اتصال مفتوحة بين الولايات المتحدة وإيران، حيث تسعى الأطراف إلى تهدئة التوترات.
ويشير الباحث كريستيان كوتس أولريشسن إلى أن الأزمة الحالية في الشرق الأوسط هي الأزمة التي أمضى المسؤولون في عمان سنوات في محاولة تجنبها.
وأضاف الكاتب: تقع عمان عبر مضيق هرمز من إيران، وتتمتع بعلاقات دفاعية وأمنية وثيقة مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وتدرك عمان أن الهجمات الانتقامية تزيد من خطر نشوب حرب أوسع قد تجتاح الدول والجماعات المسلحة غير الحكومية في جميع أنحاء العالم.
ويرى أن هذا هو المكان الذي تتدخل فيه عمان. فلسنوات، قامت الدولة الخليجية بهدوء ببناء سجل حافل لتخفيف التوترات الإقليمية من خلال الدبلوماسية. وقد استمرت في لعب هذا الدور منذ اندلاع أحداث 7 أكتوبر وفي الأشهر التي تلت ذلك في حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة التي أشعلت المنطقة، عقدت عمان حوارات رفيعة المستوى مع إيران، واستضافت وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون لإجراء محادثات حول الأمن في البحر الأحمر، ودعت إلى وقف إطلاق النار في غزة.
ويذهب إلى أن النهج الي تتبعه عمان يختلف عن نهج الدول الأخرى، وبدلا من المشاركة في المحادثات المباشرة، فإنها تخلق مساحة للحوار، وتعمل كميسر وليس وسيطا.
يتابع: أنشأ المسؤولون العُمانيون مساحات دبلوماسية تسمح لهم بالتعامل مع القضايا الإقليمية بشروطهم الخاصة وبطرق تتناسب مع نقاط قوتهم. وكما أشار السيد بدر البوسعيدي، وهو دبلوماسي محترف أصبح وزيراً للخارجية العمانية في عام 2020، في عام 2003، "نحن نحاول الاستفادة من موقعنا الوسيط بين القوى الأكبر لتقليل احتمالات الصراع في جوارنا المباشر".
ويقول إن هذا تمييز مهم وقد حافظ عليه العمانيون فيما يتعلق بالتعامل مع المسؤولين الأمريكيين والإيرانيين، وكذلك ممثلي السعودية والحوثيين خلال الحرب الأهلية اليمنية التي استمرت عقدًا من الزمن.
ووفقا للكاتب: يتخذ التيسير العماني أشكالا متنوعة. يمكن أن تتكون من تمرير الرسائل والحفاظ على قنوات اتصال غير مباشرة بين الخصوم أو ترتيب قنوات خلفية واستضافة اجتماعات سرية.
ويرى أولريشسن أنه في حين أن الأزمة الحالية في الشرق الأوسط من الحجم الذي لا تستطيع عمان وحدها معالجته، فإن قدرة الوسطاء الموثوقين مثل عمان - إلى جانب قطر وسويسرا - على الحفاظ على قنوات الاتصال مفتوحة أمر بالغ الأهمية لتقليل احتمالية أي تصعيد عرضي. على الجانب الإيراني، واستكمال الحوار الأميركي والأوروبي مع القادة الإسرائيليين سعياً إلى إيجاد حل سلمي للأزمة.
السلطنة تلعب دورا حاسما
من جانبها تقول الصحفية "Shabnam von Hein" في التقرير الذي نشره موقع دويتشة فيلة: تعمل السلطنة تحت الرادار العام ولعبت منذ فترة طويلة دورًا حاسمًا كوسيط بين إيران والولايات المتحدة.
وأوضحت أنه بدون عمان، لم يكن من الممكن تصور الاتفاقيات التي تم التوصل إليها في المفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني على مدى العقدين الماضيين.
وأضاف: كما تقوم السلطنة أيضًا بحملة في شبه الجزيرة العربية من أجل إطلاق سراح السجناء الأمريكيين والأوروبيين في إيران.
واستدلت بالتقرير الذي نشرته صحيفة نيويورك تايمز حول مساعي الحكومة الأمريكية إلى إجراء محادثات مع السلطات الإيرانية عبر سلطنة عمان وسويسرا منذ نهاية الأسبوع الماضي. ولا توجد علاقات دبلوماسية بين الولايات المتحدة وإيران، لذا يجب إقامة اتصال عبر دول ثالثة.
وفي تصريحاتهم المتكررة يقول المسؤولين العمانيين إن بلادهم تؤمن بأن نهج بناء السلام يمكن أن يحد من الصراعات ويحتويها، ويؤدي في النهاية إلى حلول سلمية، وفي الواقع، لدى عمان مصلحة راسخة في وقف التصعيد وخفض التوتر في المنطقة وعلى المستوى الدولي.
وفي العام الماضي، استضاف العمانيون عدة جولات من المحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران. وكانت عُمان أحد اللاعبين الأساسيين في عملية تبادل الأسرى/الرهائن بين الولايات المتحدة وإيران ، وتحويل 6 مليارات دولار من الأموال الإيرانية من كوريا الجنوبية إلى قطر في سبتمبر/أيلول.
وبعد وقت قصير من تبادل الحديث، أشاد وزير الخارجية أنتوني بلينكن بالسلطان هيثم لتدخله الذي قال بلينكن إنه “حاسم لوضع اللمسات النهائية على هذا الترتيب”.
وفي نفس الشهر، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، قال وزير الخارجية العماني إنه على الرغم من أن التقارب "بطيء ومضني ومليء بالتحديات"، فإن الولايات المتحدة وإيران بحاجة إلى "الحفاظ على زخم الثقة... ووقف التصعيد" لصالح الاستقرار الإقليمي.