آخر الأخبار
السعودية تستغل التيار السلفي لتحقيق أجنداتها الاحتلالية في المهرة (تقرير خاص)
مدينة الغيضة عاصمة محافظة المهرة
الخميس, 18 أبريل, 2024 - 10:15 صباحاً
في ظل استمرار العدوان الوحشي الإسرائيلي على قطاع غزة منذ ستة أشهر، وبعد خروج أبناء المهرة بشكل مستمر في وقفات احتجاجية، ومظاهرات غاضبة تندد بما يحدث للشعب الفلسطيني من إبادة جماعية، تفاجأ أبناء المحافظة بخطاب تحريضي لأحد العناصر السلفية المستقدمة من خارج المحافظة ويدعى "عبد الحميد الزعكري"، وهو إمام مسجد الصحابة في مدينة الغيضة.
ويحمل هذا الخطاب تحريضا ضد المقاومة وتحميلهم ما يجري في غزة من جرائم، من قبل الاحتلال الإسرائيلي، على نهج العناصر السلفية، التي قامت السعودية والإمارات باستقدامهم وتمويلهم بعد عام 2014، في المناطق الجنوبية، وبنفس السياق الذي تغطي به القنوات السعودية الحرب الإسرائيلية على غزة.
وينظر إلى الجماعة السلفية التي أنتجها الصراع في اليمن، بأنها لا تستطيع المقاربة في مستقبلها العسكري وحتى السياسي بعيدا عن الفخ الإماراتي والسعودي، والتي تنخرط في حماقة وانتهازية، مع الدور الذي فرضته عليها هذه القوى، متجاهلة المشهد اليمني والإسلامي، ومتجاوزه تطلعات الشعوب من التحرر، في سبيل خدمة الممول.
ولا تدرك الجماعة السلفية أن القوى الإقليمية المتدخلة في اليمن تسعى إلى تنفيذ أجنداتها من خلالها، وأنها في أفضل الأحوال تستغلها سياسيا وعسكريا في صراعاتها التي لا تخدم اليمن بشيء، والتي لا تحترم سيادة الدولة وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
المهرة والسلفية
بعد الفشل الذريع لمحاولات السعودية السيطرة عسكريا على المهرة وشراء ولاءات رجال القبائل وعجزها عن تركيع الأهالي الرافضين لوجود أي قوات عسكرية لها على الأرض، لم تجد الرياض من وسيلة سوى استخدام السلفيين وتمكينهم من نشر الفوضى في المهرة.
ومما شجع السعودية على التمادي في انتهاك سيادة اليمن والعبث فيه وتفتيته، تواطأ من يحكمون البلاد معها أو العمل معها كوكلاء ينفذون أجندتها وخططها بالنيابة عنها، كما أن التنافس بين السعودية والإمارات على النفوذ فتح المجال واسعا أمام عدد كبير من الجماعات التي تتنافس لتقديم الخدمات، وفي المقدمة الجماعة "السلفية".
وتتشارك السعودية وحليفتها دولة الإمارات في تسليح الجماعات السلفية المتطرفة، وهي جماعات نهجها تكفير الديمقراطية والحزبية وتحريم التعددية السياسية ورفض حرية الرأي والتعبير.
وتسللت السلفية إلى اليمن بفعل الدعم والرعاية السعودية المقدمة لهذا التيار، والأموال الكبيرة التي أغدقتها الرياض على المعتنقين له، وخاصة مركز دماج في محافظة صعدة، ومركز معبر في محافظة ذمار، رغم خذلانها لهم في صعدة عندما اشتدت مطاردة الحوثيين لهم واجتثاثهم من هناك، مما يفتح التساؤل عن الاهتمام السعودي بالسلفيين في المهرة في الوقت الراهن، والمساعي الحثيثة لدمجهم بالمجتمع، ومدى استخدام السعودية للسلفيين كورقة في اليمن لتنفيذ أجنداتها.
محافظة المهرة الواقعة في أطراف اليمن شرقا ظلت بعيدة عن هذا التيار، ومع مطلع العام 2018 الذي شهد ذروة التوسع السعودي، ووصول محافظ المهرة السابق للمحافظة راجح باكريت بعد تعيينه قادما من الرياض ارتفع عدد السلفيين، ويتواجد الحضور السلفي في محافظة المهرة بعدة أماكن، أبرزها العاصمة الغيضة، ومديريات قشن وحصوين.
لماذا السلفيون في المهرة؟
اتضحت عملية ارتباط الجماعة السلفية في المهرة بالسعودية وقواتها، أكثر من طبيعة الخطاب الذي يقدمه هؤلاء، والطرح الذي يروجون له في أنشطتهم، ومحاضراتهم، وخطب الجمعة التي يلقونها من أسبوع لآخر.
ففي حين يرددون أنهم لا يتدخلون في السياسية، وليسوا مؤيدين لأي طرف سياسي، تركز خطابهم بعد الحرب الإسرائيلية على غزة، على تشويه المقاومة الإسلامية، وينتهجون نفس النهج الخطابي للقنوات والصحف السعودية، التي تعمل على " شيطنة " حركة حماس، وتحملها المسؤولة على ما يجري في غزة "، وفقا لما قاله الناشط سعد الخالد.
وأضاف الخالد في حديثه لموقع المهرية نت :" لم يكن مستغربا حديث الشيخ السلفي في مدينة الغيضة عبد الحميد الزعكري بتلك الطريقة عن المقاومة الفلسطينية، لأننا عرفناهم منذ تواجد القوات السعودية في المحافظة، حيث رحبوا بالقوات السعودية وتواجدها في المهرة، وأصبحوا عاملا مساعدا للترويج للقوات السعودية من خلال الدعوة للالتفاف معها، وعدم معارضتها، معتبرين ذلك خروجا على ولي الأمر، كون تلك القوات جاءت للمهرة عبر دعوة من الحكومة الشرعية ".
وأضاف:" الخطاب السلفي الصادر من أمثال "الزعكري"، الذي صدم أبناء المهرة، يوضح التماهي مع الأجندة السعودية في كل شيء، وبرز أكثر من خلال الفتاوى التي يطلقونها في أوساط الناس بأن الاعتصامات التي ينفذها أبناء المهرة احتجاجا على الوجود السعودي، وما نتج عنه من تداعيات، تعتبر حراما، ويحرم الانخراط فيها أو المشاركة في أي مظاهرات، كما يبغضون الشخصيات المناوئة للقوات السعودية".
وأردف: "لو نظرنا إلى تمركز تواجد الحضور السلفي المدعوم سعوديا في محافظة المهرة، لوجدنا أنه بذات النطاق الجغرافي الذي تسعى السعودية عبر قواتها لتعزيز تواجدها فيه، وهي الأماكن المطلة على السواحل بشكل أكبر، كقشن وحصوين والغيضة، لذلك العناصر السلفية هي بوق السعودية، وبيدقها التخريبي".
السلفية.. آلة هدم بيد السعودية
بعد إدراك السعودية أن التماسك القبلي والاجتماعي في محافظة المهرة، حصن قوي يقف في وجهها، وجدت صعوبة كبيرة في اختراق المجتمع المهري، ولذلك كان اختيار السلفيين كأداة لاختراق ذلك المجتمع هو الطريقة المثلى التي ستؤتي ثمارها على المدى البعيد، خاصة مع قابلية هذا التيار للعمل ضمن أجندة السعودية، وارتباطه الديني والروحي معها.
وتعمدت السعودية إلى تأسيس صراع في مدينة المهرة من خلال جلب تلك العناصر، من مناطق بعيدة عن المهرة، في وقت سابق، لتنفيذ أجندتها، من خلال الخطاب المتطرف، والدخيل على المجتمع المهري، والذي لا ينسجم مع طبيعة سكان المدينة الرافضين للتعصب.
كما يجري دعم تلك القيادات السلفية بأموال طائلة تدفع لهم شهريا، فضلا عن توفير مساكن لهم وتوزيعهم في المساجد والمدارس إضافة إلى ترتيبات لإنشاء مراكز ومقرات خاصة بهم، وفق حديث أكاديمي من أبناء المهرة لموقع "المهرية نت " فضل عدم الكشف عن هويته.
ويستغرب الأكاديمي من الازدواجية لدى السعودية بشأن التعامل مع الجماعة السلفية في اليمن، ويقول "من المفارقات الغريبة إن السعودية بدأت منذ قيادة بن سلمان بتضييق الخناق على مختلف الجماعات الإسلامية فيها، بما فيها الجماعات السلفية، وتحاصر تلك الجماعات في المجال العام، كتأكيد على إنتاجها العلماني ولبرلة المجتمع، لكنها تسلك في اليمن أسلوبا مغايرا من خلال تجنيد الجماعات السلفية ودعمها بالمال والسلاح.
وأضاف: "نحن في المهرة لا نريد أمثال" الزعكري "، لأننا رأينا التشكيلات العسكرية السلفية، أمثال كتائب أبو العباس في تعز تقوم باغتيال جنود من الجيش الوطني أو اختطافهم وقتلهم ودفنهم في أحواش منازل هجرها أهلها بسبب الحرب، وعثر على جثثهم في أماكن سيطرة تلك الكتائب داخل المدينة بعد طردها إلى ريف تعز، لذلك على أبناء المهرة ترحيل أمثال الزعكري، لأننا في المهرة بشكل عام لا نقبل التطرف، ونحن مع المقاومة ضد كل محتل في أي مكان، فما بالك في الأرض المباركة" فلسطين " "
وأردف: "خطاب الشيخ السلفي" الزعكري "، يثير قلق أبناء المهرة، لأن الجماعات السلفية في اليمن اشتهرت بالعنف اللفظي ضد مخالفيها، ثم تنتقل الى العنف العسكري، وعدن وهاني بن بريك خير شاهد، فإن عسكرة المحافظة بأمثال الزعكري يثير القلق، والخشية من أن تتحول الجماعة من العنف اللفظي إلى العنف المسلح ضد مخالفيها، الأمر الذي يؤدي إلى تفخيخ وتعقيد للمشهد أكثر مما هو معقد أصلا في محافظة المهرة، بفعل تواجد القوات الأجنبية".
وتواصل السعودية تجنيد الجماعات السلفية في اليمن ودعمها بالمال والسلاح، وتتم عمليات تجنيد تلك الجماعات من دون استشارة الحكومة اليمنية الشرعية أو موافقتها، فيما السلفيين وجدوا أنفسهم شيعا وجماعات جعلت منهم ظروف الحرب في اليمن بيادق بأيدي أقطاب الصراع الداخليين والخارجيين.