آخر الأخبار

السعودية ورحلة البحث عن مبررات ومزاعم لاحتلال المهرة (تقرير خاص)

قوات سعودية بمحافظة المهرة - أرشيف (وكالات)

قوات سعودية بمحافظة المهرة - أرشيف (وكالات)

المهرية نت - خاص
الجمعة, 01 مارس, 2024 - 11:18 صباحاً

ظلت محافظة المهرة في أقصى الشرق اليمني بعيدةً عن الصراع، الذي اندلع قبل أكثر من تسع سنوات، فالمحافظة المتاخمة لسلطنة عُمان لم يدخلها الحوثيون، ولم تخرج قيادتها عن الشرعية أو تتمرد عليها. 

 

ومن المستغرب قدوم القوات السعودية إلى المحافظة البعيدة عن جبهات المواجهة مع الحوثيين الذين يُفترض أن تحالف الرياض وأبو ظبي لم يدخل اليمن إلا لقتالهم. 

 

ففي نهاية عام 2017، دخلت القوات السعودية إلى المهرة ، بدفع الرياض قوات وتعزيزات عسكرية إلى المحافظة تحت شعار محاربة التهريب، وبعدها منعت حركة الملاحة والصيد في ميناء نشطون، كما حولت مطار الغيضة الدولي إلى ثكنة عسكرية، وعملت بعدها على استقدام قوات بريطانية وأمريكية. 

 

ولم يكن وجود السعوديين في المهرة منعا للتهريب فقط كما اعتقد البعض بداية الأمر، خاصة بعد ما كشفته بعض الممارسات الميدانية للرياض عن نوايا غير طيبة تتنافى تماماً مع ما أُعلن رسمياً، ما تسبب في تأجيج مشاعر الاحتقان والغضب لدى سكان المحافظة، ومن هنا تستمر الاعتصامات والاحتجاجات التي تشهدها المحافظة للمطالبة برحيل القوات الأجنبية.

استهداف المهرة عبر شماعة الإرهاب

 

مع مرور الوقت تُسقط الأحداث الكثير من الأقنعة التي ارتدتها كل من السعودية والإمارات حين أعلنتا أهدافهما الظاهرية من التدخل العسكري في اليمن، وانطلاق عاصفة الحزم بمشاركة عدد من الدول قبل 9 سنوات ، إذ تفند الممارسات العملية على أرض الواقع ما أُعلن في السابق.

 

ومحافظة المهرة خير دليل، على كشف الممارسات العبثية السعودية في اليمن، فالمحافظة كانت بعيدة جدا عن مناطق الصراع بين القوات الحكومية والحوثيين، ما جعلها في مأمن من فوضى الحرب، لكن الرياض كثفت من تواجدها العسكري في المحافظة المسالمة، الأمر الذي كشف أطماع السعودية في المهرة، التي تكتسب أهمية استراتيجية بالغة لليمنيين، إذ تعد ثاني أكبر محافظة من حيث المساحة بعد حضرموت، ويوجد بها منفذان حدوديان مع عمان هما صرفيت وشحن، وأطول شريط ساحلي باليمن يقدر بـ560 كيلومترا، وميناء “نشطون” البحري.

 

وزارة الداخلية في الحكومة الشرعية، أعلنت الأربعاء الماضي، القبض على "خلية" كانت تخطط للقيام بهجمات إرهابية في محافظة المهرة. 

 

 

ووفقا لما نشرته وكالة الأنباء اليمنية "سبأ"، عن مصدر مسؤول في الداخلية اليمنية: قوله إن "الأجهزة الأمنية في المهرة تمكنت بنجاح من القبض على عشرة عناصر إرهابية كانوا يخططون للقيام بأعمال إرهابية في أماكن متفرقة في المحافظة"، دون أن تكشف عن طبيعة تلك الأعمال.

 

وفي مطلع يوليو الماضي، أعلنت وزارة الداخلية اليمنية أنها ضبطت مسؤول الاستخبارات في تنظيم "داعش"، يدعى عبيدة الرزج، ويحمل الجنسية السورية، في المهرة، وفي أواخر يونيو 2019، زعمت القوات الخاصة السعودية تنفيذ عملية في محافظة المهرة، تكمنت خلالها من إلقاء القبض على زعيم تنظيم "داعش" في اليمن، الملقب بـ"أبو أسامة المهاجر.

 

مع تلك الإعلانات عن وجود الإرهاب في المهرة، يتضح أن السعودية تبحث عن أي طريقة في المحافظة اليمنية، تستطيع من خلالها الضغط على قبائلها وتياراتها الاجتماعية الرافضة لوجودها فيها، والذي بات أبناء المحافظة يعتبره" احتلالاً" مكتمل الأركان، ومع تواطؤ الحكومة الشرعية ، تسعى السعودية فرض نفسها في المحافظة المسالمة وذلك عبر ورقة "الإرهاب" كما يفيد الباحث السياسي منتصر السقطري.

 

وفي حديثه لموقع" المهرية نت" يقول السقطري:" الواضح من إعلان القبض على خلية إرهابية في المهرة، هو يهدف الى استكمال سيناريو السيطرة على المحافظة المسالمة، بمحاولة إيجاد مبررات لتواجد القوات السعودية برفقة القوات البريطانية والأمريكية في المهرة".

 

ويتابع: "نعيش في المهرة منذ سنين، ولم نعرف، ولم نسمع بالإرهاب في المحافظة، حتى جاءت القوات السعودية في نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2017، وبعدها بدأت ظهور الشائعات عن الإرهاب وتواجده في المحافظة التي لا تعرف غير السلام".

 

وأضاف: "كانت المهرة خلال الحرب العبثية التي أشعلتها السعودية والإمارات في البلاد، على أمنها واستقرارها، وبعدها دفعت الرياض بإرسال قوات عسكرية، حيث اتخذت السعودية من كذبة مكافحة التهريب والإرهاب وسيلة لها، وهي وسيلة رخيصة لتمرير مخططات القبح وهوس النفوذ في وطن ذات سيادة".

 

وأردف السقطري: "الإعلان من الحكومة اليمنية القبض على خلية إرهابية مكونة من عشرة أشخاص، هو تنفيذ أمر الكفيل السعودي". 

 

وتساءل : أين الحكومة اليمنية في الإرهاب الذي يحدث في عدن، والاغتيالات التي تحدث بشكل دائما، لماذا لا تقوم الحكومة بالقبض على الخلايا الاجرامية الحقيقية ؟؟؟

مؤامرات مستمرة

لم يكن الإعلان عن تمّكن السلطات الأمنية في محافظة المهرة من القبض على خلية إرهابية الأربعاء الماضي الإعلان الأول، ففي أواخر يونيو 2019، نفذت القوات الخاصة السعودية عملية في محافظة المهرة، تكمنت خلالها من إلقاء القبض على زعيم تنظيم "داعش" في اليمن، الملقب بـ"أبو أسامة المهاجر".

 

بعدها كشفت مواقع يمنية عديدة أن العملية كان مخططا لها، وأن ما قيل عن "اعتقال أمير داعش" كان أمراً مدبراً بين محافظ المهرة السابق، والقوات السعودية، تم خلاله استدراج" المهاجر" من قبل المحافظ.

 

 فقد جرى، حسب مصادر إعلامية يمنية، استدعاء" المهاجر" ، واستئجار شقة سكنية تم تأثيثها له بمدينة الغيضة في محافظة المهرة، عبر محافظها السابق والتابع حاليا للمجلس الانتقالي الجنوبي، راجح باكريت الذي استأجر المنزل من امرأة تعمل موظفة عامة، وقام بتأثيثه وتجهيزه ليسكن فيه "المهاجر"، ما يشي وجود علاقة وطيدة سابقة بين باكريت والمهاجر، دفعت الأخير الى الوثوق به والقدوم الى المهرة بناءً على طلبه، وكأن الرياض سعت الى ترتيب معيّن لتظهر عمليتها الأمنية كإنجاز تحاول من خلاله شرعنة وجودها العسكري في محافظ المهرة، التي لم تتوقف فيها الاحتجاجات، المطالبة برحيل قوات الاحتلال السعودي.

 

وجدير بالذكر أنه لم تتأكد حتى اللحظة هوية المهاجر، وإذا كان هو فعلًا أمير تنظيم الدولة في اليمن، فاسمه لم يرد في أي تحقيق أو تقرير سابق يؤكد ذلك وقد ظهر لأول مرة في بيان التحالف بقيادة السعودية.

 

من جهته يقول الأكاديمي في العلوم السياسية علي الشريف: "إن هذه ليست المرة الأولى التي تسعى فيها السعودية إلى نشر الإشاعات عن تواجد الإرهاب في محافظة المهرة، ولنشر الفوضى فيها، عبر المؤامرات المخطط لها مسبقا، بل سبق لها وأن حاولت عبر أدواتها بعدة أساليب وعدة خطط".

 

 وأضاف الشريف في حديثه لـ"المهرية نت": "تكاتف أبناء المهرة جميعا ضد مشروع الاحتلال السعودي، هو العائق أمام تحرّكاتها، وهذا الأمر شكّل صعوبة أمامها، لذى لجأت إلى أدواتها في الحكومة لتشويه المحافظة، عبر الإعلانات المتكررة عن القبض على خلايا إرهابية في المحافظة".

 

وتابع:" لا تختلف حادثة القبض على خلية إرهابية مؤخراً في المهرة، عن غيرها من الحوادث السابقة طوال السنوات الماضية، كونها لا تخلو من توظيف مدروس بالنظر إلى دلالات توقيتها ومكانها، فالحادثة وقعت على وقع التوترات في البحر الأحمر والبحر العربي، وحاجة السعودية إلى كشف تواجد القوات البريطانية والأمريكية في المهرة، لإرسال رسائل لإيران بأننا قريبون".

 

 

وأشار إلى أن " بعد واقعة القبض على المهاجر في المهرة، قام وفد بريطاني برئاسة ضباط من الاستخبارات، وبرفقتهم المتحدث باسم التحالف العربي العميد تركي المالكي، بجولة استطلاعية في الغيضة، بحسب ما أُعلن رسميا حينها، وكان الهدف الأساسي للزيارة البريطانية هو إلصاق تهمة الإرهاب بمحافظة المهرة واستخدامها ذريعة لتوسيع التواجد العسكري، وذريعة الإرهاب اتضحت أكثر من خلال ادعاء البريطانيين أن الغيضة غير مستقرة، وإصرارهم على تواجد عناصر من تنظيم القاعدة في المهرة".

*حوادث مفتعلة وتخادم مصالح

بعد إعلان الداخلية اليمنية القبض على خلية كانت تخطط للقيام بأعمال ارهابية، تضاربت الأنباء حول طبيعة العمليات التي كانت تعتزم الخلية تنفيذها، في الوقت الذي أفادت مصادر محلية أنها كانت تخطط لاختطاف جنود وضباط أمريكيين في المهرة وحضرموت الواقعتين شرق اليمن".

 

ووفقاً لمصادر يمنية، فإن عدداً محدوداً من الجنود والضباط الأمريكيين والبريطانيين يقيمون في المهرة وحضرموت بالتنسيق مع الحكومة اليمنية، للقيام بمهام تدريبية واستشارية للقوات الحكومية.

 

وفي مطلع العام الماضي قام السفير الأمريكي بزيارة إلى محافظة المهرة برفقة قائد الأسطول الأمريكي الخامس الجنرال كوبر وعدد من المسؤولين الأمريكيين، وبرر السفير الأمريكي زيارته للمهرة بأنها تأتي لبحث جهود مكافحة الإرهاب والتهريب، وشكر قوات الأمن اليمنية هناك على إحباطها العمليات الإرهابية بالتعاون مع القوات السعودية، حسب زعمه.

 

"كان اهتمام الولايات المتحدة بمحافظة المهرة قد بدأ منذ وقت مبكر، وسعيها لإنشاء مركز رئيسي لمواجهة الإرهاب في مناطق شرقي اليمن، ويكون مقره مدينة الغيضة مركز محافظة المهرة، والزيارة للسفير الأمريكي لدى اليمن إلى المهرة بدت متناغمة مع مبررات السعودية لتواجدها العسكري هناك، من خلال حديثه عن مكافحة الإرهاب والتهريب وإشادته بدور القوات السعودية بالمحافظة إلى جانب قوات الأمن اليمنية في مكافحة الإرهاب" وفقا لما قاله الصحفي والناشط اليمني مصعب عفيف.

 

ويقول عفيف في حديثه لـ"المهرية نت": "يوجد تناغم وتخادم في المصالح بين السعودية والولايات المتحدة في المهرة، وزيارة السفير الأمريكي في العام الماضي، كانت بدعوة من السعودية، وأن الهدف منها الاحتماء بحليفتها الولايات المتحدة لتبرير وجودها العسكري في المهرة وشرعنته بمزاعم مكافحة الإرهاب والتهريب، واستقدام قوات أمريكية، وتم افتعال عمليات أمنية وحوادث إرهابية للتأكيد على مزاعم وجود الإرهاب بالمحافظة".

 

وأضاف: "تحرص الرياض على الاستفادة من المستنقع اليمني المكلف الذي قفزت فيه عام 2015، وقد يكون الاستحواذ على المناطق الاستراتيجية هناك هو المكسب الوحيد الممكن، حيث يمنح الاستيلاء على المهرة السعودية وصولا مباشرا إلى المحيط الهندي، وتخطط الرياض بناء خط أنابيب نفطي من منطقتها الشرقية عبر المهرة إلى البحر".

 

 

وأردف: "رغم كل ذلك، لم تحرك الحكومة اليمنية الشرعية ساكنا، وكذلك بقية الأطراف اليمنية تقف موقف المتفرج إزاء ما تتعرض له المهرة من انتهاكات وعبث ومحاولات حثيثة لنشر الفوضى في المحافظة، وتدخلات سافرة من قبل قوى أجنبية، وانتهاك السيادة الوطنية بتنسيق مع المجلس الرئاسي واستدعاء من قبل السعودية ".

 


تعليقات
square-white المزيد في تقارير المهرية