يواصل مرض الحصبة الانتشار في أرجاء اليمن، وسط مساع محلية ودولية للحد منه، في واقع صحي متدهور جراء سنوات مريرة من الحرب.

واليوم السبت، تنطلق حملة تطعيم واسعة ضد مرض الحصبة، تنفذها الحكومة الشرعية في 13 محافظة، بالتعاون مع منظمتي الصحة العالمية واليونيسف وحلف اللقاح العالمي. 

وتأتي هذه الحملة التي تستمر لمدة ستة أيام، استجابة لوفاة العديد من الأطفال بهذا المرض. 

والحصبة هي مرض فيروسي شديد العدوى يمكن أن ينتشر بسهولة في الأماكن المكتظة بالسكان. 

ويؤثر المرض في الغالب على الأطفال دون سن الخامسة وهو خطير بشكل خاص على أولئك الذين يعانون من ظروف صحية أو مضاعفات كامنة. وعلى الرغم من أنه مرض يحتمل أن يكون مميتًا، إلا الوقاية منه ممكنة من خلال اللقاحات، بحسب منظمة أطباء بلا حدود.

وبسبب تداعيات الصراع، يعاني القطاع الصحي في اليمن تدهورا كبيرا، ونقصا حادا في المعدات الطبية والأدوية ، ما أدى إلى انتشار الأوبئة والأمراض.

 *إحصائية مرعبة وقلق أممي 

انتشار الحصبة أثار قلق المنظمات الأممية والدولية والسلطات المحلية، خصوصا مع وجود إحصائيات مفجعة بخصوص ضحايا المرض. 

قبل أسابيع ، أعلنت منظمة الصحة العالمية عن قلقها "إزاء ازدياد الحالات المُصابة بالحصبة والحصبة الألمانية بين أطفال اليمن". 

وكشفت المنظمة في بيان" أنه خلال السبعة أشهر الأولى من هذا العام، بلغ عدد الحالات المشتبه في إصابتها بالحصبة والحصبة الألمانية في اليمن ما يقارب 34,300 حالة، من ضمنها 413 حالة وفاة، مقارنة بما بلغ 27,000 حالة و220 حالة وفاة مصاحبة لها في عام 2022م".

وأوضح البيان أن " الزيادة في هذه الحالات هذا العام، تأتي في سياق التدهور الاقتصادي وانخفاض الدخل والنزوح والظروف المعيشية المكتظّة في المخيمات، إلى جانب نظام صحي مرهق، وانخفاض معدلات التحصين في ظل انعدام القدرة على الوصول لعدد كبير من الأطفال خلال حملات التحصين الروتيني".

وتعمل منظمة الصحة العالمية مع وزارة الصحة العامة والسكان اليمنية والشركاء لزيادة الدعم لتدخلات التطعيم الروتينية، من أجل الحد من المرض.

وكانت منظمة أطباء بلا حدود الدولية، أعلنت الشهر الماضي، ارتفاع حالات مرض الحصبة في اليمن، ثلاثة أضعاف، خلال النصف الأول من العام الجاري 2023.

وجاء في تقرير للمنظمة ، إنه "على مدى السنوات الثلاث الماضية، ارتفع عدد الأطفال المصابين بالحصبة والذين أُدخلوا إلى المستشفيات التي تدعمها أطباء بلا حدود في اليمن بشكل كبير".

وأضاف التقرير أنه "في النصف الأول من عام 2023 فقط، شهدت فرقنا ارتفاعًا في عدد مرضى الحصبة بلغ ثلاثة أضعاف مقارنة بعام 2022 بأكمله، إذ تم استقبال وعلاج 4 آلاف مصاب بالحصبة في مختلف أنحاء البلاد".

وأشار التقرير إلى أن" المصاعب الاقتصادية التي فاقمتها سنوات من النزاع العنيف، تجعل من الصعب للغاية على الناس في المناطق النائية دفع ثمن الوقود أو المواصلات لنقل أطفالهم إلى المستشفى عند الحاجة".

وتابع" ما يزيد الأمر سوءًا عدم وجود حملات تطعيم، ومحدودية مرافق الرعاية الصحية العامّة التي تعمل بفعالية وميسورة التكلفة، مما يجبر الناس على السفر إلى أماكن أبعد للحصول على العلاج اللازم".

ونتيجة لذلك" غالبًا ما يصل المرضى إلى المستشفيات التي تدعمها أطباء بلا حدود وهم يعانون من مضاعفات، بما في ذلك الحصبة في مرحلة متقدمة، والتي كان من الممكن تجنبها من خلال الرعاية الوقائية مثل التطعيم أو بالوصول إلى الرعاية الطبية في الوقت المناسب"، وفق التقرير.

*حظر التطعيم 

تأتي حملة التطعيم في المناطق الواقعة تحت سلطة مجلس القيادة الرئاسي، وسط استمرار حظر التحصين ضد الأمراض في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحوثيين.

وتتهم تقارير أممية وحكومية جماعة الحوثي بحظر التطعيم ضد الأمراض، ما أدى إلى استمرار انتشار الأمراض، منها الحصبة، في المناطق الواقعة تحت سيطرة الجماعة التي تعد من أكثر المناطق من حيث عدد السكان.

وسبق أن أجرى مسؤولون أمميون مباحثات متعددة مع سلطة الحوثيين، لدفع الجماعة من أجل العمل بالتطعيم، إلا أن التقدم بهذا المسار غير واضح حتى اليوم.