آخر الأخبار
لماذا نجحت الدبلوماسية العمانية في إحياء عملية السلام باليمن؟ (تقرير خاص)
طائرة الوفد العماني في مطار صنعاء
الخميس, 21 سبتمبر, 2023 - 09:37 صباحاً
على هامش المناقشة العامة للجمعية العامة، استغل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الفرصة السانحة التي جمعته بوزير خارجية عمان بدر البوسعيدي ليعبر عن ارتياحه الكبير لجهود السلطنة النشطة في تعزيز الحوار والدبلوماسية، وخاصة في اليمن.
وجرى خلال اللقاء مناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك الوضع في اليمن ومنطقة الخليج بشكل عام.
ليس غوتيريش وحده من أدلى بكلمات الشكر والثناء لقيادة السلطنة على دورها المحوري بل سبقه الكثير من الدبلوماسيين والكتاب وأصحاب الرأي خلال الساعات الماضية، من بينهم مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ الذي أعرب عن امتنانه لجهود الوساطة التي تبذلها سلطنة عمان في تسهيل الحوار بين الأطراف المتحاربة في اليمن من أجل حل القضايا الرئيسية واستئناف المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة بين الفصائل اليمنية.
وأمس الأربعاء أشار تيم ليندركينغ المبعوث الأمريكي في اليمن إلى الدور العماني، مؤكدا أن السلطنة "تلعب دورا مهما في تسهيل الزيارات بين السعودية والحوثيين، الذين هم في الرياض اليوم، وبالتالي فإن التموضع الإقليمي أساسي في التوصل إلى نتيجة إيجابية في جهود حل النزاع اليمني".
وشدد على أن ذلك الجهد "ضروري للتأكد من أن المجتمع الدولي، خاصة دول المنطقة، يتقدمون بخطى ثابتة نحو حل النزاع" في اليمن.
وبادر الكثير من الكتاب اليمنيين والعرب إلى نشر مقالات وآراء تتحدث عن الدبلوماسية العمانية ودورها المثمر في المضي باليمن نحو السلام رغم التعقيدات التي تواجهها.
وتحت عنوان "انتصار عمان في اليمن" نشرت صحيفة الأهرام المصرية مقالا للكاتب أحمد مصطفى يقول فيه: لا يمكن اعتبار زيارة وفد الحوثيين إلى السعودية هذا الأسبوع إلا خطوة على طريق إحياء عملية السلام في اليمن.
ويرى أنه بعد أيام قليلة من زيارة ولي العهد السعودي إلى سلطنة عمان، أقلعت طائرة عمانية تقل وفدا من الحوثيين برفقة وسطاء عمانيين من العاصمة العمانية مسقط إلى العاصمة السعودية الرياض.
وفي طريق عودته من قمة مجموعة العشرين في الهند، توقف الأمير محمد بن سلمان في مسقط فيما وصف بـ”زيارة خاصة”، لكن السلطان هيثم بن طارق رافقه لاحقا إلى ظفار المجاورة لليمن.
وأضاف مصطفى : لم تتطرق البيانات الرسمية في مسقط والرياض إلى القمة السعودية العمانية، لكن من الواضح أن الأزمة اليمنية والوساطة العمانية بين الحوثيين والتحالف الذي تقوده السعودية لدعم الشرعية في اليمن كانت على رأس جدول الأعمال. وتسعى عمان إلى جلب الفصائل المتحاربة في اليمن إلى طاولة المفاوضات خلف الكواليس، ويبدو أن جهودها الجادة تؤتي ثمارها.
ويذهب إلى أن سلطنة عمان تحتفظ علاقات جيدة مع جميع الأطراف المعنية، من إيران إلى المملكة العربية السعودية إلى الفصائل اليمنية. تعتبر المحادثات المباشرة بين القوى الرئيسية في الصراع اليمني، المملكة العربية السعودية، والمتمردين الحوثيين، خطوة كبيرة نحو الحل السياسي.
*جوهر استقلاليَّة الموقف العُماني
وفي سياق متصل، يقول الكاتب خميس بن عبيد القطيطي، إن السلطنة عندما تقوم بأدوارها المحورية في القضايا العربيَّة والدوليَّة فإنَّها على الدوام لا تنتظر أن تتصدَّرَ وسائل الإعلام، ولا تبحث عن معلَّقات المدائح من قِبل الأشقَّاء والأصدقاء، فهذه الأدوار والمواقف العُمانيَّة المُشرِّفة متلازمة عُمانيَّة نابعة من الأصول الثابتة الرصينة وعُمق التجربة العُمانيَّة التي تراكمت خلال تاريخها الطويل، وهو جوهر استقلاليَّة الموقف العُماني.
وأضاف في مقال بصحيفة الوطن العمانية : بالمقابل فإنَّ هذه الأدوار العُمانيَّة المُشرِّفة تفترض عدم التقليل من شأنها أو انتقاصها أو الاستخفاف بها. ولكن عِنْدما نرصد بعض التصريحات حيال الجهود العُمانيَّة في الوساطة والدَّوْر العُماني منذ بداية الأزمة في اليمن الشَّقيق، فنحن نتطلع من الأشقَّاء عدم اللمز والتقليل من تلك الجهود التي يعْلَمها الأشقاء في اليمن أوَّلًا، ولا نوَدُّ ذكرها فهي واجب إنساني عروبي أخلاقي يفترض على بلد مِثل عُمان أن يقومَ به.
وتابع : لا شكَّ أنَّ عُمان عِنْدما ذهبت إلى اليمن كان بتوافق بَيْنَ الأشقَّاء اليمنيِّين وللثِّقة التي تحظى بها سلطنة عُمان، وهي ـ بلا شك ـ تبحث عن نَشْر السَّلام والأمن والاستقرار باليمن، ولا تبحث عن أيَّة مصالح عابرة.
وأردف "ذهب الوفد العُماني في جهود الوساطة أكثر من أربع مرَّات سابقة بعد أن كانت مسقط هي الحاضن لتلك المفاوضات لسنوات، وكان وفد الحوثي يتَّخذ من مسقط قاعدة للتفاوض، وهي ـ بلا شك ـ أرضه وبلده في ظلِّ تلك الظروف التي يعيشها اليمن والحصار والصراع اللذين يضيِّقان الخناق على الأشقَّاء في اليمن، فكانت السَّلطنة هي النافذة والرئة التي يتنفَّس من خلالها إخوتنا في اليمن، وهذا بالتأكيد من صميم الواجب العروبي والإنساني والأخلاقي".
وأكد على أهمية الإشارة إلى أنَّ الوساطة العُمانيَّة كانت سببًا رئيسًا وعظيمًا في استمرار الهدنة ووقف إطلاق النار في الصراع الدَّائر في اليمن، ولولا استمرار هذه الهدنة لَمَا وصلت المفاوضات إلى هذه المرحلة المتقدِّمة اليوم، حيث اجتماع الرياض الذي يقدِّم نتائج مبشِّرة وكبيرة لإنهاء الأزمة بعون الله.
ويشير: كما أنَّ عُمان لا يُمكِن أن تفرضَ مواقفها على الآخرين في المباحثات، وتحاول بجهودها المستمرَّة تهيئة الظروف والوصول إلى نقطة النضج في المواقف لتحقيق النجاح، وهذا هو دَوْر الوسيط، وهنا تظلُّ عُمان هي بارقة الأمل والبلد الآمن لاحتواء الصراعات والخلافات بَيْنَ الأشقَّاء، والطرف الموثوق به والصَّادق دائمًا والذي لَنْ يتخلَّى عن دَوْره المحوري الكبير، وعلى الآخرين تقدير هذا الدَّوْر.
*صدق الدبلوماسية العمانية
من جانبه، يرى الكاتب الصحفي، أنيس منصور، أن "الدبلوماسية العمانية درس عالمي في علم السياسة وصناعة السلام في الشرق الاوسط، لأنها صادقة ولا تحمل أجندة خبيثة او نوايا سيئة وأطماع".
وأشاد منصور في حسابه على منصة إكس بنجاح مسقط في جمع كل الأطراف في اليمن على طاولة مستديرة.
بدوره، لفت شيخ مشايخ سقطرى عيسى سالم بن ياقوت إلى أن لدى أبناء اليمن ثقة كبيرة بدور السلطنة وقيادتها العظيمة في تحقيق السلام للبلاد والمنطقة.
وأفاد عبر حسابه على منصة إكس بأن السلام يحتاج الى الشجاعة وإلى قيادات عظيمة، وذلك لأن صناعة السلام هي مهمة عظيمة وانتصارات السلام هي الانتصارات الدائمة وقادة السلام عبر التاريخ هم القيادات الخالدة.
وأضاف: لذلك كونوا على ثقة بدور السلطنة وقيادتها العظيمة في تحقيق السلام لليمن والمنطقة.